جدول أعمال مؤتمر حزب«العدالة والتنمية»الثالث
الجمل: شهدت الساحة السياسية التركية انعقاد المؤتمر الدوري الثالث لحزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي الحاكم، ويكتسب هذا المؤتمر أهميته الكبيرة بسبب تزامن انعقاده مع جملة من التحولات والمنعطفات الداخلية والإقليمية والدولية التي جعلت أنقرة تقف في مفترق الطرق.
* جدول أعمال المؤتمر: ماذا حمل؟
تضمن جدول أعمال المؤتمر العديد من البنود والأجندة التي يمكن إدراجها ضمن المفاصل الآتية:
• تنظيم الحزب: تطرق المؤتمر لحل المشاكل التنظيمية العالقة بين كيانات الحزب المؤسسية وتحديداً بين قيادة الحزب وكتلة الحزب البرلمانية وكتلة الحزب الحكومية.
• سياسة الحزب: تطرق المؤتمر للمسائل الآتية المتعلقة بالأداء السياسي للحزب خلال العام القادم:
- إنجاز ملفات التغييرات السياسية المطلوبة تلبية لشروط الانضمام للاتحاد الأوروبي.
- توسيع المشاركة لإنجاز بنود المبادرة الكردية.
- توسيع التفاهم مع الأحزاب الأخرى حول تغيير الدستور التركي.
- إعداد الترتيبات اللازمة لجهة جاهزية الحزب لخوض جولة الانتخابات البرلمانية العامة نهاية عام 2010 القادم.
هذا، وأضافت التقارير أن مؤتمر الحزب نجح في معالج المشاكل التنظيمية أما بقية الملفات فقد أكد المؤتمر على ضرورة التفاهم حولها مع القوى السياسية التركية الأخرى حرصاً على توسيع المشاركة وتعزيز القدرة على الإنجاز، وبرغم أن حزب العدالة والتنمية يملك الأغلبية البرلمانية القادرة على تمرير الإصلاحات والتعديلات المطلوبة إلا أنه يرى أن من الأفضل إفساح المجال لمشاركة القوى السياسية الأخرى.
* هل من تسوية أخيرة لملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي؟
أشارت التقارير التركية التي أوردتها اليوم صحيفة «حريات» وصحيفة «زمان اليوم» وصحيفة «تركيش ديلي نيوز» أن العام الجديد سيشهد مساعي تمرير البرلمان التركي للتشريعات الآتية المتعلقة بملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي:
• تشريع القانون التجاري التركي.
• تشريع تشكيل وتحديد صلاحيات المحكمة الدستورية العليا.
• تشريع نظام استخدام التمويل السياسي.
• تشريع النظام الانتخابي.
• تشريع نظام الحقوق الإدارية.
• تشريع نظام الخبراء.
• تشريع نظام الوساطة في النزاعات القانونية.
• تشريع نظام الخدمات الأمنية الخارجية في مجال السجون.
• تشريع نظام مساعدة ضحايا العنف.
• تشريع نظام الهيئة العليا للادعاء والمحاكم.
أضافت التقارير أن مؤتمر الحزب حدد تمرير هذه التشريعات وفق جدول زمني يتم الفراغ منه بشكل متزامن مع قدوم الانتخابات التشريعية التركية بحيث يظهر حزب العدالة والتنمية في مظهر المصداقية أمام الرأي العام التركي لجهة التزامه بتنفيذ متطلبات ومشروطيات عضوية الاتحاد الأوروبي.
* هل من صفقات سياسية تركية – تركية قادمة؟
من الواضح أن تنفيذ متطلبات عضوية الاتحاد الأوروبي يتطلب الخوض في العديد من المشاكل السياسي الداخلية وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الإشارة إلى الآتي:
• تمرير التشريع الخاص بتحديد صلاحيات وسلطات واختصاصات المحكمة الدستورية العليا سيترتب عليه خلاف كبير لأن الاتحاد الأوروبي يطلب عدم إعطاء المحكمة الدستورية العليا أي صلاحيات للتدخل في السياسة وحل الأحزاب، وبكلمات أخرى لن تستطيع المحكمة الدستورية العليا اتهام أو إدانة القوى السياسية التركية بسبب مخالفة العلمانية لأن مخالفة العلمانية أو رفضها ستصبح ضمن حقوق التعبير وكفالة الحريات التي يشدد على مبادئها النظام الأساسي للاتحاد الأوروبي.
• تمرير التشريع الخاص بنظام الهيئة العليا للادعاء والمحاكم سيسلب مكتب المدعي العام التركي حق رفع العرائض التي تتهم القوى السياسي، بكلمات أخرى فإنه لن تكون لمكتب المدعي العام صلاحية الادعاء في المسائل التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي من بين الحقوق الأساسية.
إضافة لذلك، يمكن الإشارة إلى أن معظم متطلبات عضوية الاتحاد الأوروبي تتناقض بشكل أساسي مع بنود الدستور التركي العلماني الأتاتوركي وبالتالي يمكن الإشارة إلى مفاصل سيناريو الصراع التركي - التركي القادم على النحو الآتي:
• حزب الشعب الجمهوري يطالب بالتمسك بعلمانية الدولة.
• حزب العدالة والتنمية يعمل من أجل أسلمة الدولة.
ولما كان الرأي العام التركي أكثر تمسكاً بملف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي فإن على الطرفين تعديل الدستوري التركي بما يتماشى مع الإصلاحات الأوروبية المطلوبة، أو خسارة الانتخابات القادمة في حال الفشل في الإيفاء بهذه الإصلاحات:
• حزب العدالة والتنمية سيدفع باتجاه إجراء التعديلات وعلى وجه الخصوص التعديل الذي يضعف صلاحيات المحكمة الدستورية العليا وصلاحيات مكتب المدعي العام التركي في التدخل ضد الأحزاب السياسية تحت مزاعم توجيه الاتهام بانتهاك الدستور العلماني.
• حزب الشعب الجمهوري سيدفع باتجاه الإبقاء على هذه التعديلات بما يتضمن الإبقاء على علمانية الدولة وحق المحكمة الدستورية ومكتب المدعي العام في التدخل لحماية العلمانية.
وهنا تكمن المشكلة حيث لابد من دخول حزب الشعب الجمهوري العلماني في صفقة مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي وأقل ما سيخرج به حزب الشعب هو خسارة ملف المحكمة الدستورية ومكتب المدعي العام، كما ستنسحب تلك الخسارة على خسارة المؤسسة العسكرية التركية لدورها كحامي للعلمانية، وبكلمات أخرى إذا لم تكن هناك محكمة دستورية أو مكتب مدعي عام يحدد بشكل واضح أن هذا الطرف أو الحزب قد انتهك العلمانية فكيف تستطيع المؤسسة العسكرية أن تجد السند القانوني الذي يبرر لها التدخل؟!
لن يستطيع حزب العدالة والتنمية استخدام أغلبيته البرلمانية في تمرير التشريعات لأن ذلك قد يفسح المجال أمام الانقلاب العسكري وعلى الأغلب أن يظل الحزب يشدد على مطالبته حزب الشعب وبقية الأطراف داخل البرلمان للموافقة على التعديلات والتشريعات وسوف لن يكون أمام حزب الشعب وبقية الأطراف سوى خيار الموافقة وبالتالي تقليم أظافر المحكمة ومكتب المدعي العام بما يؤدي لتقليم أظافر المؤسسة العسكرية، وهو ما يريده حزب العدالة والتنمية، أو خيار الرفض وتحمل المسؤولية أمام الرأي العام التركي عن إفشال تمرير تشريعات الانضمام للاتحاد الأوروبي، وهو خيار سيؤدي لتحرير وفاة حزب الشعب الجمهوري التركي!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد