طاحونة التاريخ
قاسيون سرّة الأرض ودمشق أول التاريخ وبردى دمعتنا التي جفت بعد طول أنين.. دمشق مدينة التين والزيتون وطور حنين: سومريون وسريان ويونانيون، رومان وفرس, عرب ويهود وشركس، أكراد وعثمانيون وتركمان وأرمن، نسور وذئاب غرسوا سلالاتهم وأظافرهم وأحلامهم في ترابها قبلما يغادروها نحو بارئهم ليحاسبهم على عملهم وعمرهم الذي سفحوه فيها ولها..
ودمشق عربة تقودها رغبة الطريق الذي يختلف عليه أهلها وغرباؤها ومغتصبوها: خيول تحاول جرها نحو كل الاتجاهات بينما هي تدور نحو نفسها مثل حجر الرحى, ونحن قمحها وزيوانها, تجرشه وتطحنه قبل أن تخبزه رغيفا عربيا منذ أيام الأمويين إلى أيام البعثيين..
ولدمشق أخواتها: فمكة قبلتها والقدس دمعتها وحلب منافستها وباريس نهضتها وبيروت سلوتها وبغداد عدتها والقاهرة شريكتها واسطنبول ربيبتها والتاريخ حاضرها، كأن اليوم أمس والغد يشبه اليوم, جنون يقترب من العقل وعقل يخشى الخروج من حفرة التاريخ!؟
-إذا هل دمشق هي تاريخ الله أم الشيطان، تاريخ القبائل أم الأوطان، تاريخ العقل أو تاريخ الجنون، تاريخ الكراهية أم التسامح؟
-إنها كل هذه التواريخ معروضة على بسطات دمشق التجارية، وليس لنا أن نختار سوى ماقدره الرب لنا والتجار !!
نبيل صالح
هامش: ألقى عبد السلام عارف رئيس العراق الأسبق كلمة بمناسبة تدشين مشفى للأمراض العقلية فقال: أيها الإخوة والأخوات: إن هذا الصرح الوطني الكبير هو لي ولكم ولجماهير الأمة العربية جمعاء.. وفي لقاء لرئيس لمجلس الشعب السوري محمود الأبرش مع ممثلي جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة العام الماضي قال: إن أبواب المجلس مفتوحة لكل الإخوة المعوقين... ومن هنا يمكننا أن نتساءل عن جدلية علاقة ممثلي المعوقين بالمجانين وتأثيرهاعلى وحدة العرب الميامين في رحاب القرن الواحد بعد العشرين؟
إضافة تعليق جديد