فرنسا تعود إلى العمليات العسكرية في إفريقيا
أرسلت فرنسا وحدات من جنودها، وخاصة من قوات النخبة، إلى النيجر من أجل العمل على تحرير سبعة فرنسيين يعملون في شركة أريفا المتخصصة بانتاج اليورانيوم، تم اختطافهم هناك .
ونقلت مصادر إعلامية فرنسية أنه شوهدت في المطار العسكري، على الأقل، ثلاث طائرات فرنسية لنقل الجنود، وطائرات مقاتلة وطائرات استطلاع وتجسس، وتفيد بعض المعلومات بأن هذا تم من دون أي تنسيق مع الحكم العسكري الذي استولى على السلطة بانقلاب قبل أشهر، على الرغم من ادّعاء باريس موافقة السلطات الحاكمة . وقد أبدت فرنسا العزم على تحرير رعاياها السبعة المختطفين في النيجر، وبذلك تُدشّن، بهذا العمل، عودة عسكرية في مستعمراتها السابقة في إفريقيا بعد غياب 25 سنة .
يرى مراقبون في باريس أن هذه الحركة العسكرية تؤشر إلى أن فرنسا قررت بالفعل الدخول في مرحلة أخرى متقدمة من التصادم مع تنظيم “القاعدة” في بلاد المغرب الإسلامي . كما تشير إلى أن توتراً يخيم في سماء العلاقات بين دول الساحل وبين كل من الجزائر وليبيا .
ما يزيد الأمر خطورة أن هذه الدول الإفريقية تجد نفسها في صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل، حيث الصراعات الدولية تتجاوزها، وبالتالي فهي لن تكون إلا خاسرة . ولعل الدليل الأكبر على هذا يتجلى في فرنسا وغيرها من الدول العظمى التي لم تكن حاضرة للمساعدة حين حل الجفاف (وهو لا يزال مستمراً) واستشرى الفساد السياسي في هذه الدول، بل زاد الطين بلة ترحيل فرنسا للآلاف من رعايا هذه الدول .
تأتي فرنسا، هذه المرة، لاسترداد مواطنيها السبعة المختطفين منذ أيام عدة، وللانتقام للمواطن الفرنسي الذي تقول القاعدة إنها أعدمته بسبب الهجوم الموريتاني الفرنسي على بعض مواقعها في يوليو/تموز الماضي .
ولكن كيف تسنى اختطاف رعايا فرنسيين في منطقة حساسة واستراتيجية؟
يبدو أن ضعف إجراءات السلامة مصدره النيجر، وليس فرنسا . فشركة أريفا تمتلك، في باريس، قسماً خاصاً بسلامة عامليها . ويعمل عشرة أشخاص في إدارة الحماية والأملاك . وكانت هذه الشركة قد اتخذت من حماية أفرادها إحدى الأولويات . ويُؤمّن هذا القسم تكوين وتحسيس الفرنسيين المغتربين قبل السفر . كما أنه يظل مرتبطاً ب 15 من “منسّقي الحماية”، وهم في الغالب عسكريون سابقون، موزعون في مناطق جغرافية .
وهؤلاء العملاء هم وسيلة الاتصال ما بين المقر الاجتماعي الرئيسي للشركة والأرض . ويقومون بنقل المعلومات حين تتعقد الوضعية الجيو - سياسية في بلد ما . كما أنهم ينظمون سلامة الكوادر المغتربة على الأرض، بفضل دفتر عناوين مكون من اتصالات حكومية وعسكرية ولكن أيضاً بحرس خاص .
وتختلف إجراءات السلامة من بلد إلى آخر . حيث يمكن أن تقتصر مساعدة الفرنسي المغترب على سيارة مع سائق “إجراء مستوى 1”، إلى سيارة مُؤمنَة مع حرس خاص . أو على مستوى ،3 أعلى درجات الحماية . مستخدمو أريفا الذين يصلون إلى العراق أو إلى النيجر يُتكلف بحماتهم منذ نزولهم من الطائرة ويتم نقلهم إلى فنادقهم في سيارة مصفحة . ويَحْظَون بحماية 24 ساعة في اليوم .
موضوع قلق يضاف إلى الأمر وهو أن الحُرّاس المكلفين بإقامات الفرنسيين لم يكونوا مُسلحين، وهو ما أثار انتقاداً حاداً من مسؤولين نيجريين . بل ذهبت الحكومة النيجرية إلى تحميل شركة أريفا مسؤولية ما حدث، ويذهب الناطق الرسمي باسم حكومة النيجر إلى أن بلده اقترح على أريفا، قبل شهرين، توفير حماية لمستخدميها عن طريق “قوات الدفاع والأمن” وهو ما رفضته الشركة الفرنسية . أما مهمة القوات العسكرية النيجرية فتنحصر في حماية مواقع استخراج اليورانيوم، التي تعتبر “استراتيجية” .
بشير البكر
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد