ورقة عمل ألمانية تطرح "مبدأ كينيدي" للتعامل مع أزمة صواريخ حزب الله

15-05-2010

ورقة عمل ألمانية تطرح "مبدأ كينيدي" للتعامل مع أزمة صواريخ حزب الله

الجمل: تحدثت الأوساط الإسرائيلية والأميركية خلال الأيام الماضية كثيرا عن المزاعم القائلة بأن سوريا قد زودت حزب الله اللبناني بصواريخ سكود طويلة المدى, ولكن ما كان لافتا للنظر هذه المرة, هو قيام أحد مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية الألمانية بنشر ورقة بحثية اقترحت قيام إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية باعتماد ما أطلقت عليه الورقة تسمية "مبدأ كينيدي" في التعامل مع أزمة صواريخ حزب الله السورية-الإيرانية: فما هو مبدأ كينيدي, وما هي ترسيماته واستطاعاته الميدانية المقترحة بحسب الورقة؟

مبدأ كينيدي: الخلفيات والمعطيات؟
استطاعت الأجهزة الأميركية القيام بعملية استطلاعية كشفت عن قيام الاتحاد السوفييتكريستينا واي ليني السابق بنشر بطاريات صاروخية في جزيرة كوبا, وعلى الفور قامت الحكومة الأميركية بنشر المعلومات رسميا في 14 تشرين الأول (أوكتوبر) 1962م, وبعد ذلك بيومين دعا الرئيس الأميركي جون كينيدي إلى عقد اجتماع اللجنة التنفيذية الخاصة بمجلس الأمن القومي الأميركي, المكونة من 14 من كبار المسئولين الأميركيين وذلك للتفاهم ومناقشة الرد الأميركي المطلوب لمواجهة خطر نشر الاتحاد السوفييتي لبطاريات الصواريخ البالستية سرا في جزيرة كوبا.
لم تكن لواشنطن في ذلك الوقت خطة واضحة للتعامل مع مثل هذا الموقف, فقد كانت كل تخمينات أجهزة المخابرات الأميركية في ذلك الوقت تقول بأن الاتحاد السوفييتي سوف لن يقوم بنشر أي بطاريات صواريخ نووية في كوبا.
عقدت لجنة الأمن القومي الأميركي التنفيذية اجتماعها على وجه السرعة, وذلك لمناقشة خمسة خيارات ممكنة, تم تحديدها بشكل مبدئي باعتبارها تمثل ما يمكن القيام به لاحتواء خطر بطاريات الصواريخ السوفييتية النووية المنشورة في كوبا, وتمثلت الخيارات الخمسة في الآتي:
• خيار عدم القيام بأي شيء.
• خيار استخدام الضغوط الدبلوماسية بما يدفع موسكو إلى إزالة بطارياتها الصاروخية من كوبا.
• خيار شن هجوم جوي ضد بطاريات الصواريخ السوفييتية الموجودة في كوبا.
• خيار القيام بعملية غزو عسكري أميركي كامل النطاق ضد كوبا.
• خيار الحصار البحري ضد كوبا.
خلال مداولات اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس الأمن القومي الأميركي, تمت مناقشة التوازن الاستراتيجي بين أميركا والاتحاد السوفييتي وذلك على أساس اعتبارات جانبين, هما:
• التوازن العسكري: لم يتأثر التوازن العسكري الأميركي-السوفييتي, وذلك لأن مقاربة أي مواجهة عسكرية بين الطرفين, تشير إلى أن النتيجة الحتمية سوف تكون واحدة, وهي: الدمار الشامل المؤكد للطرفين, طالما أن كل طرف يملك ما يكفي من الرؤوس الحربية غير التقليدية لتدمير الطرف الآخر وتدمير الكرة الأرضية.
• التوازن السياسي: سوف يتأثر التوازن السياسي الأميركي-السوفييتي, وذلك لأن عدم قيام واشنطن بأي إجراء, هو أمر سوف يترتب عليه من جهة إضعاف مكانة أميركا السياسية, وفي نفس الوقت من الجهة الأخرى تعزيز مكانة الاتحاد السوفييتي السياسية.
على خلفية المفاضلة بين معطيات التوازن العسكري, ومعطيات التوازن السياسي, استقر قرار اللجنة التنفيذية على خيار التطويق البحري للجزيرة الكوبية من خلال التمركز العسكري الدولي المتعدد الأطراف في المياه الدولية, وبالفعل فقد سعت واشنطن وحلفاءها إلى إنفاذ ما عرف بمعاهدة الريو الخاصة بالمساعدات الأميركية البينية المتبادلة, والتي تجمع الولايات المتحدة الأميركية ودول أميركا الجنوبية الحليفة لواشنطن, لجهة القيام بالتحشد العسكري البحري في المياه الدولية المحيطة بالجزيرة الكوبية, الأمر الذي أدى إلى دفع موسكو لجهة الوصول إلى قرار بسحب بطاريات الصواريخ من كوبا, وعقد اتفاق مع واشنطن يضمن أمن وسلامة كوبا.

مقاربات حملة بناء الذرائع الجديدة:
تقول الدكتورة كريستينا واي لين, التي أعدت الورقة البحثية, بأن إسرائيل تواجه أزمة صواريخ سورية, بسبب تزويد دمشق-كما هو مزعوم-لحزب الله اللبناني بصواريخ سكود, وأشارت الدكتورة كريستينا إلى النقاط الآتية باعتبارها تمثل العوامل الحاكمة في سيناريو المعالجة الأميركية-الإسرائيلية المقترحة لأزمة صواريخ حزب الله:
• أن تعلن إسرائيل بأن حزب الله اللبناني يمثل قطعة عسكرية من الجيش السوري.
• إن أي ضربة عسكرية توجه لإسرائيل بواسطة حزب الله اللبناني هي بالضرورة ضربة موجهة بواسطة إحدى قطع الجيش السوري.
وأضافت الدكتورة كريستينا قائلة, بأنه يتوجب على إسرائيل وأميركا القيام بإسقاط معطيات سيناريو التعامل مع أزمة الصواريخ الكوبية, لجهة بناء وإنفاذ سيناريو للتعامل مع أزمة صواريخ حزب الله اللبناني, وذلك عن طريق تطبيق المبادئ الآتية:
• الهدف: محور حزب الله-سوريا-إيران.
• الأسلوب: اتباع المسار المزدوج العسكري-الدبلوماسي.
واقترحت الدكتورة كريستينا, أن يسعى محور واشنطن-تل أبيب من أجل بناء تحالف دولي إقليمي, يضم الأطراف الآتية:
• الولايات المتحدة الأميركية.
• إسرائيل.
• حلف الناتو.
• دول الخليج العربي.
• المعتدلين العرب.
وإضافة لذلك, اقترحت الدكتورة كرستينا, بأن يتم استخدام بنود مبادرة تعاون اسطنبول التي أطلقها حلف الناتو, كمظلة للعمل الدولي-الإقليمي المتعدد الأطراف العسكري-الدبلوماسي من أجل احتواء أزمة صواريخ حزب الله اللبناني.
لم تكتف الورقة البحثية, بالتطرق إلى المعطيات النظرية المتعلقة بسيناريو الاحتواء وإنما سعت إلى اقتراح المقاربة العملية-التطبيقية, عن طريق الآتي:
• الخطوة الأولى: التطويق البحري والدبلوماسي ضد سوريا وإيران وحزب الله.
• الخطوة الثانية: التحضير والاستعداد لشن الحرب ضد محور سوريا-إيران-حزب الله اللبناني.
هذا, وبعد ذلك خلصت ورقة الدكتورة كريستينا إلى أن طبول الحرب سوف تظل تقرع بشكل متزايد يوما بعد يوم في الشرق الأوسط, وبالتالي فمن المهم والضروري لإسرائيل وأميركا وحلفاءها أن يقفوا إلى جانب بعضهم البعض من أجل مواجهة الخطر النووي الإيراني. وخطر سوريا وحزب الله اللبناني, وإضافة لذلك, أكدت الدكتورة كريستينا على ضرورة أن تسعى واشنطن من أجل تأكيد مصداقية وقوفها إلى جانب إسرائيل في الوقت الذي أصبحت فيه العديد من أطراف المجتمع الدولي تقف موقف المتفرج.
برغم جهود الدكتورة كريستينا التي سعت من خلالها إلى مقاربة سيناريو أزمة صواريخ حزب الله بأزمة الصواريخ الكوبية, فإنه قد فات على الدكتورة أن تضع في حساباتها, أن الأوضاع الجيوبوليتيكية في منطقة الشرق الأوسط تختلف جذريا عن الأوضاع الجيوبوليتيكية في منطقة خليج المكسيك. وأن الرأي العام الدولي يقف إلى جانب الحقوق المشروعة لشعوب المنطقة في مواجهة إسرائيل التي ترفض الامتثال للشرعية الدولية. وإضافة لذلك, إن بناء تحالف يضم حلف الناتو وأميركا وإسرائيل إلى جانب دول المنطقة هو مجرد افتراض نظري, طالما أن كل التجارب السابقة قد أكدت بما لا يدعو للشك, بأن كل من تحالف وتعاون مع محور واشنطن-تل أبيب, قد أصابته الخسارة إضافة إلى تزايد مخاطر المعارضة الشعبية الواسعة.

 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...