أولمرت لا يحصل على تعهد روسي بعدم بيـع صواريخ لإيـران وسوريا
أخفق رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل إيهود أولمرت، في ختام زيارة »تراض« قصيرة لموسكو استمرت يوماً واحداً، في انتزاع تعهد صريح من الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بعدم تزويد كل من إيران وسوريا بصواريخ »اس ـ ٣٠٠« التي قد تمس بتفوق إسرائيل الجوي، وإن اتفقت الدولتان على »رفع مستوى الحوار الاستراتيجي بينهما«.
وكانت زيارة أولمرت للعاصمة الروسية قد تقررت إثر الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس بشار الأسد لموسكو قبل شهرين. واتصل ميدفيديف بأولمرت قبل أيام، لحثه على القيام بالزيارة برغم استقالته من منصبه. وفي ذلك ما يشير إلى أن الزيارة كانت حاجة للطرفين، حيث إن روسيا تسعى في الآونة الأخيرة لتكثيف حضورها الدولي وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وهو ما تبدى في الاتفاق على تشكيل لجنة للحوار الاستراتيجي بين الدولتين.
وأشارت مصادر روسية وإسرائيلية بارتياح إلى أن زيارة أولمرت للعاصمة الروسية تمت بخلاف الرغبة الأميركية، موضحة أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس ضغطت على أولمرت من أجل عدم إتمام هذه الزيارة، إلا أنه رفض. وهذا ما حدا
بمسؤولين روس إلى القول إن الولايات المتحدة فشلت في محاولتها عزل روسيا، معتبرة أن إسرائيل أثبتت أنها ليست »مجرد نجمة أخرى في العلم الأميركي وأن لها مصالحها الخاصة«.
وأعرب الرئيس الروسي عن هذا التوجه في مستهل لقائه مع أولمرت، بقوله إن »روسيا ستواصل أداء دور مهم في المنطقة« مشدداً على أهمية استمرار تعميق الصداقة والعلاقات بين الدولتين، كما أشار إلى أن »بيننا أساساً اقتصادياً جيداً ومستقراً، وآمل أن نطور مشاريع إنسانية مشتركة«. وشكر ميدفيديف إسرائيل لإعادتها للحكومة الروسية ملكية مجمع سيرغي في المسكوبية في القدس المحتلة.
وبدا واضحاً في كلام أولمرت أمام ميدفيديف، أسباب المراضاة الإسرائيلية لموسكو. فقد قال إن »روسيا قوة عظمى عالمية، ولأنها كذلك فإن وزنها في القضايا الإقليمية، كما في الشرق الأوسط والقضايا العالمية، مهم جداً لإسرائيل«.
ولوحظ أن التركيز في زيارة أولمرت للعاصمة الروسية كان على المحادثات التي أجراها مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فيما بدت محادثاته مع ميدفيديف أكثر رمزية.
وقال أولمرت للصحافيين بعد لقائه ميدفيديف »ناقشنا قضايا بيع الأسلحة، أو احتمال بيع الأسلحة« مضيفاً »شعوري هو أن الحكومة الروسية على أعلى مستوياتها تتفهم جيداً الموقف الإسرائيلي وتدرك العواقب المحتملة التي سيحدثها إرسال الأسلحة على الاستقرار في المنطقة«. وتجنب أولمرت الإجابة مباشرة على سؤال عما إذا كانت روسيا قد وافقت على عدم بيع إيران نظام الدفاع الصاروخي من طراز »أس ـ ٣٠٠«، مشيراً الى أن ميدفيديف قال إنه »يعارض إيران نووية« كما أنه »انتقد بشدة« التصريحات المعادية لإسرائيل التي يدلي بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وتابع ان ميدفيديف »قال إن سياسة روسيا ستستمر على مبدأ ألا تضر بأمن إسرائيل مهما تكن الظروف«.
وأشار أولمرت الى أن إسرائيل وروسيا اتفقتا على إقامة منتدى »لرفع مستوى الحوار الاستراتيجي بينهما« ومناقشة مبيعات السلاح الروسية. وقال »اتفقنا على تحديث علاقاتنا الاقتصادية والدفاعية والإستراتيجية. واتفقنا على استحداث آلية جديدة لضمان وجود اتصالات مستمرة بشأن هذه القضايا« لافتاً الى أن ميدفيديف قال إنه »يقدّر موقف إسرائيل الحذر والمسؤول خلال أزمة القوقاز«.
في المقابل، أصدر الكرملين بيانا أشار فيه الى أن ميدفيديف أشاد بـ«التعاون الاقتصادي بين الدولتين«.
وتحدث أولمرت عن العلاقة الحميمة التي تجمعه برئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، موضحاً أنه تلقى منه اتصالاً هاتفياً يأسف فيه »بعمق« لعدم قدرته على لقائه هذه المرة.
وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن أولمرت أثار، خلال لقائه لافروف وميدفيديف، قضايا تسليح إيران وسوريا ووصول بعض الأسلحة لحزب الله. وجرى التركيز على وجه الخصوص على المشروع النووي الإيراني، الذي برز علناً الموقف الروسي المناهض لأي عمل عسكري إسرائيلي ضده.
وأثناء لقاء أولمرت بلافروف، تحدث عن العملية السلمية مع سوريا، معتبراً أن »من المهم أن تبذل روسيا كل ما في وسعها من أجل منع انتقال الأسلحة من سوريا إلى جهات إرهابية في لبنان«. وركز أولمرت على أن النضال ضد المشروع النووي الإيراني هو مصلحة للعالم الغربي بأسره وليس لإسرائيل فقط، كما طالب روسيا بالعمل على إيقاف مشروع تخصيب اليورانيوم الإيراني.
ويمكن القول إنه برغم المطالب الإسرائيلية العديدة من روسيا بشأن تسليح إيران وسوريا، فإن الآمال بالتجاوب معها كانت ولا تزال محدودة. ويمكن القول أيضا إن الهدف الأساسي من الزيارة هو تقليص المخاطر والأضرار أو تأجيلها لا منعها. فإسرائيل ترى كيف أن منظومة العقوبات التي حاولت إنشاءها مع الدول الغربية ضد المشروع النووي الإيراني تنهار، وهي تعلم أن روسيا أدت دوراً كبيراً في انهيار هذه المنظومة، بسبب تناقض تقديرها مع الغرب بشأن نوايا إيران والموعد المفترض لامتلاكها قدرة نووية عسكرية.
وعلى هامش زيارته للعاصمة الروسية، تحدث أولمرت للصحافيين المرافقين له، مشيراً الى أن إسرائيل ليست على استعداد لأن تقبل بحيازة إيران سلاحاً نووياً. وأضاف »لم يسبق لي أبداً أن أعلنت أن في نية إسرائيل مهاجمة إيران، ولم أعرض أي إطار محدد لعمل عسكري، ولم أقترح تاريخاً لذلك. بل على العكس، اعتقدت أن هناك مبالغة في التصريحات الإسرائيلية بهذا الشأن« مكرراً أن إسرائيل لن تسلّم بأن تعرّض إيران وجودها للخطر »ولكن إسرائيل جزء من منظومة دولية وهي لا تقود خطوة كهذه. فالمسؤولية ملقاة على عاتق القوى العظمى«.
وألمح إلى أن ميدفيديف تحدث بنبرة فظة عن الرئيس الإيراني، لكن أولمرت عجز عن تقديم أي نتيجة عملية لزيارته لموسكو التي لم تتعهد حتى بإلزام إيران بالانصياع لقرارات مجلس الأمن الدولي.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد