الزراعة: رفع الدعم عن الأسمدة وأسعارها ارتفعت 200%
جاء وقع القرار الحكومي بتحرير أسعار الأسمدة ورفع الدعم عنها كالصاعقة على الفلاحين، ولاسيما أن هذا القرار رفع من قيمة الأسمدة إلى نسبة 200% في بعض أنواعه، وقد أتى هذا القرار الجديد ليتماشى مع أسعار السماد في الدول المجاورة، بعد أن كانت الحكومة السورية تدعم السماد لغاية مطلع هذا الشهر، مقرة بخسائرها الكبيرة بسبب هذا الدعم، الذي انعكس على اقتصادها العام وعلى المصارف الزراعية بالأخص.
ولم تكن هناك أي مؤشرات سابقة توحي بهذا الارتفاع الكبير والمفاجئ، باستثناء توصيات رئاسة مجلس الوزراء الأخيرة التي تم توجيهها إلى المصارف الزراعية لموافاتها بدراسات جديدة لجدول الاحتياج من كميات وأسعار الأسمدة المخصصة للدونم الواحد.
وبحسب ما قررته اللجنة الاقتصادية في اجتماعها المنعقد بتاريخ 30/3/2009، والذي تم تعميمه من قبل المدير العام للمصرف الزراعي التعاوني على مصارف القطر الزراعية فإن سعر التكلفة الوسطى لسماد «سوبر فوسفات 46%» 22037 ليرة للطن، وسعر مبيعه 23900 ليرة للطن، بعد أن كان يباع ضمن التسعيرة القديمة بـ8160 ليرة فقط، بينما بلغ سعر التكلفة الوسطى لسماد اليوريا 46% 16577 وسعر مبيعه 18000، بعد أن كان يباع بـ8900 ليرة للطن الواحد، وبلغ سعر التكلفة الوسطى لنترات الأمونيوم 33.5% 14182، وسعر مبيعه 15400، بعد أن كان سعر مبيعه 6500 ليرة للطن، على حين حدد سعر التكلفة الوسطى لسماد نترات الأمونيوم 30% بـ7980 ليرة للطن، وسعر مبيعه 880 ليرة للطن، وكان يباع بـ5800 ليرة للطن فقط، وأخيراً فإن سعر التكلفة الوسطى لسماد سلفات البوتاس 50% بلغت 53145 ليرة للطن، وسعر مبيعه الجديد 57200 ليرة، وكان يباع ضمن التسعيرة القديمة بـ12500 ليرة للطن الواحد.
«الوطن» التقت المهندس عدنان الشوا مدير المصرف الزراعي في دير الزور واطلعت منه على حيثيات عمل المصرف ضمن الأسعار الجديدة للأسمدة، حيث أشار إلى وفرة الأسمدة بكل أنواعها وفق التنظيم والرخص الزراعية لتنفيذ الخطة المقررة في المحافظة والقطر عموماً، وأشار إلى منطقية السعر الجديد قياساً على مثيله في الدول المجاورة، وأن الهامش الربحي قليل جداً قياساً على سعر المبيع، مؤكداً بوجود مبالغات سابقة من قبل الفلاحين في استجرار الأسمدة ولاسيما مع أسعارها السابقة المتدنية والتي تكبد المصارف الزراعية مئات الملايين من الليرات سنوياً، وذكر الشوا أن لا خيار أمام الفلاح فيما يخص الأسمدة سوى شرائها واستخدامها لخدمة منتجاته الزراعية، إلا أنه أكد بالمقابل أن رفع السعر سيؤدي حتماً إلى تغيير ثقافة الفلاح الزراعية والمبنية على أسس خاطئة أهمها أن الزراعة الناجحة تعني سماداً وفيراً فقط، متجاوزاً وجود عوامل أخرى كثيرة تسهم في إنجاح المحاصيل الزراعية مهما كانت، وفيما يخص العمل المصرفي فإن شكاوى كثيرة أتت على ألسنة الفلاحين تشير إلى قلة مخصصات الدونم الواحد من السماد، ونحن حالياً بانتظار منعكسات رفع الدعم لمعرفة الواقع الجديد.
الفلاحون الذين التقيناهم كان لهم حديث آخر مختلف تماماً عن التصريحات الرسمية، حيث أشار أغلبيتهم إلى استحالة شراء كامل الأسمدة المقررة لمساحاتهم الزراعية وفق الرخص الخاصة، مشيرين إلى أن الحل الوحيد مستقبلاً هو تخفيض كميات الأسمدة نظراً لعجزهم المالي أمام الأسعار الجديدة، مع اعترافهم بأن كلفة الدونم الزراعي الواحد ستقفز إلى أضعافها، وأن قرار تخفيض سعر ليتر المازوت لم يعد يعني الكثير قياساً على مستلزمات العمل ضمن حقولهم الزراعية، وألمح بعضهم إلى ضرورة تدخل صندوق دعم الإنتاج الزراعي في دعم المزارعين المنتجين «وهي الشائعة الأقوى حالياً في الوسط الفلاحي»، وفيما لو تم هذا الدعم فإن المتاجرة بالأسمدة التي يعتمدها البعض ستنتهي حكماً، وهذا مبني على أساس تقديم الدعم للفلاح المنتج فقط، على حين أكد بعضهم ممن أصرَّ على عدم ذكر اسمه، بأنهم سيتجهون إلى عدم الالتزام بالخطط الزراعية، وربما التحول من الزراعة إلى أعمال أخرى مهما كانت، لأن الكلفة أصبحت عالية، ولا توجد صورة واضحة عن سعر مبيع المواسم الزراعية التي ربما لن تتناسب مع الكلفة الكاملة للموسم.
فيما أكدت وزارة الزراعة أن منعكسات تحرير أسعار الأسمدة على أسعار المنتجات الزراعية بعد حساب التكلفة الفعلية للإنتاج عند أسعار سماد مدعوم ومحرر بسيطة جداً حيث بلغت الزيادة 240 قرشاً/كغ للقمح المروي و180 قرشاً للشعير و230 للحمص و180 للعدس و212 للقطن و50 للشوندر و100 للبندورة و200 قرش للبطاطا.
وأضافت الزراعة: إن الدراسة التي أجرتها بعد صدور قرار تحرير أسعار السماد وتخفيض سعر المازوت من 25 إلى 20 ليرة للتر، أشارت إلى أن المحروقات تشكل ما نسبته 20% من تكاليف إنتاج المحاصيل البعلية و35% للمحاصيل الصيفية وعليه فإن الزيادة المحققة نتيجة تحرير أسعار السماد تعادل الوفر الحاصل بتكاليف الإنتاج من خلال تخفيض أسعار المازوت موضحة أن قرار تحرير أسعار الأسمدة جاء لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في استيراد هذه المادة وبيعها بالأسعار الرائجة حيث سبق للحكومة السماح للقطاع الخاص باستيراد الأسمدة منذ أعوام إلا أن الكميات المستوردة من الخارج كانت قليلة مقارنة مع ما تؤمنه الدولة من كميات كبيرة وبأسعار منخفضة.
أما الآن وبعد تحرير صدور قرار التحرير أصبح بإمكان جميع القطاعات تأمين الأسمدة بأنواعها وأشكالها وأسعارها الرائجة والدخول إلى حلبة المنافسة من الباب العريض بالشكل الذي يعود بالنفع والفائدة على المزارع الذي سيكون المستفيد الأول والأخير من عملية المنافسة التي ستمكنه من الحصول على الكميات التي يريد بأدنى الأسعار، مشيرة إلى أن الدولة مازالت مستمرة في خطتها الزراعية القائمة على الاستمرار في توفير الكميات اللازمة من السماد للقطاع الزراعي وبيعها بالأسعار المحررة لا التخلي وتأمينها.
وائل حميدي- غصوب عبود
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد