الأزمة الدستورية في الانتخابات العراقية والموقف الأمريكي
الجمل: تزايدت خلافات أطراف العملية السياسية العراقية حول مسودة مشروع قانون الانتخابات العامة العراقية وتقول التقارير أن الخلاف حول بنود القانون المقترح باتت تنطوي على بعض المفاعيل الجديدة فقد أطلق الشيخ عبد المجيد الكربلائي مندوب آية الله علي السيستاني تصريحاً يقول أن السيستاني يرى ضرورة عقد الانتخابات العراقية العامة في موعدها المحدد يوم 16 كانون الثاني 2010 القادم.
* أبعاد تحذيرات المرجع السيستاني:
تقول التقارير والمعلومات أن المرجعية الشيعية العليا المتمثلة بالسياستاني باتت ترى أن تأجيل الانتخابات عن موعدها ينطوي على العديد من المخاطر والتوترات التي قد تقود الساحة السياسية العراقية إلى جولة جديدة من الفوضى السياسية والأمنية وعدم الاستقرار. أضافت التقارير أن عبد المجيد الكربلائي طرح وجهة نظر السيستاني قائلاً أن تأجيل الانتخابات سيترتب عليه نشوء حالة الفراغ الدستوري والسياسي وحالة من الاضطراب والفوضى الأمنية.
تحذيرات السيستاني التي نقلها الكربلائي جاءت على خلفية فشل أعضاء مجلس النواب العراقي في القيام بإجازة الخطوط العامة لقانون الانتخابات العراقية العامة وتقول المعلومات أن مجلس النواب لم يخفق في إجازة القانون وحسب وإنما تجاوز التاريخ المحدد له لإجازة القانون.
* مفاعيل الصراع السياسي العراقي:
عدم قيام مجلس النواب العراقي بإجازة القانون الانتخابي الجديد هو أمر سيترتب عليه المزيد من التعقيدات من أبرزها:
• أن ولاية مجلس النواب الحالي ستنتهي.
• أن الخلافات حول القانون الانتخابي ستظل قائمة.
على هذه الخلفية بدأت بعض الأطراف العراقية تنظر إلى عدم قدرة مجلس النواب في إجازة القانون باعتبارها أمراً ينطوي على سيناريو معد سلفاً بواسطة المالكي وحلفائه لجهة الحصول على الذرائع اللازمة للقيام بالآتي:
• تمديد صلاحية ولاية مجلس النواب العراقي.
• تمديد صلاحية الحكومة العراقية الحالية.
حتى الآن لا توجد دلائل واضحة على كيفية تدخل الرئيس العراقي جلال الطالباني لممارسة صلاحياته الرئاسية إزاء الأزمة السياسية التي ستأخذ طابعاً تشريعياً وتنفيذياً. إضافة لذلك، فقد أطلقت القوى السياسية العراقية المعارضة تحذيراتها إزاء ضرورة عدم السماح لا لمجلس النواب ولا للحكومة باستغلال الأزمة السياسية الحالية للتأثير على الانتخابات القادمة وفي هذا الخصوص برزت بعض وجهات النظر التي تطالب بالآتي:
• تحويل حكومة المالكي إلى حكومة تصريف أعمال بحيث لا تتاح لها الفرصة لممارسة أي صلاحيات أو سلطات تنفيذية حقيقية تؤثر على الانتخابات.
• معالجة الوضع الدستوري والقانوني لمجلس النواب العراقي الحالي بعد انتهاء ولايته بحيث يتم السماح له بالقيام حصراً بمتابعة إجازة القانون الانتخابي وليس أي شيء آخر.
برغم عدم انفتاح شكل سيناريو الأزمة الجديدة فمن المتوقع أن تأخذ خطوطها العامة الأولى شكل أزمة دستورية – قانونية تتحول لأزمة سياسية فمن المتوقع أن تحدث عملية تعبئة سياسية فاعلة في أوساط القوى السياسية العراقية بما يمكن أن يؤدي إلى اندلاع العنف السياسي الذي سيكون هذه المرة ليس بين الطوائف العراقية وإنما في داخلها وعلى وجه الخصوص حول المفاضلة بين نظام القوائم المفتوحة الذي يؤيده الشيعة المعارضون لنوري المالكي والقوائم المغلقة التي يؤيدها المالكي وحلفائه.
* الموقف الأمريكي: إدارة الأزمة:
تقول المعلومات والتقارير أن سوزان رايس السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة وصلت إلى العاصمة العراقية بغداد يوم أمس الجمعة وعقدت لقاءات مع كبار الزعماء العراقيين منهم المالكي وما كان لافتاً للنظر تمثل في العديد من التقارير التي رصدت أن السفيرة رايس لم تتطرق إلى موضوع قانون الانتخاب العراقي الجديد.
إضافة لذلك التقى المالكي مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال الأسبوع الماضي في واشنطن واكتفى بإخبار المالكي أنه يراقب عن كثب الانتخابات وتطورات قانون الانتخاب وبأنه يأمل في أن تنجح الجهود العراقية لإجازة هذا القانون في أسرع وقت ممكن بما يتيح للأطراف السياسية الفرصة الزمنية الكافية للقيام بالحملات الانتخابية اللازمة لخوض المنافسة الانتخابية.
تقول التسريبات أن قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال أوديرنو صرح أن عدم إجازة القانون سيترتب عليها تأجيل الانتخابات العراقية وهو أمر سيؤدي حدوثه إلى إجراء التعديلات على جدول انسحاب القوات الأمريكية.
بكلمات أخرى فإن تأجيل الانتخابات العراقية سيشكل ظرفاً ضاغطاً على الإدارة الأمريكية وهو ظرف سيتم استغلاله بواسطة الأطراف الأمريكية المطالبة بتأجيل الانسحاب الأمريكي من العراق وهنا يكمن "جوهر الأزمة" لأن الخلاف العراقي – العراقي سيؤدي بالمقابل إلى خلاف أمريكي – أمريكي سيعيد إلى طاولات الكونغرس والبيت الأبيض مرة أخرى أزمة سحب القوات الأمريكية من العراق.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد