راتبان في مواجهة الحياة

13-05-2010

راتبان في مواجهة الحياة

  عمل الزوجة لم يعد رفاهية.. ومشاركتها في المصروف أساسية
بعد أن كان خوض المرأة في الحياة العملية ترفاً لا مبرر له وعملها في منزل زوجها وباعتقاد الكثير من الشباب هو الأساس، تحول اليوم رأي معظم هؤلاء الشباب مع مافرضته متطلبات الحياة المادية وكثرة أعبائها والوضع الاقتصادي المتردي إلى النقيض تماماً، فبات تفكير الغالبية العظمى منهم متجهاً إلى الزواج من فتاة عاملة، أو البحث عن عمل لزوجاتهم، الأمر الذي سيشكل لهم سنداً مادياً وإن لم يشكل فأضعف الإيمان أنَّ هذا العمل سيقيهم طلبات زوجاتهم اليومية.
 راتب الزوج والزوجة.. بالكاد يكفي قوت الشهر
تنفقه بالكامل في المنزل وبالكاد يكفي قوت الشهر، وأصبح الشباب غير المتزوجين في طرطوس يبحثون عن الفتاة العاملة، لأنها تساعد على تخطي صعوبات الحياة ومصاريفها  هذا هو رأي المتزوجين وغير المتزوجين في طرطوس، والمرأة التي تعمل اليوم، تعمل للحاجة بالمطلق، و»ما دفعك عالمر إلا الأمرّ» .. العمل والأولاد والزوج إلى جانب الواجبات الاجتماعية، أنهكت المرأة في طرطوس ولكن راتبين أفضل من راتب واحد، وإن كان ذلك على المرأة التي قلما يمد الزوج يد المساعدة داخل البيت،  محمد «صحفي» يرى أن خروج المرأة للعمل عظيم وتفوقها يثير حفيظة بعض الرجال، خاصة الذين لا يزالون يعتقدون أن هذا الخروج تترتب عليه نفقات كثيرة تتجاوز قيمة ما تقبضه، وحتى لو كان الأمر كذلك، فإن عمل المرأة وراتبها وتعويضاتها حق مقدس، من المفترض أن ترفع لها القبعة نحن الرجال.
الإقلال في عدد الأولاد شكلت إحدى طرق المرأة للمثابرة وتحمّل المصاعب، حيث انخفضت نسبة الإنجاب وانخفضت معها نسبة النمو السكاني، حيث الانخفاض بلغ في الحضر نتيجة عمل المرأة والتقدم ( من 4.5 إلى 4.1 إلى 2.7 % ) ، كما كان انخفاض هذا المعدل كبيراً في الريف من معدل 3.3 % ( 1970  ـ1980) إلى 1.6 % ( 1981 ـ1994 ) إلى 1.4 % (1994 ـ 2004) .. وهكذا نجد أن عمل المرأة وثقافتها أثرت ككل في حياة الأسرة في طرطوس..
نوال موظفة ولديها ابنتان أشارت إلى أنه تتردد في أوساط المقبلين على الزواج، البحث عن عروس «قبيضة» وهذه المقولة تعكس حقيقة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به الأسرة الوليدة، من هنا يبدو السؤال الحقيقي .. هل يكفي راتبا الزوج والزوجة معاً لنفقه على أسرة وليدة ؟؟ إذا كان الراتب الثاني هو لسد رمق أسرة متواضعة جداً ؟؟

هل تحولت المرأة العاملة في حلب إلى صيد ثمين ؟
زوجة عاملة شرط للزواج.. فقدان عمل الزوج سبب لعمل الزوجة، محاولة الابتعاد عن المشاكل وغيرها الكثير من الآراء حصلت عليها «بلدنا» من خلال حديثها مع العديد من الأسر الحلبية. فعبد الرحمن عطية، أحد المتزوجين يقول«ظروف الحياة القاسية جعلتني أقرر الزواج من فتاة عاملة لكي نتقاسم أعباء الحياة، ولكن بعد أن يصبح لدينا أطفال لا أريدها أن تستمر في العمل، فتربية الأولاد هي الأهم.
أحد المتزوجين الذي فقد عمله، كان الحل الوحيد له هو أن تعمل زوجته يقول«لقد سبب فقدان العمل وعمل زوجتي كآبة بالنسبة إلي، فهذا يجعلني سيئ المزاج في التعامل، فهي تقوم برعاية البيت من خلال وظيفتها، وأنا الآن عاطل عن العمل» أما زوجته، فتقول «المعادلة أصبحت معكوسة، ولكن لا يوجد حلّ، فقررت أن أعمل، على الرغم من معارضته، وأعلم أنه ما زال لا يتقبل الفكرة، كما أن ذلك حمّلني مزيداً من الواجبات. فأنا أعود لأعمل في المنزل، خاصة أنني لا أستطيع أن أطلب من زوجي أن يقوم بأعمال المنزل؛ فذلك سيزيد الأمر سوءاً»، وتستمر آراء الفتيات بين معارضة ومؤيدة، إحداهنَّ تقول«على الرغم مما يتضمنه عمل الزوجة من دخل مادي للأسرة، إلاّ أن مشاكل كبيرة تحدث نتيجة عمل الزوجة، وخاصة في حال كان الزوج عاطلاً عن العمل، فبالنتيجة هي تفضل أن تكون سيدة منزل فقط، وفي المقابل اشتكت بعض النساء من عدم فهم الرجل الشرقي لطبيعة ظروف المرأة وعملها، فالمرأة التي تهتم بعملها تتهم بأنها مقصرة تجاه بيتها وزوجها،  وتضيف إحداهنَّ، أنَّ راتب الزوجة هو أهم أسباب الخلافات الزوجية بسبب إصرارها أحياناً على عدم إدماج مرتبها مع مرتب الزوج في المصروفات المنزلية أو بسبب إصرار الزوجة من وقت لآخر على التنبيه إلى أن لها دخلها الخاص‏,‏ أو أن دخلها يفوق دخله‏,‏ ولا يجد متنفساً لحالته النفسية السيئة سوى اختلاق الخلافات»، أما الرجال فيبررون تدخلهم براتب زوجاتهم بأنه ناتج عن قلة وعي المرأة، وبالتالي لا تستطيع أن تتحمل مسؤولية الإنفاق لذا فهم الأفضل في إنفاق راتبها».
 حماة: أنظار الشباب تتجه إلى المرأة العاملة
أثرت حياتنا المعاصرة وظروفها المادية الصعبة على قناعات الناس تجاه تكوين الأسرة وانتقاء الزوجة ومدى قدرتها على المساهمة إلى جانب الزوج في تأمين مصدر دخل مادي لأسرتها، حيث أصبحت تتجه معظم أنظار الشباب نحو المرأة ذات الكفاءات المهنية، حيث رأى سمير 43 عاماً، متزوج من موظفة، أن عمل المرأة بات ضرورة ملحة في رفد الأسرة بدخل إضافي يسهم في تحسين أوضاعها المادية، في حين عبّر سعيد عن رفضه التام لعمل الزوجة نظراً للتأثيرات السلبية التي يتركها غيابها خلال عملها خارج البيت على مجمل أفراد الأسرة وحالة اللااستقرار والفوضى التي يعيشونها أثناء ذلك، لاسيما في مرحلة الطفولة التي يكون فيها الأولاد بأمس الحاجة إلى أمهم، معتبراً أن غياب الأم لا يمكن تعويضعه، حتى في حالة مشاركة زوجها في تأمين دخل إضافي لأن الخسارة ستكون أكبر، ووافقته سلمى ( متزوجة) التي بينت مدى الإجهاد الذي تتعرض له نتيجة عملها في إحدى المؤسسات وقصورها عن تلبية رغبات أولادها وزوجها.
من جهته ماهر (متزوج من موظفة) رأى أن نفقات المرأة الموظفة أعلى مما تؤمنه من دخل، حيث إن هناك نفقات طائلة تترتب عليها نتيجة ظروف عملها وضرورة أن تبدو في مظهر لائق، وأبرزها استهلاكها للكثير من الملابس والماكياجات وغيرها، ناهيك عن تكبد الأسرة معاناة وجبات الطعام الجاهزة المكلفة، ونفقات رياض الأطفال التي تضطر المرأة العاملة لتسجيل أبنائها فيها جراء غيابها عن المنزل.

