لماذا تحتفظ أميركا بـ 90 رأساً نووياً في تركيا؟
يذكّر المعلق طه أقيول في صحيفة <ميللييت> بالموقع المركزي لتركيا وسط محيط متفجر: العراق، إيران، سوريا، فلسطين. ويقول إن الشرق الأوسط بنفطه وأزماته وصدامه مع الغرب سيطبع بطابعه القرن الحادي والعشرين. ويقول إن البلد الأكثر ضرراً من هذه المشكلات هو تركيا. كما ان البلد الأكثر قدرة على التأثير في حل هذه المشكلات هو تركيا. لقد سعت تركيا لدى سنّة العراق ولدى حماس والآن لدى إيران.
قدّم الغرب رزمة حوافز لإيران، بدت للوهلة الأولى مفتاحاً لتحوّل نوعي في مسار البرنامج النووي الإيراني. والتصريحات الإيرانية لم تكن سلبية بل مشجعة إلى حد ما.
يقول عبد الله غول الذي أنهى الاثنين زيارته إلى إيران: ماذا سيحدث لو أن ناقلتي نفط غرقتا في الخليج؟ والإجابة هي عظائم الأمور في المجال الاقتصادي العالمي ومنه التركي، حيث تعتمد أنقرة على الاستيراد شبه الكامل لتأمين احتياجاتها من الطاقة.
هذا من جهة، أما من جهة ثانية، فترتفع بصورة مضطردة داخل الأوساط السياسية والإعلامية، مسألة وجود تسعين رأساً نووياً داخل قاعدة انجيرليك التركية. ويقول النائب عن حزب الشعب الجمهوري والسفير التركي السابق في واشنطن شكري إيليكداغ إن تركيا تقع تحت الخطر بسبب وجود هذه الرؤوس على الأراضي التركية.
يقول إيليكداغ إن هذه القنابل نُشرت في تركيا خلال الحرب الباردة من جانب الولايات المتحدة لمواجهة التهديد الشيوعي. ومع انهيار الثنائية القطبية بادرت واشنطن الى سحب العديد من الرؤوس النووية التي نشرتها في دول أوروبية إلا تلك الموجودة في تركيا فلا تزال حيث هي. والأدهى من ذلك، يقول إيليكداغ، أن واشنطن تستطيع استخدام هذه القنابل في حالة أزمات محتملة أو حرب من دون موافقة تركيا، وقد تتحول تركيا نفسها الى هدف لهذه الرؤوس النووية! ولذا ليس من أي ذريعة لاستمرار وجود هذه الرؤوس في تركيا، خصوصاً أن مثيلاتها وعددها 24 قنبلة الموجودة في اليونان قد سُحبت منها.
ويرى وزير الدفاع التركي وجدي غونيل أن هذه المسألة تدخل في إطار الموضوعات السرية التي لا تناقش علناً، فيما قال وزير الخارجية السابق والنائب الحالي عن حزب العدالة والتنمية ياشار ياكيش إن السلطات الأميركية والتركية تعرف طبيعة الأسلحة الموجودة في إنجيرليك. وفي إشارة الى وجود الرؤوس النووية قال ياكش: إن السلاح النووي يمكن أن يكون بلاءً ويمكن أن ينعكس فائدة. المهم هو استخدامه في الزمن وبالطريقة المناسبين!
بعد تقديم الغرب لرزمة الحوافز في الملف النووي، تسعى إيران لكسب الوقت من أجل تقويم أفضل لاحتمالات الرد. وهي (إيران)، تقول فرائي تينتش في صحيفة <حرييت>، أفضل من أجاد لعبة الشطرنج. وترى تينتش أن الهدف الأساسي لتركيا الآن هو عدم إسراع إيران في الرد سلباً، ودراسة الموضوع في إطار أكثر شمولية. وتركيا هي البلد الوحيد الذي يمكن أن يقنع إيران بالجلوس الى طاولة المفاوضات.
ومن الواضح أن تركيا تقوم بدور دبلوماسية المكوك. فزيارة غول الى طهران تسبق زيارته المقررة الى واشنطن حيث يجتمع في 5 تموز مع نظيرته الأميركية كوندليسا رايس ليعود من بعدها مباشرة الى طهران ليشارك في اجتماع دول الجوار الجغرافي للعراق.
وتنقل صحيفة <زمان> ان غول سيقترح أثناء زيارته لواشنطن أن تلتقي الأطراف المعنية (إيران والغرب) تحت مظلة الأمم المتحدة وفي بلد ثالث، ولا يُستبعد أن يكون غول قد اقترح على طهران أن تكون أنقرة أو اسطنبول مكاناً محايداً لهذه الاجتماعات. ولعل التقاء عبد الله غول مع جميع القيادات الإيرانية، معطوفاً على رسالة من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، يأتيان في إطار تقديم أفضل الضمانات وإشارات الثقة الى طهران، كي لا تفوّت هذه الفرصة التاريخية وعدم تحولها الى كارثة تضرب جميع الدول، وفي مقدمها... تركيا.
محمد نورالدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد