استكمالاً لاتفاق الدوحة لقاء جنبلاط بنصر الله
شهدت الساحة السياسية اللبنانية اختراقاً جديداً الجمعة، بالإعلان عن لقاء جمع في وقت متأخر من ليل الخميس الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي يعتبر أحد أبرز قادة المعارضة في البلاد، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، أحد زعماء قوى الأكثرية النيابية.
جاء اللقاء، وهو الأول بين الرجلين منذ ثلاث سنوات، ليكسر حدة الاصطفاف السياسي بين الأكثرية والمعارضة بعد الانتخابات، وليخفف التشنج الكبير بين الطائفة الدرزية التي يقودها جنبلاط، والحزب الشيعي، بعد المعارك الدموية بينهما في مايو/ أيار 2008، وقد وجه جنبلاط بعد اللقاء، نداءً إلى "عرب 48" داخل إسرائيل.
واكتفى أطراف الاجتماع ببيان مقتضب، أشاروا فيه إلى أن اللقاء شهد "مراجعة معمقة للمرحلة السابقة في محطاتها المختلفة، ونقاشاً لآفاق المرحلة المقبلة في لبنان والمنطقة."
وذكر البيان أن الطرفين "أكدا على ضرورة العمل سوياً من أجل الانتقال بلبنان والمنطقة، من حالة التأزم إلى حالة التعاون بين الجميع، بما يحصن لبنان وشعبه في مواجهة الاستحقاقات الكبرى القادمة، كما اتفقا على استمرار التواصل والتشاور خلال المرحلة المقبلة."
ونقلت قناة "المنار"، التابعة لحزب الله، عن مصادر مطلعة على أجواء اللقاء قولها إن الاجتماع شهد "صراحة تامة وغسل قلوب واقعية."
وبحسب القناة، فقد جرى التمهيد للقاء عبر مراحل بعد اتفاق الدوحة، الذي أنهى مواجهات مايو/ أيار العام الماضي، وذلك عبر فتح قنوات اتصال بين الطرفين، وحصول اجتماع "أمني - سياسي" بين قياديين من الحزبين، ولفتت إلى أن اللقاء جرى دون مشاركة أي من مساعدي نصر الله أو جنبلاط، بهدف "حصول النقاش بحرية وصراحة أكثر."
من جهته، قال مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي، رامي الريّس، إن الاجتماع كان "بهدف الدخول إلى مرحلة سياسية جديدة لطي الصفحة الماضية"، كما كان هناك قراءة لوضع المنطقة على ضوء خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، و"سبل تحصين الساحة الداخلية لمواجهة المخاطر الاسرائيلية"، وفقاً لموقع الحزب الإلكتروني.
من جهته، رأى عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي، بهاء أبو كروم، أن لقاء جنبلاط ونصر الله سيتبعه لقاء آخر بين الأمين العام لحزب الله ورئيس كتلة المستقبل، سعد الدين الحريري، الزعيم الأبرز في الأكثرية النيابية والطائفة السنّية.
واعتبر أبو كروم أن اللقاء يجب "ألا يعطى أكثر مما يحتمل"، واصفاً إياه بأنه "تهدئة سياسية"، مؤكداً على أن قوى الأكثرية ليست بعيدة عن أجواء الحوار مع المعارضة، ليبدد بالتالي الترجيحات بإمكانية حصول خلاف بين أركان تلك القوى على خلفية تباين وجهات النظر.
ومن المرجح أن يكون اللقاء بين جنبلاط ونصر الله قد تطرق إلى الشق الأمني المرتبط بوجود مراكز لحزب الله في قرى يتواجد فيها الشيعة، ضمن المناطق التي تقطنها غالبية درزية بجبل لبنان، إلى جانب الشق السياسي المتمثل في الموقف من اختيار رئيس جديد لمجلس النواب، وتشكيل الحكومة، والنقاش حول سلاح حزب الله.
وبعد اللقاء بساعات، برز توجيه جنبلاط رسالة على شكل "نداء الى عرب 1948"، اعتبر فيه أن "القضية الفلسطينية، والصراع العربي - الاسرائيلي، "يمران بمنعطف خطير، يتحدد على أساسه مستقبل هذه المنطقة، على ضوء التحديات الكبرى التي تفرضها المواقف الإسرائيلية، التي تصر على التطرف المطلق، وتضرب عرض الحائط كل مساعي التسوية، بل تذهب أبعد من ذلك، من خلال رفض تجميد الاستيطان وطرح الدولة اليهودية."
ودعا جنبلاط من وصفهم بـ"أهلنا في فلسطين المحتلة، بمختلف طوائفهم ومذاهبهم وانتماءاتهم"، إلى "وعي مخاطر هذه المخططات العدوانية، وعدم الانجرار وراء أي أعمال عنفية طائفية."
وتابع: "لقد كشف ثنائي (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو - (وزير الخارجية أفيغدور) ليبرمان، عن الشروط التعجيزية لأي تسوية في قضية الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، ودفنا بذلك كل آفاق التسوية، من خلال إصرارهم على يهودية دولة إسرائيل، وعدم الاعتراف بدولة فلسطينية إلا اذا كانت منزوعة السلاح، واستمرار سيطرتهم على القدس، ورفض عودة اللاجئين، ومواصلة سياسة التوسع الاستيطاني."
يُشار إلى أن لجنبلاط بعض التأثير المعنوي لدى الشريحة الدرزية في إسرائيل، بحكم العلاقات العائلية والروابط التاريخية بينهم وبين دروز لبنان، وقد سبق أن طالبهم برفض الخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي.
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد