جولة الانتخابات النصفية الأمريكية: دلالات وتوقعات
الجمل: سوف تنعقد في الولايات المتحدة الأمريكية جولة انتخابات الكونغرس الأمريكي النصفية والتي تحدد لها يوم الثلاثاء الموافق 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010م القادم: فما هي طبيعة انتخابات الكونغرس النصفية؟ وما هي دلالاتها السياسية وتأثيراتها الداخلية والخارجية وعلى وجه الخصوص بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط؟
* مسرح الصراع السياسي الأمريكي: توصيف المعلومات الجارية
تقول التقارير بأن انتخابات الكونغرس النصفية المحدد لها مطلع تشرين الثاني القادم سوف تتم ضمن ثلاثة مستويات هي:
• مجلس النواب الأمريكي: تشمل المنافسة كل مقاعد مجلس النواب الأمريكي البالغ عددها 435 مقعداً وذلك في الـ50 ولاية أمريكية.
• مجلس الشيوخ الأمريكي: تشمل المنافسة حوالي ثلث مقاعد المجلس البالغ عددها 34 مقعداً، إضافةً إلى ثلاثة مقاعد أخرى، أحدها لاختيار السيناتور الذي سوف يحل محل السيناتور جورج بايدن الذي تولى منصب نائب الرئيس الأمريكي، إضافة إلى اختيار سيناتورين آخرين بدلاً عن سيناتورين توفيا خلال الفترة الماضية.
• حكام الولايات: تشمل المنافسة اختيار حاكم 37 ولاية أمريكية إضافة إلى اختيار حاكم منطقتين إقليميتين.
سوف تندلع المواجهة السياسية بين الطرفين الرئيسيين في الساحة السياسية الأمريكية وهما: الحزب الديمقراطي الأمريكي الذي يسيطر حالياً على منصب الرئيس الأمريكي وأغلبية مقاعد مجلس النواب الأمريكي وأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ الأمريكي إضافةً إلى أغلبية حكام الولايات والمناطق الإقليمية الأمريكية. هذا، وتشير التوقعات إلى تزايد مخاوف الديمقراطيين من احتمالات صعود الجمهوريين بما يتيح لهم السيطرة على الأغلبية في مجلس النواب ومجلس الشيوخ إضافة إلى أغلبية حكام الولايات، بما سوف يