الحج بإندونيسيا ادخار منذ الصغر
تحظى فريضة الحج بمنزلة متميزة في المجتمع الإندونيسي كغيره من المجتمعات الإسلامية, غير أن بعد المكان ومشقة السفر وضيق ذات اليد تكسب من يؤدي هذه الشعيرة من الإندونيسيين تقديرا خاصا.
وأول ميزة يحصل عليها الحاج الإندونيسي هي أن لقب الحاج يصبح مقطعا من اسمه ولقبا يرافقه, وتعد مناداته بهذا اللقب جزءً من الاحترام والتقدير.
ويبادر بعض الحجاج ممن يحملون أسماء غير عربية فور عودتهم من أداء المناسك إلى تغيير أسمائهم إلى العربية.
ويعلق رئيس لجنة الفتوى لمجلس العلماء في مدنية مالانج الحاج محمد لطفي بصري، بقوله "إن ارتباط كلمة الحاج بالاسم تأتي من باب التكريم والدعاء للشخص بأن يكون حجه مبرورا, ولتذكيره دوما بأن عليه أن يكون أفضل حالا مما كان عليه من قبل, وهي ليست من باب التباهي بأداء هذه الفريضة".
ومما يؤكد حرص الإندونيسيين على القيام بهذه العبادة أن تأمين نفقاتها يقدم على شراء البيت وعلى كثير من الضرورات خاصة في القرى والأرياف, كما أن الادخار لأداء هذه الفريضة يبدأ من الصغر وهو سائد في شرق جزيرة جاوا, وقد نقلت الصحف المحلية كثيرا من القصص لحالات طالت فترة الادخار فيها لتبلغ عشرات السنين، منها حالة عجوز اقتربت من السبعين قالت إنها تدخر للحج منذ أكثر من أربعين عاما.
كما أن تعلم مناسك الحج يبدأ أيضا من الصغر, وليس غريبا أن ترى في الساحات العامة مجسما للكعبة المشرفة وحوله مجموعات من طلبة المدارس يتعلمون كيفية القيام بهذه الفريضة.
تبدأ الاستعدادات لمن ينوي الحج قبيل السفر حيث يعد مأدبة لأهل القرية تسمى "وليمة السفر" يطلب منهم خلالها الصفح والمسامحة.
ويعترف الحاج بصري بأن إعداد الوليمة غير منصوص عليه في السنة ولكن فعلها يأتي من باب التكارم بين الناس, "وحتى يذهب الحاج لأداء المناسك وهو مرتاح البال, وفيها يأخذ الإذن بالسفر ممن لهم عليه حقوق ويودع فيها الناس".
وفي يوم السفر تخرج القرية في وداع حجاجها فيما يشبه "زفة العروس", والحال نفسه حين العودة من أداء المناسك التي يرافق فيها الحاج بالمدائح والابتهالات على وقع الدفوف.
وعند رجوع الحاج إلى بيته يستقبل المهنئين ويوزع عليهم الهدايا ويطلبون منه الدعاء لهم, ثم يعد "وليمة الشكر" بعد أيام من عودته, وهي بمثابة إعلان أن الحاج قد أتم أركان الدين.
ويحج من إندونيسيا -التي تعتبر كبرى الدول الإسلامية- سنويا أكثر من مائتي ألف شخص, وتتقاضى السلطات من كل حاج نحو 2500 دولار لتوفير كافة الخدمات التي يحتاجها, وترصد كافة الأموال في صندوق يطلق عليه صندوق الحج.
ويعتبر الإندونيسيون عيد الأضحى للحجيج, ولا يكتسب هذا العيد اهتماما كبيرا في إندونيسيا مقارنة بعيد الفطر, ففي عيد الأضحى تعطل الدوائر الحكومية يوما واحدا فقط في حين تمتد عطلة عيد الفطر إلى أكثر من أسبوع, كما أن المشاهد الاحتفالية بعيد الفطر أكثر بكثير منها بعيد الأضحى.
يشار إلى أن السلطات الإندونيسية أعلنت أنها سترسل جميع حجاجها لهذا العام, رغم المخاوف التي أثيرت بسبب إنفلونزا الخنازير, وأكدت وزارة الصحة أن جميع الحجاج لهذا العام والبالغ عددهم نحو 207 آلاف "تم تطعيمهم ضد الإنفلونزا كما طلبت السلطات السعودية", وقد غادرت الدفعة الأولى منهم قبل نحو أسبوعين.
محمود العدم
المصدر: الجزيرة نت
إضافة تعليق جديد