الفرضيات الرئيسية إزاء سبر المستقبل العراقي
الجمل: تنهمك العديد من مراكز الدراسات الأمريكية هذه الأيام في إعداد الدراسات والبحوث التي تحاول التعرف على ملامح الوضع العراقي المحتملة في حالة انسحاب القوات الأمريكية ومن الواضح أن الإدراك الأمريكي الذي عكسته هذه الدراسات أصبح ينطوي على قدر كبير من الرهانات المتعاكسة.
* الفرضيات الرئيسية إزاء سبر المستقبل العراقي:
يمكن تصنيف الفرضيات التي حاولت التأسيس لرسم شكل المسهد العراقي خلال فترة ما بعد الانسحاب الأمريكي إلى ثلاثة:
• الأولى سعت إلى التأكيد على الرهان المتشائم الذي يقول أن سيناريو الاضطراب والفوضى والعنف السياسي والطائفي سيكون ضروري الحدوث في حالة الانسحاب الأمريكي ويجد هذا الاتجاه مساندة ودعم صقور الإدارة الأمريكية.
• الثانية سعت إلى التأكيد على الرهان المتفائل الذي يقول بأن سيناريو الاستقرار سيكون ضروري الحدوث في حالة الانسحاب الأمريكي طالما أن الاحتلال هو سبب المشكلة ويجد هذا الاتجاه مساندة عدد قليل من رموز الإدارة الأمريكية والكونغرس.
• الثالثة سعت إلى التأكيد على الرهان الحذر الذي يقول بأن سيناريو الخروج النهائي للقوات الأمريكية سيترتب عليه المزيد من المخاطر وأن سيناريو البقاء النهائي للقوات الأمريكية سيترتب عليه المزيد من المخاطر، وبالتالي فمن الأفضل التوصل لصيغة تجمع الانسحاب بالبقاء بما يتيح للقوات الأمريكية مراقبة الأوضاع عن كثب مع البقاء قريباً من مسرح الأحداث بحيث تتدخل بالشكل السريع الفاعل المطلوب لإخماد المخاطر والقضاء عليها لحظة ظهورها.
الدراسات والبحوث الأمريكية الجارية على نسق الفرضيات الثلاثة برغم أنها لم تأخذ شكلها النهائي إلا أنها ستمارس تأثيراً كبيراً على دوائر صنع القرار الأمريكي في العراق خاصة وأن مراكز الدراسات التابعة للديمقراطيين تقوم حالياً بدور نشيط في هذه العملية وعلى وجه الخصوص مركز دراسات مجلس العلاقات الخارجية ومركز التقدم الأمريكي ومؤسسة بروكينغز ومؤسسة الراند وما شابهها.
* خارطة المخاطر المحدقة بمستقبل الوضع العراقي:
رصدت دراسات وبحوث مراكز الدراسات الأمريكية العديد من المخاطر التي سعت إلى استخدامها من أجل تعزيز فرضيات سيناريوهات ما بعد الانسحاب الأمريكي وعلى وجه الخصوص السيناريو المتشائم القائم على رهان عدم استقرار العراق بعد الانسحاب، هذا ويمكن الإشارة إلى أبرز المخاطر على النحو الآتي:
• تجدد العنف الإثنو-طائفي بسبب الوجود المكثف لعمليات التعبئة الفاعلة وعلى وجه الخصوص بين السنة والشيعة.
• ارتداد النظام السياسي باتجاه الشمولية بسبب وجود العديد من الأطراف العراقية الساعية بشكل حثيث للصعود والسيطرة على السلطة وفق أجندة شمولية تتضمن ليس عدم الاعتراف بالأطراف السياسية الأخرى وإنما العمل من أجل إقصائهم واستئصال وجودهم من المسرح العراقي.
• اندلاع الصراع العربي – الكردي بسبب تصاعد التوترات حول تحديد مصير مناطق التماس بين الأطراف المطالبة بالإبقاء على هذه المناطق ضمن وسط العراق والأطرف المطالبة بضمها إلى كردستان.
• اندلاع الصراع العربي – الإيراني بسبب ارتباط بعض القوى العراقية وتحديداً الحركات الشيعية بالروابط العسكرية والأمنية والسياسية والدينية مع إيران في مواجهة الحركات السنية العراقية والأكراد المعارضين للوجود الإيراني في العراق.
• تداعيات الصراع الإيراني – الإسرائيلي على خلفية احتمالات أن يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات الإيرانية – الإسرائيلية بحيث تلجأ إسرائيل لاستخدام الأطراف الثالثة في دعم خصوم إيران العراقيين للقيام باستهداف حلفاء إيران العراقيين.
أشارت التحليلات التي تضمنتها الدراسات والبحوث إلى أن اشتعال الساحة العراقية المتوقع بعد انسحاب القوات الأمريكية هو اشتعال سيترتب عليه إلحاق الأضرار والخسائر بالمصالح الحيوية الأمريكية في المنطقة وعلى الأغلب أن تتضمن الأضرار ما يلي:
• القضاء على جاذبية نموذج العراق الديمقراطي الذي سعت واشنطن إلى تعزيزه ودفع بلدان المنطقة الأخرى إلى تبنيه.
• الإضرار بمصداقية أمريكا الإقليمية والدولية بسبب تحملها مسؤولية عدم استقرار العراق.
• تعريض المصالح النفطية الأمريكية في الخليج العربي والسعودية إلى خطر الاستهداف بواسطة العناصر والجماعات المسلحة المعادية لأمريكا، والتي بالتأكيد سوف لن تبقى داخل العراق بعد خروج القوات الأمريكية منه وإنما ستعمل على ملاحقة القوات الأمريكية والمصالح الأمريكية في بقية المناطق في الخليج والسعودية.
• إضعاف قوة الردع الأمريكي لأن مشهد خروج القوات الأمريكية من العراق سيكون على غرار نموذج انسحاب وخروج الطرف المهزوم.
• سعي خصوم أمريكا في المنطقة والبلدان الأخرى إلى تبني نموذج المقاومة المسلحة العراقية وعلى وجه الخصوص الجماعات اليابانية المعارضة للوجود العسكري الأمريكي في اليابان، والجماعات الكورية الجنوبية والجماعات الألمانية وغيرها من الجماعات المنتشرة في البلدان التي توجد فيها قواعد عسكرية أمريكية.
• تزايد الضغط على إسرائيل لأن المسلحين الموجودين في العراق ستكون مهمتهم القادمة توجيه الضربات ضد الإسرائيليين.
• زعزعة الاستقرار في لبنان لأن العديد من العناصر المسلحة المتمركزة في العراق سيسعى للتمركز في لبنان للاستعداد لتنفيذ العمليات ضد الإسرائيليين والمصالح الغربية في لبنان.
حتى الآن لم تتضح بعد النتيجة النهائية لجهود مراكز الدراسات الأمريكية لمعنية بالشأن العراقي وعلى وجه التحديد شكل التوصيات النهائية التي ستركز بشكل رئيسي على تقديم التوصيات لتعزيز قدرات الأمن الوقائي الأمريكي في حالة الانسحاب وتعزيز الأمن العلاجي في حالة البقاء بما يمكن أن يترتب عليه تزايد عمليات المقاومة ضد الأمريكيين والمصالح الأمريكية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد