مستقبل العلاقات الأميركية-الإسرائيلية على خلفية مذبحة قافلة الحرية
الجمل: أشارت العديد من التقارير والتحليلات إلى أن العلاقات الأميركية-الإسرائيلية قد أصبحت على وشك الدخول في أزمة جديدة, وذلك على خلفية تداعيات قيام القوات الخاصة الإسرائيلية باعتراض سفن قافلة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة, وقتل الناشطين المدنيين الذين يرافقونها: ما هي أبرز الوقائع الجديدة في هذا الخصوص, وما هو مدى مصداقية هذه التوقعات؟
مؤشرات الأزمة على الجانب الإسرائيلي:
تقول المعلومات بأن لجنة العلاقات الخارجية التابعة للكنيست الإسرائيلي قد عقدت اجتماعا طارئا استثنائيا, بعد مرور 24 ساعة على قيام القوات الخاصة الإسرائيلية بتنفيذ عمليتها العسكرية ضد قافلة المساعدات الإنسانية في عرض البحر, وهي في طريقها إلى قطاع غزة, وتقول المعلومات بأن الاجتماع الطارئ للجنة كان مخصصا من أجل الاستماع لإفادات الجنرال مائير داغان الرئيس الحالي لجهاز المخابرات الإسرائيلي, المعني بملف الأمن الخارجي الإسرائيلي, هذا, وأشارت المعلومات إلى أن الجنرال مائير داغان, وفي بادرة غير مسبوقة قد صب جام غضبه على الإدارة الأميركية الحالية, ومحملا واشنطن مسئولية ما حدث, وأشارت إفادات الجنرال مائير داغان إلى النقاط الآتية:
• سعت أوباما إلى التقليل من شأن الوسائل العسكرية والإعلاء من شأن الوسائل الدبلوماسية, وقد أدى ذلك إلى تراجع قوة النفوذ الأميركي بما ترتب عليه بالضرورة تراجع قوة النفوذ الإسرائيلي.
• تحولت إدارة أوباما إلى معالجة النزاعات بالوسائل الدبلوماسية, وهو أمر سوف يشكل عبئا خطيرا على إسرائيل التي تعتمد الوسائل العسكرية في معالجة نزاعاتها في المنطقة.
• تنظر إسرائيل إلى السياسة الأميركية باعتبارها تمثل "الرصيد الاستراتيجي" لإسرائيل ولكن في ظل تحولات إدارة أوباما فإن السياسة الأميركية سوف تمثل "عبئا استراتيجيا" على إسرائيل.
• التحولات الجديدة في السياسة الأميركية سوف تؤدي إلى تآكل وضعف الدعم الأميركي لإسرائيل.
هذا, وأشارت التحليلات الإسرائيلية, إلى أن إفادات رئيس الموساد الجنرال مائير داغان تمثل في أحد جوانبها موقفا إسرائيليا رسميا رافضا لاستراتيجية الأمن القومي الأميركي الأخيرة, التي اعتمدتها الإدارة الأميركية قبل خمسة أيام.
مؤشرات الأزمة على الجانب الأميركي:
سعت الإدارة الأميركية إلى حماية إسرائيل داخل مجلس الأمن الدولي, وتقول المعلومات, بأن الإسرائيليين وجماعات اللوبي الإسرائيلي كانوا يتوقعون أن ترفض إدارة أوباما بشكل قاطع صدور أي قرار دولي بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية وبالتالي وبالرغم من نجاح دبلوماسية الإدارة في دفع مجلس الأمن الدولي باتجاه إصدار قرار خال من أي إدانة لإسرائيل, فإن مجرد صدور القرار أدى إلى حالة غضب متزايدة في أوساط الإسرائيليين ودوائر اللوبي الإسرائيلي الذين أكدوا عدم قبول أي شيء أقل من الفيتو الأميركي في المجلس.
تضمنت مواقف جماعات ورموز اللوبي الإسرائيلي توزيعا للأدوار في توجيه الانتقادات للإدارة الأميركية, ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• المجموعة الأولى: ويتزعمها اليهودي الأميركي إيليوت ابراهام, (مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي خلال إدارة بوش الجمهورية السابقة).
• المجموعة الثانية, ويتزعمها اليهودي الأميركي ديفيد ماكوفيسكي (مسئول ملف عملية سلام الشرق الأوسط في معهد واشنطن التابع للوبي الإسرائيلي) وركزت على مسار ضرورة الضغط على المجتمع الدولي لكي يعترف بحث إسرائيل في فرض الحصار على قطاع غزة واستهداف الضفة الغربية, وجنوب لبنان, باعتباره حقا مشروعا طالما أنه يندرج ضمن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
انحصرت الانتقادات الموجهة لإدارة أوباما حول ملف إسرائيل في دوائر خبراء ورموز اللوبي الإسرائيلي, إضافة إلى رموز الجماعات المسيحية الصهيونية, ولكن, وبرغم ذلك, فقد برزت العديد من أًصوات الخبراء الاستراتيجيين الأميركيين, الذين صبوا جام غضبهم ضد إسرائيل, ومن أبرز هؤلاء برز -وبشكل غير مسبوق– الخبير الاستراتيجي الأميركي أنطوني كورديسمان, والذي سارع إلى نشر مقال على موقع مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركية, وجه فيه المزيد من الانتقادات الصريحة لتوجهات السياسة الإسرائيلية الحالية, وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط التي أشار إليها على النحو الآتي:
• الروابط الأميركية مع إسرائيل لا تقوم بشكل أساسي على مصالح أميركا الاستراتيجية.
• تلتزم أميركا بحماية أمن إسرائيل, والسبب في ذلك أخلاقي في المقام الأول, يقوم على خلفية أن الولايات المتحدة لم تنجح خلال الحرب العالمية الثانية في مساعدة اليهود الألمان واليهود الأوروبيين.
• اعترفت أميركا بإسرائيل منذ إعلان قيامها في عام 1948, وسعت أميركا عام 1967 بشكل جدي إلى ضمان تفوق إسرائيل عن طريق دعمها عسكريا واقتصاديا وسياسيا.
• أكدت أميركا بأن دعمها لأي عملية سلام عربي-إسرائيلي يجب أن تكون مؤدية إلى سلام يحفظ أمن إسرائيل.
وبعد هذه النقاط, تحدث الخبير الاستراتيجي الأميركي أنطوني كورديسمان قائلا, بصراحة, وبكل وضوح, إن عمق الالتزام الأميركي إزاء إسرائيل, يجب أن لا يبرر أو يسوغ لأي حكومة إسرائيلية القيام بالأعمال والممارسات التي تجعل من إسرائيل "عبئا استراتيجيا" على عاتق الولايات المتحدة الأميركية, خاصة وأن ما هو مطلوب أميركيا هو أن تمثل إسرائيل رصيدا استراتيجيا لأميركا.
وأضاف الخبير أنطوني كورديسمان قائلا بأن الالتزام الأميركي بدعم إسرائيل ليس معناه أن أميركا يجب أن تكون ملزمة بدعم إسرائيل طالما أن الحكومة الإسرائيلية لا تسعى من أجل تحقيق السلام مع جيرانها في المنطقة, وأضاف الخبير كورديسمان قائلا بأن الالتزام الأميركي بدعم إسرائيل ليس معناه, أن تكون أميركا ملزمة بدعم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية, أو قيام أميركا باتخاذ المواقف المتشددة التي تساعد إسرائيل في تحويل القدس إلى مدينة يهودية خالصة النقاء, بدلا عن مدينة مختلطة.
هذا ولم يكتف الخبير كورديسمان بذلك, وإنما أضاف قائلا بأن الدعم والتأييد الأميركي لإسرائيل ليس معناه أن تتعامل واشنطن بسلبية إزاء سلسلة الحماقات الاستراتيجية الإسرائيلية مثل:
• القصف الاستراتيجي الإسرائيلي ضد لبنان في حرب صيف عام 006م.
• تصعيد الهجمات الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
• إعاقة جهود الرئيس الأميركي من خلال الإعلان عن توسيع جهود بناء المستوطنات وفي التوقيت الحرج للغاية إزاء الجهود الأميركية لدعم عملية سلام الشرق الأوسط.
• إرسال القوات الخاصة الإسرائيلية من أجل الاستيلاء على سفن قافلة المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة.
هذا, واختتم الخبير الاستراتيجي الأميركي أنطوني كورديسمان مقاله قائلا, بأن الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بدعم إسرائيل, وبالمقابل فإن على إسرائيل أن تلتزم بدعم الولايات المتحدة الأميركية, وعلى وجه الخصوص من خلال عدم القيام بالأعمال والممارسات التي تلحق الضرر بمصالح الولايات المتحدة.
وأضاف قائلا, بأن الولايات المتحدة الأميركية لا تحتاج إلى المشاكل غير الضرورية في المنطقة التي تعتبر بالأساس من أكثر مناطق العالم اضطرابا, وأشار كورديسمان إلى أن على الإسرائيليين أن يدركوا بأن للصبر الأميركي حدوده, وبأن دعم اليهود الأميركيين لإسرائيل, لا يمكن أن يتيح لإسرائيل الحصول المطلق على كل شيء!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد