المعلن وغير المعلن في جولة دنيس روس إلى المنطقة
الجمل: تقول المعلومات والتقارير الصادرة من العاصمة الأمريكية واشنطن بأن دنيس روس مبعوث السلام الأمريكي السابق في الشرق الأوسط الذي يتولى حالياً منصب مستشار الخارجية الأمريكية الخاص لشؤون الخليج العربي وجنوب غرب آسيا سيقوم بجولة تعتبر هي الأولى بعد توليه منصبه الجديد وما كان لافتاً للنظر أن تصريحات الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية اتسمت بالغموض إزاء جولة روس وكان يكرر أمام الصحفيين عبارة "سنوافيكم بالمعلومات لاحقاً..."!
* ماذا تقول المعلومات؟
سيبدأ دنيس روس يوم السبت القادم بزيارة دولة البحرين وبعدها إلى السعودية وقطر والإمارات وعُمان، وتقول المعلومات أنه لن يلتقي بالإيرانيين وستنحصر مهمته في:
• عقد اللقاءات مع المسؤولين في البلدان التي سيزورها.
• عقد اللاءات مع السفراء الأمريكيين الموجودين في المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن زيارته للمنطقة تأتي بعد جولة جورج ميتشل مبعوث السلام الأمريكي الخاص للشرق الأوسط الذي زار العاصمة السعودية الرياض والتقى بالعاهل السعودي الملك عبد الله وتفاهم معه حول مبادرة السلام السعودية ومدى انسجامها مع التطورات الميدانية الجارية في الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية.
* ماذا يحمل جدول أعمال دنيس روس؟
أشارت التسريبات برغم غموضها إلى الجانب المعلن الذي ستتضمنه أجندة جولة دنيس روس ولقاءاته في منطقة الخليج وعلى أساس هذه الخلفية يمكن الإشارة إلى هذه الأجندة على النحو الآتي:
• الأجندة المعلنة وتتضمن:
- استعراض توجهات السياسة الخارجية الأمريكية الخاصة بالإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة.
- مناقشة المسؤولين في المنطقة حول القضايا ذات الأولوية بالنسبة للإدارة الأمريكية الجديدة.
- تفقد البعثات الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة.
• الأجندة غير المعلنة:
- استطلاع ردود أفعال زعماء المنطقة حول توجهات السياسة الخارجية الأمريكية.
- تمهيد المسرح باتجاه إعادة تجميع المعتدلين العرب وإكسابه قوة وزخماً لجهة الدفع باتجاه تسويق العداء لإيران.
- محاولة الدفع باتجاه تحقيق التكامل بين المسرح الدبلوماسي الخليجي والمسرح الدبلوماسي الشرق متوسطي.
- الدفع باتجاه عرقلة مساعي جهود المصالحة العربية بين سوريا ودول الخليج وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية.
- التعرف عن قرب على مكونات الخارطة السياسية الخليجية ومدى ملاءمتها ومرونتها لتقبل الصدمات الجديدة التي سيكون أبرزها التمهيدات لجولة جديدة من التصعيد الدبلوماسي ضد إيران وسوريا وحزب الله وحركة حماس.
- استطلاع مدى قابلية الدول الخليجية للقيام بتمويل مخططات الدبلوماسية الأمريكية في المرحلة القادمة.
- استطلاع مدى قابلية توريط دول الخليج العربي في علاقات تعاون إقليمي واسعة النطاق تشمل الهند – أفغانستان – تركمانستان – تركيا – أوزبكستان لجهة تشديد الضغوط ضد إيران.
- استطلاع مدى قابلية دول الخليج للانخراط في الحملة المعادية لإيران وحلفائها في المنطقة والتي بدأتها المغرب بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران ومصر بالحملة التي تنفذها ضد حزب الله.
وتجدر الإشارة إلى أن جدول أعمال روس في الخليج وجنوب غرب آسيا لن يكون معزولاً عن جدول أعمال السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية والتي ما زال يسيطر عليها مفهوم الشرق الأوسط الكبير الذي وضعه خبراء اللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد وتبنته إدارة بوش الجمهورية السابقة.
* ما هي فرضية دبلوماسية دنيس روس؟
من المعروف أن دبلوماسية المبعوث الخاص والمستشار الخاص يندرج دائماً ضمن مفهوم الدبلوماسية الوقائية بمعناها العام ولكن وفقاً لمبدأ ازدواجية المعايير فإن نفوذ الدبلوماسية الوقائية المثالية سيظل يفرض حضوره القوي على الدبلوماسية الوقائية الأمريكية الشرق أوسطية وباختصار:
• سيسعى روس لانتقاد المعطيات والحيثيات الميدانية التي تتيح له بناء الذرائع لدفع عملية صنع القرار داخل الخارجية الأمريكية باتجاه جعل دبلوماسية الإدارة الأمريكية الجديدة تمضي في نفس توجهات الإدارة السابقة.
• الدفع باتجاه بناء المزيد من الروابط مع إسرائيل ودول المعتدلين العرب عن طريق استثمار ملف فزاعة الخطر الإيراني ضد المنطقة.
• الدفع باتجاه إثناء إدارة أوباما لجهة تأجيل ملف عملية سلام الشرق الأوسط ومفاوضات السلام السورية – الإسرائيلية والتفرغ بالكامل للاهتمام بالملف الإيراني بما يتيح لدنيس روس تحقيق الآتي:
- تأجيل ملف عملية سلام الشرق الأوسط سيقلل من احتمالات الصدام وتصاعد الخلافات بين حكومة نتينياهو – ليبرمان وإدارة أوباما.
- إعطاء الأولوية للملف الإيراني سيحقق التقارب بين حكومة نتينياهو – ليبرمان وإدارة أوباما.
على هذه الخلفية تبدو لنا بوضوح الفرضية التي تعمل من أجل تحقيقها دبلوماسية روس في المنطقة وتشير التحليلات إلى أن مشروع دبلوماسية روس الوقائية ستشكل المعالم والخطوط العامة الرئيسية للآتي:
• توجهات استراتيجية الأمن القومي الأمريكي إزاء الشرق الأوسط.
• توجهات الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط.
• توجهات دبلوماسية البيت الأبيض الأمريكي إزاء الشرق الأوسط.
لكن برغم جهود عناصر اللوبي الإسرائيلي داخل الإدارة الأمريكية: دنيس روس – شابيرو – فيلتمان وغيرهم، فإن العيب الأساسي يتمثل في نقطة الضعف الدبلوماسية العربية التي تفتقر إلى الرؤية الوقائية التي تستبدل ما هو استراتيجي بما هو تكتيكي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد