فضيحة غالانت: الوثيقة مزوّرة وأشكنازي غير مشتبه فيه
بدا أنّ القيادة الإسرائيلية، بمستوييها العسكري والسياسي، وجدت مخرجاً للملمة آثار وثيقة غالانت، على ما هي أكبر فضيحة تضرب قيادة الصف الأول في جيش الدولة العبرية منذ أكثر من نصف قرن. حلّ مؤقَّت يقضي بمنع ضباط الجيش من التداول بالموضوع، وبالقول إنّ الوثيقة التي تشوّه سمعة رئيس الأركان غابي أشكنازي ومرشحين آخرين لمنصب رئاسة هيئة الأركان، مزوّرة. ويقضي المخرج نفسه بمواصلة التحقيق بالفضيحة حتى مع أشكنازي، لكن ليس على اعتبار أنه مشتبه فيه.
وصدر أمس، التصريح الرسمي الأول عن الشرطة التي حققت في حيثيات الوثيقة، وتحدّث عن أدلة تشير إلى أنَّ «وثيقة غالانت» هي «مزّيفة». لكنّ هذا التفصيل لن ينهي القضية، بل على العكس، قد يزيدها تعقيداً للبحث عمّن زوّر الوثيقة التي تدعو إلى تعميق الخلاف القائم أصلاً بين أشكنازي ووزير الدفاع إيهود باراك، والعمل على اختيار قائد المنطقة الجنوبية يوآف غالانت، قائداً للهيئة العامة للأركان.
وجاء في بيان النيابة العامة الإسرائيلية للمحكمة المركزية في مدينة بيتح تكفا، أنَّه «في هذه المرحلة، من الممكن القول إنَّ شكوى أيال أراد (الذي اشتكى من أن المستند مزيف بعدما ظهر رمز مكتبه على صفحاته) تحتوي على أدلة ذات أساس». وأضاف أنّ «بأيدي الشرطة عدداً من الإفادات من مصادر مختلفة عن أن المستند مزيّف».
ورغم ذلك، توقّعت الصحف العبرية أن يُستدعى أشكنازي للتحقيق معه مجدداً من الشرطة، لكن لا كمشتبه فيه، ومن دون أن يحذره المحققون من الإدلاء بإفادة كاذبة، بعدما تبيّن أن الوثيقة التي أثارت الضجة كانت بحوزته منذ أربعة أشهر، ولم يسلمها للمسؤولين عنه. ورأى ضباط رفيعو المستوى في الجيش أنّ تعامل أشكنازي مع الموضوع «لا يتلاءم مع تصرّف القادة».
كذلك يُتوقع استدعاء ضباط آخرين من الجيش للتحقيق. وقالت صحيفة «هآرتس»، على لسان محللها للشؤون العسكرية عاموس هارئيل، إنَّ الشرطة ستبدأ قريباً التحقيق مع مشتبه فيهم في القضية تحت التحذير بفرضية أن «الوثيقة مزيّفة وأنّ من المتوقع أن تورّط ممارسة التزييف ضبّاطاً كباراً، من الاحتياط والنظامي». وكانت القناة الإسرائيلية الأولى قد كشفت أنَّ عدداً من الضباط قدّموا إفادات في الشرطة، ومنهم قائد المنطقة الجنوبية يوآف غالانت، وقائد المنطقة الشمالية غادي آيزينكوت، وصديق أيزينكوت الضابط غابي سيبوني. وخرج رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن صمته، ولو متأخراً، إذ نقلت الصحف العبرية عن بيان صادر عن مكتبه أن «رئيس الحكومة يقول إن انشغال قيادة الجيش الإسرائيلي في موضوع التحقيق يجب أن يتوقف، وهو يتوقع من القيادة الأمنية والعسكرية الاستمرار في العمل معاً، من خلال التعاون من أجل أمن إسرائيل».
بيان تلى اجتماع عقده «بيبي» مع باراك للتباحث في القضية، مع ترجيح أن يلتقي نتنياهو مع أشكنازي قريباً.
وفي السياق، نفت مصادر في مكتب رئيس الحكومة أنباء تردّدت عن أنّ باراك يمارس ضغوطاً على رئيس الحكومة كي يمتنع عن التدخل في الموضوع.
أنباء عزّزتها تسريبات صحيفة «هآرتس»، كشفت فيها أنَّ أشكنازي توجّه قبل شهرين إلى نتنياهو، لإقناعه بالتدخل في تعيينات قيادة الجيش. وفي هذا اللقاء، طلب رئيس الأركان من نتنياهو أن يستعمل تأثيره على وزير الدفاع لتأخير موعد اختيار قائد هيئة أركان جديد، وإعلان اسمه في شهر تشرين الثاني. وبحسب الصحيفة نفسها، ادّعى أشكنازي أن هذا المطلب من نتنياهو كان يهدف إلى منع نشوء «وضع غير صحّي» بأن يكون للجيش «قائدان» بما أنّ ولاية أشكنازي تنتهي في شباط 2011. ووفق الرواية نفسها، أبلغ نتنياهو باراك بضرورة تأجيل التعيين، وعلى ما يبدو استجاب باراك له، وأجّل إعلان القائد الجديد، رغم أنّ ذلك كان يجدر أن يحصل في منتصف حزيران الماضي. واللافت أنَّ أشكنازي، خلال لقائه بنتنياهو، لم يبلغه بوجود «وثيقة غالانت» التي ظهر أنها كانت بحوزته منذ نهاية نيسان. يُذكر أنّ باراك بدأ مقابلة المرشحين لوظيفة قائد هيئة الأركان في الرابع في آب الجاري. وبعد يومين، أي في السادس من آب، نشرت القناة الثانية الوثيقة ـــــ الفضيحة.
إلى ذلك، ظهرت عدة تفاصيل جديدة عن الشهادة الأولى لأشكنازي أمام الشرطة؛ فقد جرى التحقيق في «بيت الجندي» في القدس المحتلة، يوم الأربعاء 11 آب، فور إدلائه بشهادته أمام لجنة «تيركل» حول جريمة «أسطول الحرية». وقد اختير هذا المكان كي لا تلتقط وسائل الإعلام صوراً له. وبحسب ما كُشف من معلومات، فإنّ أشكنازي اعترف لكلّ من المستشار القانوني للحكومة والمفتش العام للشرطة بأن الوثيقة بحوزته، وذلك بعد 4 أيام من اندلاع القضية، أي في 10 آب. واللافت أن أشكنازي لم يصارح المتحدث العسكري العميد آفي بنيهو بالأمر إلا في وقت لاحق.
فراس خطيب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد