لوبي إسرائيلي جديد بأميركا
لم يمض على إنشاء اللوبي الإسرائيلي الجديد جي ستريت بأميركا سوى عام واحد, ورغم ذلك وصل أعضاؤه 100 ألف وتمكن من جمع عدة ملايين من الدولارات من تبرعات المعجبين بنهجه, بل يقول مسؤولوه إنه هو الممثل الحقيقي للسواد الأعظم لليهود الأميركيين رغم اختلافه مع السياسات الإسرائيلية.
وتهدف جي ستريت إلى تسليط الضوء على موقف "موال لإسرائيل وموال للسلام في آن واحد" موقف يكون متماشيا مع سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما في هذا الصدد, وهو ما فتح عليه بابا واسعا من الانتقادات خصوصا بين اللوبيات الإسرائيلية الكبيرة بأميركا.
وتستمد جي ستريت اسمها من شارع بواشنطن بنفس الاسم سقط اسمه من أسماء الشوارع التي تظهر على شبكة طرق واشنطن, وبالتالي يريد القائمون على هذه الهيئة أن تمثل الصوت المفقود في نقاشات السياسة الأميركية الخاصة بالشرق الأوسط في واشنطن.
وفي لقاء أوباما, كعادة كل الرؤساء الأميركيين برؤساء المنظمات المدافعة عن إسرائيل في يوليو/تموز الماضي, قال نائب رئيس رابطة رؤساء المنظمات الرئيسة المدافعة عن إسرائيل مالكوم هولنلن إن "التنافر العلني بين إسرائيل وأميركا لا يفيد أيا من الطرفين", مشيرا إلى أن الخلافات بينهما يجب أن تعالج مباشرة بين الطرفين.
لكن, حسب هولنلن, فإن الرئيس رجع إلى الخلف على كرسيه وقال "أختلف معك في هذا الرأي, فقد مضت علينا ثمان سنوات -سنوات الرئيس السابق جورج دبليو بوش والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة- لم يبزغ فيها ضوء النهار ولا أحرزنا أي تقدم".
ورغم أن هذا الرد أزعج رؤساء المنظمات اليهودية, فإن مؤسس ومدير جي ستريت جرمي بن عامي, الذي يدافع عن آراء تقدمية تجاه هذا الصراع لم يخف غبطته العارمة بما قاله الرئيس.
وقد احتجت أهم جماعات اللوبي الإسرائيلي بأميركا على دعوة البيت الأبيض لبن عامي لحضور هذا الاجتماع باعتباره ممثلا لمنظمة هامشية خارجة على إجماع المنظمات الرئيسة, لكن جي ستريت تشاطر أوباما رؤيته للسلام ولهذا لم يشطب اسمها من المدعوين.
ويقول بن عامي إن جماعته تهدف إلى إعادة تعريف ما يسميه "موالاة إسرائيل, موالاة السلام", مؤكدا أن أولوية أجندة جماعته هو أن تقوم بكل ما تستطيع لجعل الكونغرس يتحول إلى كتلة دعم لخطة أوباما للسلام.
ولم تستقطب قضية وجود "لوبي إسرائيلي" وما ينطوي عليه ذلك من ازدواجية في الولاء انتباه الرأي العام الأميركي رغم وجودها منذ سبعينيات القرن الماضي, إلا بعد نشر العالمين السياسيين جون ميرشمر وستيفن وولت لمقال في دورية لندن لمراجعة الكتب في العام 2006.
فقد حاول الكاتبان إقناع القراء بأن بوش إنما دخل حرب العراق لحماية إسرائيل, ما أغضب كثيرا من اليهود, لكن الكاتبين أثارا قضية عدها كثير من المثقفين جوهرية وهي أن اللوبي الإسرائيلي نجح في وأد أي انتقاد يوجه لإسرائيل خاصة تحت قبة الكونغرس.
وكتب ميرشمر بالحرف "خلاصة القول هي أن آيباك, أهم جماعات اللوبي الإسرائيلي بأميركا, التي هي بحكم الواقع عميلة لحكومة أجنبية أحكمت قبضتها على الكونغرس, وكانت النتيجة أن السياسة الأميركية بخصوص الشرق الأوسط لا يتم نقاشها هناك, رغم ما قد تسفر عنه هذه السياسة من عواقب جمة على العالم بأسره".
وقد وجهت آيباك وغيرها من المنظمات اليهودية الكبرى انتقادات لاذعة لجي ستريت على خلفية مواقفها من حل الصراع العربي الإسرائيلي, فإعلان مبادئ جي ستريت يؤيد إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ضمن تسوية متفاوض بشأنها تقوم على حل الدولتين انطلاقا من حدود 1967, وعلى أن تكون القدس عاصمة مشتركة لكلتا الدولتين, كما تدعو للحوار وإن عبر وسطاء مع مسؤولي حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتدعي جي ستريت أن السواد الأعظم لليهود الأميركيين يؤيدون طرحها.
وأكثر مواقف جي ستريت إثارة للجدل هي ما عكسته تصريحات أعضائها من معارضة للحرب الإسرائيلية على غزة, نظرا لارتباط ذلك بأمن إسرائيل.
فعندما كانت المقاتلات الإسرائيلية تقصف غزة في 27ديسمبر/كانون الأول 2008, أصدرت جي ستريت بيانا صحفيا أعلنت فيه أنه "لا يوجد حل عسكري لما هو في جوهره صراع سياسي"، ودعت إلى التدخل الدبلوماسي الفوري القوي للتفاوض بشأن استئناف وقف إطلاق النار.
وفي اليوم التالي في رسالة إلى مؤيديه كتب مدير الدعاية بجي ستريت إسحق لوريا يقول "صحيح أن إطلاق صواريخ على عائلات إسرائيلية أو إرسال الانتحاريين إلى إسرائيل أمر غير مقبول إطلاقا، لكن من غير المقبول أيضا معاقبة 1.5 مليون من سكان غزة لأعمال اقترفها عدد من المتطرفين.
المصدر: الجزيرة نقلاً عن نيويورك تايمز
إضافة تعليق جديد