وفدعسكري أمريكي يزورلبنان لـ«صون السلام»وغداًمناقشة البيان الوزاري
اعتبارا من مساء يوم غد، ستوفر الفضائيات اللبنانية للجمهور المحلي وحتى العربي فرصة »الاستزادة« و»النهل« من المنبر البرلماني اللبناني، عندما سيذهب أكثر من نصف النواب، الى طرح عناوين تدغدغ مشاعر جمهورهم، قبل أن يمحضوا ثقتهم برفع الأيدي وبشبه إجماع للحكومة التي ولدت قيصريا كما بيانها الوزاري.
ولعل لسان حال اللبنانيين جميعا، أنهم سيكونون شاكرين للنواب الذين اختاروا معظمهم في لحظة انفلات الغرائز والعصبيات، أن يوفروا على أنفسهم عناء الكلام والأوراق وحتى أحيانا دفع المال لمن »يخيط« لهم خطابا جميلا ورناناً... لأن الوقت داهم والانتخابات على الأبواب والحكومة لن تعمر طويلا وإذا نالت الثقة غدا، بدل الثلاثاء المقبل، فهذا أوفر للناس ولها.
لن يكون مفاجئا للناس أن يكتشفوا مع أرتال »الديباجات النيابية« أن البيان الوزاري انتصار للمعارضة وللموالاة ولمن يضع نفسه بينهما(...)، لكن الأكثر مفاجأة أن يجدوا من يقيس كلمته بمدى انعكاسها إيجابا على واقعهم النفسي والسياسي والاقتصادي والمعيشي، خاصة أن الصيف الواعد يمكن أن يسحب نفسه على ما بعده إلا إذا حصلت مفاجآت غير مرتقبة.
في كل الأحوال، لم يبق من اتفاق الدوحة الا البند الأخير، وهو المتمثل بإقرار التقسيمات الانتخابية، ليصبح السؤال التالي، هل بمقدور اللبنانيين التعايش ولو بالحد الأدنى من الآن وحتى موعد الانتخابات؟
وفي انتظار ما ستحمله زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى دمشق في الأسبوع المقبل، ليبدأ من بعدها العد العكسي لالتئام هيئة الحوار الوطني بحلتها الجديدة في القصر الجمهوري، لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، كان اللافت للانتباه الزيارة المفاجئة التي قام بها، أمس، الى لبنان، قائد القيادة الوسطى الاميركية الجنرال دافيد بتراوس، على رأس وفد عسكري، وتزامنت مع اقتراب موعد بعض التعيينات الأمنية التي ستشمل قائد الجيش الجديد وأيضا مديرية المخابرات وبعض التعيينات الحساسة في القيادة العسكرية اللبنانية.
كما جاءت زيارة بتراوس، غداة إقرار البيان الوزاري الجديد، الذي لم يلق أصداء طيبة في عدد من الدوائر الغربية وخاصة في واشنطن، نظرا لما تضمنه من توكيد لحق لبنان شعبا وجيشا ومقاومة في تحرير ما تبقى من أرضهم المحتلة وكذلك الدفاع عن بلدهم في مواجهة أية اعتداءات أو تهديدات اسرائيلية.
كما جاءت الزيارة بعد تصريحات أدلى بها الرئيس اللبناني ميشال سليمان في باريس وقبلها خلال الاستقبال الرسمي للأسرى اللبنانيين المحررين وعلى رأسهم سمير القنطار، ولاقت أيضا أصداء سلبية في الدوائر نفسها.
وذكرت مصادر متابعة للتحرك الاميركي انه قبيل وصول الجنرال بتراوس الى بيروت، تسربت معلومات تفيد ان الاميركيين ابلغوا المسؤولين اللبنانيين استمرار برنامج الدعم العسكري الذي سبق وأعلنه الرئيس جورج بوش الى لبنان قبل عامين بقيمة ٣٨٠ مليون دولار تقريبا، وصلت منها دفعات متتالية، وهو برنامج لا يتضمن أي تسليح كبير وأساسي للجيش، بل تزويده بقطع غيار ووسائل نــقل وذخــائر معــينة وتدريب ضبـــاط. وأوضحت ان برنامــج المســاعدة الاميركية ما يزال كما هو من دون زيادة او نقصان.
لكن المصادر أكدت ان زيارة بيتراوس لبيروت جاءت من ضمن جولة عربية له قادته الى بغداد ليل امس، مع بدء تسلمه مهامه كقائد للمنطقة الاميركية الوسطى التي تشمل المنطقة العربية، وهي زيارة يقوم بها للمنطقة العربية أي قائد يتسلم هذه القيادة، وإنها زيارة »من باب تأكيد الاهتمام الاميركي بالجيش ليس الاّ، لكن من دون ترجمة فعلية لهذا الدعم بسلاح وعتاد يمكن أن يعزز قدرات لبنان الدفاعية بوجه التهديدات الخارجية وخاصة الاسرائيلية«.
وقد التقى بيتراوس في زيارته القصيرة كلاً من الرئيسين ميشال سليمان وفؤاد السنيورة ووزير الدفاع الياس المر، وقائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري.
وأوضحت السفارة الأميركية في بيروت ان محادثات بيتراوس »تركزت على المساعدات الأميركية للجيش اللبناني ليتمكن من صون السلام والاستقرار وحماية الشعب اللبناني«.
وعلى صعيد متصل، كشف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جوزيف بايدن أن الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة للبنان يأتي في إطار »عسكرة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، التي تنتهجها حكومة الرئيس جورج بوش«.
وأشار وكيل وزارة الدفاع للشؤون السياسية إريك إدلمان في جلسة استماع في الكونغرس الأميركي في الأسبوع الماضي، الى أن الجيش اللبناني كالبلاد نفسها، »أمامه طريق طويل للانتقال من وضع هش إلى وضع مستقر. وأن إعادة بناء القدرات العسكرية تحدٍ كبير، خصوصاً في ضوء ما يلقاه »حزب الله« من دعم إيراني فعال«.
إلى ذلك، شكلت مواضيع جلسة الثقة وزيارة رئيس الجمهورية الى دمشق يوم الأربعاء المقبل، محور المشاورات التي جرت أمس، بين الرئيس سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي زاره في القصر الجمهوري، في اطار اللقاء الأسبوعي بينهما.
وقال بري بعد اللقاء ان عدد طالبي الكلام في جلسة الثقة بلغ حتى الآن نحو ٤٠ نائبا. وأشار الى أن ذلك يشكل دليل عافية، »والمطلوب ان تعود النقاشات الى الساحة الدستورية وإلى ساحة النجمة وإلى العمل الديموقراطي بعد تأنٍ شديد ومدة طويلة، وهذه ستكون ساعة مباركة إن شاء الله«.
أضاف بري أن المجلس، كما الناس، متعطش الى تشريعات ومشاريع واقتراحات قوانين، وليس الهم الأوحد هو قانون الانتخاب. فهناك امور ملحة اكثر من قانون الانتخاب، تتعلق بالمعيشة وباتفاقات لمصلحة لبنان، وبمسألتي الأجور والإيجارات، فضلا عن امور عديدة اخرى، بحيث ينتظر النواب والمجلس النيابي ان نعمل سريعا. لذلك، فإن هذه الحكومة يمكن ان تكون ويجب ان تكون حكومة تأسيسية، خصوصا انها في بداية عهد رئيس الجمهورية.
ووصف زيارة الرئيس سليمان المرتقبة الى دمشق بأنها »زيارة مهمة جدا، لمصلحة البلدين ولمصلحة الاستقرار في المنطقة، لا سيما اننا على اعتاب وضع اقليمي متقلب، لكنه امام رؤية للمستقبل، ولا بد ان يكون لبنان شريكا اساسيا فيها«.
وردا على سؤال عما اذا كان لديه نصيحة يوجهها للرئيس فؤاد السنيورة بأن يستكمل زيارة الرئيس سليمان الى سوريا بزيارة مماثلة أجاب بري: »لقد نصحته منذ سنة، ولم يطاوعني حينها فلن أنصحه مرة ثانية«.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد