تزوير شهادة بلد المنشأ تهريب من نوع آخر
تدخل إلى سورية منتجات ومواد استهلاكية من الدول العربية معفاة من الرسوم الجمركية، وفق اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة، إلا أنه في الحقيقة تكون بعض تلك المنتجات مرفقة بشهادات منشأ مزورة وغير مطابقة للمواصفات المعتمدة، ما يشكل تأثيراً سلبياً في الصناعة المحلية، ولاسيما مع الأسعار المنافسة، وعدم التكافؤ بين المنتج الوطني والمنتج الأجنبي (الصيني مثلاً)، وبالتالي ينعكس ذلك سلباً على المنتج المحلي الذي يمتاز بمواصفات جيدة وأسعار مقبولة، حيث تستورد المنتجات من الصين إلى الإمارات مثلاً، ثم تغير شهادة المنشأ، ويكتب عليها صنع في الإمارات، ثمّ تصدر إلى سورية على أنها صناعة إماراتية، مع غياب سجل جمركي في سورية يحتوي على الصناعات المعتمدة في الدول التي تربطنا بها اتفاقيات تجارية، وما يطابقها من صناعاتنا.
وصلت قيمة المستوردات عبر المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، خلال النصف الأول من العام 2010، إلى نحو 8 مليارات و847 مليون ليرة، مقابل 9 مليارات و523 مليون ليرة في الفترة نفسها من العام 2009، وتنوعت قائمة المستوردات ما بين مواد غذائية وأدوية وآليات، وتضمّنت الرز والورق والأدوية البشرية والزراعية والبيطرية والساعات وأفلام التصوير الشعاعي، إضافة إلى السيارات ومختلف أنواع الآليات وقطع التبديل والمواد المعدنية.
- يميل أغلب المواطنين إلى البحث عن المواد والبضاعة التي غالباً ما تحمل اسماً أجنبياً، وكأنّ العملية برمتها متوقفة على أنّ ما صنع في الخارج مضمون، رغم قناعة بعضهم بأنّ هذه المواد أو تلك البضاعة قد تحمل بعض التزوير بالنسبة إلى مكان صنعها، وإضافةً إلى ذلك يبقى احتمال ردّ هذه البضاعة أو تبديلها، في حال فسادها أو عدم مطابقتها للمواصفات المدونة على بطاقة تعريف القطعة، أو تعليمات استعمال منتج ما، يبقى احتمال ردّها ضعيفاً جداً، كما أنّ معظم المواطنين يفضلون استيراد الملابس منها، خاصةً الماركات، وينتظرون التشكيلات الجديدة بفارغ الصبر، كما أورد بعضهم حلولاً يمكن أن تفيد، بحسب اقتراحات بعضهم في تجاوز هذه المشكلة، ومن أهمها: «الـمزيد من التدقيق لتحصيل حقوق الدولة، واستخدام مبدأ العـقاب والثواب، وفي حال كشف حالة الغـش يجب تشديد العـقوبة ليكون المخالف رادعـاً لغـيره، واعـتبار مزوّر شهادة المنشأ كالمهرب في الأحكام الصارمة».
من أهم الأسباب التي يلجأ إليها المخالفون لتزوير شهادة بلد المنشأ، يقول بساطة: «دأب بعـض التجار، ممّن يعـتقدون أنّ التجارة شطارة، عـلى استيراد سلع مختلفة من الصين إلى مناطق حرة في دول مختلفة من الخليج العـربي، حيث يغـيـّرون البطاقات الملصقة بالسلع، لتصبح بقدرة قادر من صنع الإمارات مثلاً، وانطبق ذلك عـلى أجهزة تكييف الهواء وتبريد المياه الخ.. ثمّ تتم المرحلة الثانية من عـملية الشحن إلى سورية. بضاعـة عـربية من مرفأ عـربي إلى سورية الداخلة في اتفاقية منطقة التجارة الحرة العـربية، والتي تمّ إزالة الرسوم الجمريكة بين دولها بالتدريج سنوياً، ولدى تراكـُم الشكوك سافرت لجان عـديدة من «اقتصاد وجمارك» من سورية إلى الإمارات وغـيرها للتأكـّد من وجود معـامل تصنـّع تلك السلع، وعـادت في غـالب الأحيان بالحقيقة المرّة!.
- م.عماد الأصيل، مدير مديريات حماية المستهلك، يقول: «تعدّ بطاقة بيان بلد المنشأ المزورة بمثابة الإعلان المضلل، وهو غش مقصود لتحقيق بعض المكاسب، لذا يأتي دور جمعية حماية المستهلك في تطبيق قانون الغش والتدليس على البضاعة المزورة، كما نحجز البضاعة المستوردة، ونعد ضبطاً، ثمّ يحال المخالفون إلى القضاء، أمّا بالنسبة إلى الإجراءات الخاصة مع المستهلك المتضرر، فنعيد إليه حقوقه من قيمة السلعة، أو ما يناسبها من سلع أخرى ونبدلها»، وأشار الأصيل إلى «حملات توعية المواطنين من أجل طلب الفاتورة، والتي تعد بمثابة هدية السلعة، مع طلب الكفالة وبطاقة البيان».
سعد بساطة (استشاري أعمال) يقول: «قوننت الدول الأنشطة كافة، ولاسيما الاقتصادية منها، ونظـّمت الاستيراد والتصدير، معـتمدة ً مقاييس موحـّدة، ومن أهم الأوراق الرسمية التي تعـتمدها الجمارك شهادة تـُدعـى «شهادة المنشأ»، والتي تنصّ عـلى بلد الأساس الذي انطلقت منه البضاعـة المستوردة، والجدير بالذكر أنّ نادي بروكسيل في بلجيكا يرعـى تنظيم هذه الأمور المعـقدة، والتي لشدة تداخلها أطلق عـليها أحد عـلماء الاقتصاد صفة «طبق السباغيتي»، لتداخل العـلاقات من مواد أولية من بلد، وآلات من ثانٍ، والتصنيع في ثالث، والتصدير عـبر رابع إلى خامس»، وإضافةً إلى ذلك هنالك تعـرفات جمركية مختلفة؛ لبلادٍ مختلفة، بحسب العـلاقات التي تنظمـها كلٍّ عـلى حده مع الدولة المعـنيـّة» ويشير بساطة إلى أنّ الغـش من أقدم الوسائل المستخدمة للهروب من حقوق الدولة، يقدم عـليها بعـض الناس لأسباب عدة ، فيزوّرون بلد منشأ مختلف للاستفادة من إعـفاءات معـيـّنة، وهذا أمرٌ له عـواقبه التي تنعـكس عـلى تاجر الجملة والمفرّق.
إيفين دونا
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد