أسباب تأجيل الاستفتاء على الاتفاقية الأمنية الأمريكية - العراقية
الجمل: تقول التسريبات بأن الاتفاقية الأمنية الأمريكية- العراقية، سوف لن يتم إجراء الاستفتاء المقرر عقده حولها في مطلع عام 2010 القادم، وأضافت المعلومات بأن تأجيل الاستفتاء لن يتضمن تحديد التاريخ البديل وإنما سوف يكون الأمر مفتوحاً.
• لماذا تأجيل الاستفتاء؟
أشارت بعض التسريبات إلى أن الخلافات العراقية- العراقية حول قانون الانتخابات البرلمانية العامة المحدد لها الانعقاد في مطلع العام القادم هي السبب الرئيسي وراء تأجيل الاستفتاء على الاتفاقية، وأضافت هذه التسريبات، بأن مصير الاستفتاء على الاتفاقية الأمنية الأمريكية- العراقية، سوف يكون حصراً ضمن اختصاصات الحكومة العراقية الجديدة، وذلك طالما أن حكومة المالكي الحالية، لن تستطيع القيام بشيء سوى تحديد التاريخ المبدئي الجديد، والذي بلا شك سوف يكون بوسع الحكومة العراقية الجديدة تغييره متى رأت أنه غير ملائم..
أضافت التسريبات الإشارة إلى تصريحات الزعيم السياسي السني راشد العزاوي، والزعيم السياسي الشيعي مظهر الحكيم، والتي أكدت على أن إجراء الاستفتاء الوطني العراقي على الاتفاقية يتطلب المزيد من الوقت، وهو الأمر الذي أصبح غير ممكناً في ظل الظروف السياسية الحالية، التي تتضمن تركيزاً اكبر على بناء التحالفات، وإعداد الترتيبات والتوافق السياسي حول الانتخابات إضافة إلى إعداد وتنفيذ الحملات الانتخابية وعمليات التسويق السياسي المرتبطة بها.
• الأبعاد غير المعلنة لتأجيل الاستفتاء:
توجد العديد من الخلافات المحتدمة، حول الاتفاقية الأمنية الأمريكية- العراقية، فهناك خلافات عراقية- عراقية، وإضافة لذلك فهناك خلافات أمريكية- أمريكية، ويمكن توضيح هذه الخلافات على النحو الآتي:
- الخلافات العراقية- العراقية: يوجد خلاف مركب بالغ التعقيد حول الاتفاقية، فالمقاومة العراقية بكافة فصائلها ترفض الاتفاقية، أما القوى السياسية العراقية المنخرطة في العملية السياسية، فهي تأخذ مواقفاً شتى:
- الحركات السنية بعضها يؤيد الاتفاقية، وبعضها الآخر يرفضها.
- الحركات الشيعية بعضها يؤيد الاتفاقية، وبعضها الآخر يرفضها.
- الحركات العلمانية بعضها يؤيد الاتفاقية، وبعضها الآخر يرفضها.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن موقف الحركات الكردية الانفصالية يتميز بالثبات والوضوح الشديد، أما موقف الحركات السياسية السنية والشيعية، والعلمانية، فيتميز بالمزيد من البراجماتية، والانتهازية السياسية، بحيث كلما كان إدراك إبقاء القوات الأمريكية يتيح الفرص والمزايا، كلما كان موقف هذه القوى إيجابياً إزاء استمرار الوجود الأمريكي، والعكس بالعكس.. وتأكيداً على ذلك، نلاحظ الآتي:
. يرغب نوري المالكي في الحصول على الدعم الأمريكي لحملته الانتخابية، من خلال إفهام الأمريكيين رسالة واضحة تقول، بأن واشنطن إذا كانت تريد تمرير الاتفاقية، فإن عليها التمسك بإبقاء نوري المالكي في منصبه لولاية جديدة، وإلا فإن الاتفاقية ستذهب إدراج الرياح، طالما أن القادم الجديد لن يكون يمثل كفاءة وفعالية نوري المالكي في تعزيز روابط خط واشنطن- بغداد، وإضافة لذلك يرغب نوري المالكي في إفهام العراقيين المؤيدين لبقاء القوات الأمريكية، بضرورة دعمه طالما أنه لا بقاء للقوات الأمريكية في حالة عدم بقاءه في المنصب.
. ترغب الأطراف المعارضة لنوري المالكي، في إفهام الأمريكيين، بضرورة عدم الربط بين إبقاء الوجود الأمريكي ونوري المالكي، إضافة إلى إفهام العراقيين، بمختلف توجهاتهم، بأن الخطوة الأهم في الوقت الحالي هي الإطاحة بنوري المالكي، وبعد ذلك يمكن التفاهم حول بقية الملفات المعلقة، ولن تكون الاتفاقية الأمنية الأمريكية- العراقية وحدها هي الملف الذي سوف يتم طرحه على مائدة التفاهم والحوار العراقي- العراقي، وإنما أيضاً ملف توزيع عائدات النفط، وملف الفيدرالية، وغيرها..
- الخلافات الأمريكية- الأمريكية: خلال فترة حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية كانت الإدارة الأمريكية والجمهوريين يؤيدون استمرار الوجود الأمريكي في العراق، وبالمقابل كان الديمقراطيين يعارضون هذا الوجود، أما الرأي العام الأمريكي فكانت أغلبيته تعارض الوجود الأمريكي في العراق، ولكن بعد صعود إدارة أوباما الديمقراطية، فقد تغيرت موازيين القوى، بما أدى إلى طرح مبدأ الخروج الأمريكي من العراق على الصعيد السياسي النظري، أما على الصعيد العسكري العملي، فقد ظل الوجود العسكري الأمريكي في العراق أكثر ميلاً باتجاه البقاء والاستمرار على غرار الأمر الواقع، خاصة وأن إلحاح بعض الأطراف العراقية والعربية الخليجية لجهة مطالبة الإدارة الأمريكية الديمقراطية بإبقاء قواتها في العراق، قد أدى إلى التأثير سلباً على توازن القوى داخل الكونغرس الأمريكي وأيضاً داخل الإدارة الأمريكية، وهكذا وجدت فكرة إبقاء القوات الأمريكية في العراق المزيد من الحيوية وانتعاش التسويق السياسي..
وعموماً، في المرة الأولى تم تأجيل الاستفتاء لكي يكون في مطلع عام 2010م القادم، بدلاً عن (آب أغسطس 2009) الماضي، وحالياًَ، تم للمرة الثانية تأجيل الاستفتاء لتاريخ لاحق لم يكشف عنه، ونلاحظ هنا أن الاستفتاء على الاتفاقية الأمنية الأمريكية- العراقية، ليس هو الوحيد، فقد ظل الاستفتاء حول مصير كركوك، يتم تأجيله بانتظام، وبحسب توازنات مصالح الأطراف المتصارعة، ومصلحة أمريكا، والتي يتابع خبراؤها بانتظام ودقة توجهات الرأي العام العراقي، وعلى خلفية الاستقراء بما يمكن أن تؤول إليه النتيجة، فإنه يتم التأجيل، وعلى ما يبدو فإن الاستفتاء على الاتفاقية الأمنية الأمريكية- العراقية، سوف يخضع للمزيد من التأجيلات الجديدة، وبالمقابل سوف تظل القوات الأمريكية موجودة بانتظار نتيجة الاستفتاء الذي لن ينعقد.
الجمل قسم الترجمة والدراسات
إضافة تعليق جديد