مواجهة بين تشافيز والفاتيكان: البابا ليس سفيراً للمسيح على الأرض

16-07-2010

مواجهة بين تشافيز والفاتيكان: البابا ليس سفيراً للمسيح على الأرض

تصاعدت حدة التوتر بين فنزويلا والفاتيكان بعدما أمر الرئيس هوغو تشافيز وزير خارجيته نيكولاس مادورو بمراجعة الاتفاقيات المبرمة بين كاراكاس والكرسي الرسولي، وذلك على خلفية الحملة التي يشنها الأساقفة الفنزويليون على الرئيس اليساري المناهض للولايات المتحدة، ودعمهم الواضح للمعارضة اليمينية في تلك الدولة الأميركية اللاتينية ذات الغالبية الكاثوليكية. فنزويلي يحمل صورة للسيد المسيح خلال مسيرة تأييد لتشافيز في العام 2007
وقال تشافيز، خلال اجتماع لقياديين من «الحزب الاشتراكي الموحّد في فنزويلا» أمس، إن الاتفاقيات التي أبرمت بين فنزويلا والفاتيكان في عهد الرئيس الأسبق رومولو بيتانكور (1959- 1964) قد منحت الكنيسة الكاثوليكية الكثير من الامتيازات على حساب الكنائس الأخرى، في ما يعد انتهاكاً فاضحاً للدستور، مشدداً على أنّه «آن الأوان لإعادة النظر في هذه الاتفاقيات».
ويبدو أنّ الرئيس الفنزويلي قد سعى بتصريحاته تلك إلى إعادة التذكير بسياسة التهميش والقمع التي واجهتها الكنائس المحلية المنبثقة من تيار «لاهوت التحرير» في أميركا اللاتينية، والتي بلغت ذروتها مع وصول البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى السدّة البابوية في العام 1978، وتعيينه الكاردينال جوزيف راتسينغر (البابا الحالي بندكت السادس عشر) رئيساً لمجمع العقيدة والإيمان.
ورأى الرئيس الفنزويلي إلى أنّ «الاكليروس يمتلك نفوذاً لا حق له فيه»، مشدداً على أنّ «الشعب لن يخدع بأولئك الذين يريدون إبعاده عن النضال». واستشهد تشافيز بالمغني الفنزويلي أليخاندرو بريميرا، الذي قال يوماً: ّ«إذا أردت مساعدة من راهب، فإياك أن تذهب إلى الأسقف».
واعتبر تشافيز أنّ «البابا ليس سفيراً للمسيح على الأرض»، موضحاً أنّ «المسيح لا يحتاج إلى سفراء. إنه حاضر في كل مكان، وخصوصاً في المناطق التي نناضل فيها من أجل العدالة وتحرر الفقراء».
وتأتي تصريحات تشافيز، في الوقت الذي يشتد فيه الصراع بين مجلس الأساقفة الفنزويليين والمعارضة اليمينية من جهة، ومناصري «الثورة البوليفارية» من جهة أخرى، قبل شهرين من موعد الانتخابات التشريعية، التي يسعى أنصار الرئيس اليساري من خلالها إلى تعزيز موقعهم في البرلمان.
وكانت حملة الأساقفة الفنزويليين على تشافيز قد بلغت ذروتها الأسبوع الماضي، عندما شنّ الكاردينال أوروسا سافينو هجوماً حاداً على الرئيس اليساري، متهماً إياه بقيادة البلاد «نحو دكتاتورية ماركسية لينينية» تستند إلى «نموذج غريب» مستنسخ عن نظام الاتحاد السوفياتي.
لكن الهجوم الأعنف جاء أمس الأول على لسان أسقف ميريدا، بالتاسار بورّاس الذي قال إنّ «ما يحدث في فنزويلا شبيه بما حدث في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية وإسبانيا في عهد (الدكتاتور) فرانكو».
ولم يقف الهجوم الكنسي على تشافيز عند حد الانتقادات السياسية، فقد أصدر الأساقفة الفنزويليون في نيسان الماضي بياناً أعربوا فيه عن قلقهم من «تنامي النزعة المناهضة للدين وانتشار الأفكار الماركسية الإلحادية» في البلاد.
وفي ردّه على هذه الحملة، اعتبر تشافيز أن الأساقفة الكاثوليك «ينقضون الدستور لأنهم لا يعترفون بالطابع العلماني لدولتنا»، مشيراً إلى أنّ «الكاردينال أوروسا ومجلس أساقفة فنزويلا يحاولون أن يمنحوا أنفسهم سلطات الدولة».
وقال تشافيز إنّ «الكرادلة يعتقدون أن بإمكانهم أن يضعونا في موقف دفاعي عندما يقولون إنني ماركسي. بالطبع، أنا ماركسي، لكنني مسيحي قبل أي شيء آخر». وأشار تشافيز إلى أنّ الكنيسة الكاثوليكية تستورد أفكارها من الخارج، بالنظر إلى ولائها لـ«قيادتها» في الفاتيكان.
ومن الواضح أن هذا التراشق بين الرئيس الفنزويلي والكنيسة الكاثوليكية - الذي انخرط فيه قياديون من معسكر تشافيز وآخرون من معسكر المعارضة والكنيسة - مرشح لمزيد من التصعيد مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في السادس والعشرين من أيلول المقبل، ما يجعل الحملة الانتخابية بالنسبة لأنصار «الثورة البوليفارية» معركة لتكريس العلمنة في البلاد، ووسيلة تنتهجها قوى المعارضة لتأليب الرأي العام الفنزويلي على الرئيس اليساري.


وسام متّى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...