في درعا المرأة سند الرجل
عرفت المرأة الحورانية عبر الزمن بغيرتها على زوجها ومصلحته، كانت تقوم في الصباح الباكر تحضر الطعام وترافقه إلى الحقل، إضافةً لواجباتها تجاه الأولاد، وكان التعليم في تلك الأوقات محصوراً بالرجال، لكن ومنذ الربع الأخير من القرن الماضي، تغيرت الظروف، وأصبحت المرأة تدخل ميادين العلم وبنسة عالية، وفي نطاق آخر نجد أنها أي المرأة الحورانية أصبحت مهندسة وصحفية وطبيبة وسيدة أعمال، وأصبح وجودها في كل مكان. وتعقيباً على حديثنا بمعرفة دورها في البيت من حيث المساعدة المادية، نجد ان أغلب النساء يسخرن رواتبهن في خدمة البيت والقصد المساهمة في بناء البيت إن لم يكن جاهزاً أو مكتملاً عند الزواج.
 فأغلب الشبان يعتمدون في بداية زواجهم على العيش بغرفة عند الأهل، لمدة سنة أو اثنتين، وهذا يلاحظ بشكل كبير في الريف. وخلال الفترة الماضية، ونتيجة ضيق الحال لدى بعض الشباب، أصبحت الموظفة مطلوبة للزواج أكثر من غير الموظفة، فراتب واحد لايكفي بنظر الزوج. كيف لا والمرأة تشكل نصف المجتمع. وبالتالي فإن الزوج يراها مناسبةً لائقة لإتاحة الفرصة أمام زوجته لتكون بالفعل نصف المجتمع وليس مجرد كلام، لكننا نعرف أن بعض الحالات الزوجية التي ترفض المرأة فيها المساعدة في المصروف معتبرةً أن راتبها ملك شخصي لها، كانت تنتهي بإشكالات معقدة تنزلق فيها الأمور إلى الطلاق. وتلقى المرأة فيها نظرة استهجان من المجتمع الذي يصفها بالسيئة كونها لم تضع يدها بيد زوجها. 
  رأي علم النفس 

الدكتور محمد قاسم عبد الله اختصاصي الصحة النفسية بين«أنَّ الحياة المعاصرة والطفرات التي حصلت زادت الأعباء الملقاة على عاتق الأسرة هذا الأمر ساعد على تشجيع عمل النساء، الأمر الذي يتطلب تعاوناً وتنسيقاً مع الزوج ، فالعمل خارج المنزل فرض عليها أعباء قد تكون خارج طاقتها وبالتالي إذا لم تكن منظمة ولم تستطع التوفيق بين العمل والبيت، فذلك سيؤدي إلى مشاكل وخلل قد ينعكس على تربية الأولاد والعلاقة الزوجية، فكثير من النساء العاملات بسبب انشغالهنَّ يصلن منهكات، ما ينعكس سلباً على العديد من الأمور مثل،النظافة، تربية الأولاد لدرجة أنه في الفترة الأخيرة غابت رقابة الأسرة على الأولاد بسبب انشغال الأب والأم عن الأسرة وبالتالي زادت مشاكل الأولاد، ويضيف د.عبدالله أنَّ «الحياة تتطلب تعاوناً وهوأمر مهم، لكن تربية الأولاد لا تقل أهمية اطلاقاً؛ فهذه المرحلة التي نعيشها يقع على عاتق الأم مواجهة التغيرات التي تحصل في العصر الحالي، خاصة ضمن ديمقراطية المعرفة وخاصة الانترنت والموبايلات، ما يشكل تحدياً للأم بالتحديد لتحصين أولادها ضد هذه العولمة الالكترونية» .


طرطوس:ربا أحمد- حلب: سنا طرابيشي- حماة: عبد الله الشيخ- درعا: ياسر أبو نقطة

المصدر: بلدنا
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...