من يحكم العراق: العامل الإسرائيلي في الإدارة العراقية
الجمل: مع اندلاع معارك البصرة دخل الحراك السياسي العراقي مرحلة جديدة تنطوي على الكثير من التعديلات الهيكلية والوظيفية التي تنذر بالمزيد من تداعيات الأزمة العراقية على البيئة السياسية الداخلية العراقية وعلى البيئة السياسية العراقية الخارجية وتحديداً دول الجوار الإقليمي العراقي.
* القوام السياسي العراقي وإشكالية الحراك الداخلي:
خططت ورسمت جماعة المحافظين الجدد المخطط المعماري المؤسسي للهياكل السياسية العراقية، واستطاعت إدارة بوش بمساعدة المتعاملين العراقيين تنفيذ هذا المخطط. وأبرز معالم القوام السياسي العراقي تحت الاحتلال تتمثل في:
• دستور عراقي تم وضعه بإشراف خبراء السفارة الأمريكية في العراق.
• مجلس رئاسي يتزعمه جلال الطالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني الداعم لانفصال إقليم كردستان عن العراق.
• مجلس وزراء يتكون من السياسيين العراقيين الموافقين على التعامل مع الاحتلال الأمريكي.
• برلمان عراقي يتكون من النواب العراقيين الموافقين على التعامل مع الاحتلال الأمريكي وعدم سن القوانين والتشريعات المعادية لسلطات الاحتلال.؟
• محكمة عليا عراقية تحتكم إلى القوانين والتشريعات التي قام بإعدادها وإصدارها اليهودي الأمريكي الجنرال غاردنر وغيره من المسؤولين الأمريكيين الذين ما زالوا يسيطرون يعلى القرار العراقي.
• الأحزاب السياسية: وتتمثل في الأحزاب السياسية التي تقر بالانخراط في العملية السياسية بما يتماشى مع توجهات سلطات الاحتلال الأمريكي.
• الانتخابات: ويتضمن قوامها ثلاثة كيانات فرعية، وهي اللجنة الانتخابية – الانتخابات البرلمانية – الاستفتاء الرئاسي. وتعمل الماكينة الانتخابية حصراً في خدمة الأطراف والقوى السياسية العراقية التي أقرت بالتعامل مع سلطات الاحتلال الأمريكي.
• المحافظات والبلديات: وتتضمن هياكل قوام الحكم المحلي العراقي الذي يمثل قاعدة النظام السياسي لعراق تحت الاحتلال. ويعمل نظام الحكم المحلي العراقي الحالي باتجاه تمهيد المسرح السياسي العراقي بما يتيح المزيد من الاستقلالية وحرية الحركة للأقاليم العراقية بالانزلاق نحو التقسيم.
• العلاقات الخارجية: وهي علاقات إقليمية ودولية تعبر عن التوجهات الأمريكية ويتم رسم خطوطها العامة والرئيسية بواسطة السفارة الأمريكية في بغداد بالتنسيق مع وزارة الخارجية الأمريكية.
• حقوق الإنسان: وتركز على توفير الغطاء لجرائم القوات الأمريكية وسلطات الاحتلال الأمريكي وتصوير أعمال المقاومة الوطنية العراقية باعتبارها تمثل الإرهاب والانتهاك لحقوق الإنسان العراقي.
• سياسات الأقليات: وتتضمن توفير الحماية للجماعات الانفصالية التي تعمل من أجل تقسيم العراق.
• المعونات الخارجية: وتركز على استقطاب الدعم الخارجي من جهة، ومن الجهة الأخرى تمويل تحويل مجراه باتجاه دعم واحتلال العراق بدلاً عن مساعدة الشعب العراقي.
* إدارة العراق: العامل الإسرائيلي:
على المستوى الظاهري المعلن تتحدث التقارير الإخبارية الرسمية عن وجود رئيس عراقي ورئيس وزراء عراقي ومجلس وزراء عراقي ومحكمة عليا عراقية ومجلس أمن قومي عراقي وقوات أمن عراقية ومحافظات عراقية، ولكن على المستوى الباطني غير المعلن والذي أصبح شبه معلن فقد تبين أن إدارة السياسة العراقية تقوم على التمييز والمفاضلة بين جانبين أو مستويين هما:
• مستوى اتخاذ القرار: ويقوم به الساسة الرسميون المتعاملون مع سلطات الاحتلال.
• مستوى صنع القرار: ويتم عن طريق المستشارين الأمريكيين الذين يقومون بإعداد القرار ووضع الخطط والسياسات بالتنسيق والارتباط المباشر مع السفارة الأمريكية.
وتقول المعلومات بأن المستشارين الأمريكيين الموجودين في العراق والذين بلغ عددهم بضعة آلاف هم بالأساس من عناصر اللوبي الإسرائيلي وتحديداً من اليهود الأمريكيين الذين يتميزون بما أطلقت عليه الصحافة الأمريكية المعارضة لحرب العراق تسمية "الولاء المزدوج"، أي الولاء لإسرائيل باعتبارها الوطن الأم والولاء لأمريكا باعتبارها البلد المضيف.
على المستوى الرسمي المعلن الذي تعترف به سلطات الاحتلال الأمريكي يوجد في العراق حالياً 15 تشكيل سياسي يسيطر على مقاعد البرلمان البالغ عددها 275 مقعداً، وهي:
• التحالف العراقي الموحد (128 مقعداً، 41.2% من البرلمان).
• التحالف الوطني الديمقراطي الكردستاني (53 مقعداً، 21.7% من البرلمان).
• جبهة الوئام العراقي (44 مقعداً، 15.1% من البرلمان).
• القائمة الوطنية العراقية (25 مقعداً، 8% من البرلمان).
• جبهة الحوار الوطني العراقي (11 مقعداً، 4.1% من البرلمان).
• الاتحاد الإسلامي الكردستاني (5 مقاعد، 1.3 من البرلمان).
• أصحاب الرسالة (مقعدان 1.2% من البرلمان).
• كتلة المصالحة والتحرير (3 مقاعد، 1.1% من البرلمان).
• الجبهة التركمانية (مقعد واحد، 0.7% من البرلمان).
• قائمة الرافدين (مقعد واحد، 0.4% من البرلمان).
• حركة الإصلاح والتقدم اليزيدية (مقعد واحد، 0.2% من البرلمان).
• كوادر ونخب الاستقلال الوطني: لا شيء.
• منظمة العمل الإسلامي في العراق – القيادة المركزية: لا شيء.
• التحالف الوطني الديمقراطي: لا شيء.
التطورات الجارية حالياً ألقت المزيد من تداعياتها السالبة على تماسك قوام المتعاملين العراقيين المسيطر على بغداد:
• العمليات العسكرية التركية أثرت على الجانب الكردي الذي يمثل 21.7% من البرلمان.
• معارك البصرة الأخيرة أقرت على الجانب الشيعي الذي يمثل 41.2% من البرلمان.
• الخلافات السنية – الشيعية أثرت على الجانب السني الذي يمثل 15% من البرلمان.
تماسك البرلمان العراقي الذي نلاحظه حالياً، هو تماسك شكلي لا يقوم على الاعتبارات الوطنية العراقية، وإنما يقوم بتأثير عوامل من أبرزها حماية المصالح الشخصية والرضوخ للضغوط الخارجية.
* تحالف المتعاملين المسيطر على بغداد: إلى أين؟
الإطار الشكلي لأي كيان سياسي يشير إلى أنه يأخذ عادة شكل الهرم، بحيث تكون القيادة في القمة والشعب في القاعدة، وبالنسبة للنموذج السياسي العراقي الحالي نلاحظ الآتي:
• توجد قمة للهرم السياسي العراقي الحالي، تتضمن مكونات تحمل من عوامل الصراع أكثر مما تحمل من عوامل التعاون والتكامل.
• توجد قاعدة للهرم السياسي العراقي الحالي، تعاني من حالة السيولة والانفراط والتشظي، وقد وصلت الأمور إلى درجة لا حاكم ولا محكوم، وذلك بسبب انفصال العلاقة والمصداقية بين نخب المتعاملين العراقيين المسيطرين على بغداد والشعب العراقي الذي أصبح متفرقاً بين نازح في العراق وهائم في دول الجوار الإقليمي.
* سيناريو ما بعد تقرير بتراوس – كروكر الأخير:
تعتبر التقارير التي قدمها أول أمس كل من الجنرال ديفيد بتراوس والسفير الأمريكي في العراق كروكر أمام الكونغرس بمثابة دعوة صريحة إلى:
• استمرار الاحتلال الأمريكي للعراق.
• استهداف دول الجوار الإقليمي العراقي وبشكل ظاهر سوريا وإيران وبشكل باطن السعودية وتركيا.
أما بالنسبة للوضع العراقي الداخلي، فقد تهرب المسؤولون الأمريكيون من تبعات نتائج معارك البصرة بين جيش المهدي وقوات الأمن العراقية، ومن الواضح أيضاً أن هذا التهرب من المسؤولية قد برر الفشل بسبب:
• عدم الإعداد والجاهزية بسبب ضعف حكومة نوري المالكي.
• التدخل الخارجي الإيراني والسوري.
وتقول التكهنات بأن حملة البصرة القادمة سيقوم بها الجيش الأمريكي والقوات البريطانية وستكون أكثر عنفاً لأنها تهدف إلى حسم الكثير من أجندة سلطات الاحتلال الأمريكي، والتي يأتي في مقدمتها ملف توزيع عائدات النفط العراقي وملف أواصر العلاقات الإيرانية – العراقية، وملف الفيدرالية كأمر واقع في العراق.
ستؤدي الحملات القادمة إلى المزيد من تفكيك النسيج الاجتماعي العراقي وقد بدأت الخطوة الأولى بتفكيك النسيج الاجتماعي السني – الشيعي عن طريق أنشطة وعمليات فرق الموت التي شاركت فيها قوات الأمن العراقية وقوات البشمركة الكردية، إضافة إلى قوات فيلق بدر وجيش المهدي نفسه. والآن ستدور الدائرة على جيش المهدي الذي أصبح هدفاً لحلفائه السابقين.
* سوريا وتداعيات جولة العنف العراقي القادم:
بسبب عدم وجود أي جوار إقليمي سوري مع جنوب العراق، فمن المتوقع أن تكون موجات اللجوء والنزوح باتجاه إيران أما التداعيات السياسية فمن المؤكد أن يحاول البعض استخدام شظاياها في استهداف سوريا. وقد بدا ذلك واضحاً في تقرير الجنرال بتراوس والسفير كروكر أمام الكونغرس وبرغم ذلك سيكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل تقديم الأدلة التي تؤكد على تورط سوريا في صراع البصرة خاصة وأن الطريق من سوريا إلى البصرة يمر ببغداد وسط العراق الذي يسيطر عليه المتعاملون العراقيون وقوات الاحتلال الأمريكي وجماعات الصحوة العراقية!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد