سيناريو الصراع التركي ومستقبل حزب العدالة والتنمية

08-05-2010

سيناريو الصراع التركي ومستقبل حزب العدالة والتنمية

الجمل: شهدت الساحة السياسية التركية خلال اليومين الماضيين معركة ساخنة حول مشروع التعديلات الدستورية المقدم بواسطة حزب العدالة والتنمية, ومن المؤكد أن انتقال الصراع السياسي التركي-التركي من داخل البرلمان إلى الشارع السياسي التركي, قد أصبح مسألة وقت لا غير: فما هي طبيعة هذا الصراع, وما هو شكل السيناريو المحتمل القادم؟

توصيف المعلومات والوقائع الجارية:
استعرض البرلمان التركي حزمة التعديلات الدستورية التي قدمتها حكومة حزب العدالة والتنمية التركي, وبعد رجب طيب أردوغانمشاورات ومداولات ساخنة تم التوصل إلى الآتي:
• جولة التصويت البرلماني الأولى: تم التصويت على كل تعديل على حده, وقد حصلت كل التعديلات المقدمة على 330 صوتا او أكثر, ما عدا التعديل الخاص بالمادة (8) المتعلقة بحق المحكمة الدستورية التركية العليا بحل وحظر الأحزاب السياسية.
• جولة التصويت البرلماني الثانية, تم التصويت دفعة واحدة على التعديلات وحصلت على أكثر من 330 صوتا.
من المعروف بحسب القواعد التصويتية السائدة في البرلمان التركي, بأن التعديلات التي تتم إجازتها بأغلبية أكثر من 367 صوتا, يتم إجازتها واعتمادها, أما التعديلات التي تحصل على عدد بين 330 و 367 صوتا, فإنه يتم إحالتها إلى استفتاء عام بهدف إجازتها واعتمادها نهائيا.
تقول المعلومات, بأن التعديلات الدستورية التي تقدمت بها للبرلمان حكومة حزب العدالة والتنمية, قد صوت لها داخل البرلمان ما بين 330 عضوا وأقل من 367 عضوا, وبالتالي فإن الخطوة القادمة هي رفع هذه التعديلات ونتيجة التصويت البرلماني عليها إلى الرئيس التركي عبد الله غول, من أجل أن يوقع عليها, ثم يحيلها بعد ذلك لإجراء الاستفتاء العام.
منعطف الصراع السياسي التركي-التركي الجديد:
أشارت التقارير إلى أن حزب العدالة والتنمية له في البرلمان الحالي 336 نائبا, وقد صوتوا جميعا لصالح كل التعديلات, ما عدا التعديلات الخاصة بالمادة الدستورية الثامنة, والتي تبين أن ثمانية من نواب حزب العدالة والتنمية لم يصوتوا لصالحها.
أكدت التسريبات, بأن موقف النواب الثمانية كان مثيرا للدهشة والخلافات, إضافة إلى قيادة حزب العدالة والتنمية وعلى وجه الخصوص رئيس الوزراء وزعيم الحزب رجب أردوغان والالجنرال باشبوقذي أبدى المزيد من الغضب والامتعاض إزاء سلوك نواب حزبه الثمانية. وإضافة لذلك, فقد صب الزعيم أردوغان بالأمس جام غضبه ضد:
• الحزب الجمهوري التركي (العلماني)
• الحزب القومي التركي (القومي الاجتماعي)
• حزب المجتمع الديمقراطي (الكردي)
وأضاف أردوغان قائلا, بأنه أصيب بخيبة أمل شديدة إزاء موقف النواب الأكراد, والذين كان يتوجب عليهم أكثر من غيرهم التصويت لصالح هذه التعديلات, وعلى وجه الخصوص التعديلات المتعلقة بالمادة 8, والتي سبق وأن تم استخدامها مرارا وتكرارا بواسطة المحكمة الدستورية العليا من أجل استهداف الأحزاب السياسية الكردية وحلها وحظرها ومحاكمة قادتها.
تبلورت الخلافات في الموقفين الآتيين:
• سوف يكتفي حزب العدالة والتنمية بنتيجة جولة التصويت البرلماني الثانية والتي حصلت فيها التعديلات على أكثر من 330 وأقل من 367 صوتا, ويقوم برفع النتيجة إلى الرئيس عبد الله غول, وبعد أن يوقع عليها يتم إحالتها للاستفتاء العام, وقد بدأ حزب العدالة والتنمية في ترتيب الأوضاع من أجل خوض معركة الاستفتاء العام ضد خصومه السياسيين المعارضين للتعديلات.
• سوف تقوم القوى السياسية المعارضة للتعديلات بتقديم شكوى للمحكمة الدستورية العليا, مطالبة بإبطال إجراء الاستفتاء لأنه سوف يكون مخالفا للدستور التركي.

هذا, وأكدت التقارير والتسريبات, بأن المؤسسة العسكرية التركية وعلى وجه الخصوص هيئة أركان الجيش التركي, قد أكدت على لسان رئيسها الجنرال ألكير باشبوق عن معارضتها الصريحة لهذه التعديلات.
سيناريو الصراع: معطيات الجولة القادمة
تقول المعلومات والتقارير, بأن كل واحد من طرفي الصراع التركي-التركي قد أصبح أكثر حرصا على استخدام وتوظيف معطيات نظرية المؤامرة ضد الطرف الآخر:
• تقول التسريبات بأن تعديل المادة 8 لا ينطوي على أي ضرورة بالنسبة لحزب العدالة والتنميدينيس بيكالة, وذلك لأن هناك تعديلات أخرى تم تمريرها بواسطة البرلمان وتعطي الرئيس التركي عبد الله غول حق القيام بإعادة هيكلة المحكمة الدستورية التركية العليا وأيضا إعادة هيكلية هيئة الادعاء العام التركية.
• تقول التسريبات بأن المعارضين لهذه التعديلات, يدركون تماما بأن المحكمة الدستورية التركية العليا, لن تستطيع إصدار أي قرار بإبطال الاستفتاء, ولكن برغم ذلك فسوف يتقدمون بإدراج الشكوى, وذلك لعلمهم التام بأن المحكمة الدستورية التركية العليا سوف تقبل الشكوى في مرحلة القرار الأولى من حيث الشكل ثم ترفضها في المرحلة الثانية من حيث المضمون أي أن الشكوى سوف تقبل شكليا, وبعد مرور فترة من الزمن سوف ترفض مضمونا, وإلى حين إصدار المحكمة لقرار الرفض المضموني فإن الانتخابات التركية العامة القادمة سوف يكون قد بقي لتاريخها أقل من عام, ولما كان الدستور التركي يحظر إرجاء أي استفتاء خلال العام الأخير الذي يسبق الانتخابات, فإن المعارضين سوف يكونون قد أفلحوا في تأجيل التعديلات إلى ما بعد إجراء الانتخابات العامة وتشكيل البرلمان الجديد القادم, والذي يأملون في الفوز به.
اللافت للنظر في هذا السيناريو, أن المحكمة الدستورية التركية العليا بشكلها الحالي سوف تقوم بدور الحكم والخصم, فهي من جهة مطلوب منها النظر في الشكوى وإصدار الحكم القانوني-الدستوري وفي نفس الوقت من الجهة الأخرى هي الخصم اللدود لحزب العدالة والتنمية والذي سبق وأن قامت بمحاولة حله وحظره وتقديم قادته للمحاكمة.
وتأسيسا على ذلك, تقول التسريبات, بأنه من المتوقع أن تستلم المحكمة الدستورية العليا ملف الشكوى وتقرر قبوله شكليا, ثم تضع الملف جانبا ولا تقوم بإصدار قرار الرفض المضموني إلا بعد أن تكون قد تبقت للانتخابات العامة القادمة أقل من عام!!
تقول المعلومات والتسريبات, بأن مفوضية الاتحاد الأوروبي قد قررت القيام رسميا بالإعلان عن تأييدها للتعديلات الدستورية باعتبارها تمثل جزءا هاما من الشروط المطلوبة لتأهيل تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي. وإضافة لذلك فقد أكد الزعيم رجب طيب أردوغان عن عزمه من أجل المضي قدما من أجل إجراء الاستفتاء العام في موعده.خارطة تركيا
من الواضح أن سيناريو المعركة السياسية التركية الجديدة, سوف يضم أربعة أطراف, هي:
• حزب العدالة والتنمية الداعم للتعديلات.
• المعارضة التركية الرافضة للتعديلات.
• المحكمة الدستورية العليا: المتواطئة مع المعارضة والمتربصة بحزب العدالة والتنمية.
• المؤسسة العسكرية التركية: المتربصة بحكومة حزب العدالة والتنمية والرافض للتعديلات.
ومن المتوقع أن يكشف مجرى الصراع القادم, عن قيام حزب العدالة والتنمية بالاستناد على الآتي:
• أدوات القوة الداخلية: التأييد الشعبي.
• أدوات القوة الخارجية: موقف الاتحاد الأوروبي.
هذا, ونلاحظ مدى الارتباط الوثيق بين أدوات القوة الداخلية وأدوات القوة الخارجية, وذلك لأن قرار الاتحاد الأوروبي المؤيد للتعديلات, سوف يساعد حزب العدالة والتنمية في تعبئة الرأي العام التركي الداخلي إلى جانب التعديلات, الأمر الذي سوف لن يؤدي بالمقابل إلا إلى تآكل شعبية حزب الشعب الجمهوري, والحزب القومي التركي, وحزب المجتمع الديمقراطي, وما هو جدير بالملاحظة, يتمثل في أن كسب حزب العدالة والتنمية لمعركة الاستفتاء حول التعديلات سوف تفسح المجال أمام رجب طيب أردوغان ليصعد إلى منصب رئيس الجمهورية التركية, وذلك لأن التعديلات نفسها تؤكد على مبدأ التحول إلى النظام الرئاسي والذي لن يتم وفقا له اختيار رئيس الجمهورية من داخل البرلمان وإنما بالاستفتاء الشعبي المباشر, وبكلمات أخرى سوف يقوم رجب أردوغان بترشيح نفسه ويفوز كأول رئيس تركي منتخب شعبيا, وهو ما لم يحصل عليه أي رئيس جمهورية تركي سابق, ولا حتى كمال أتاتورك!!!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...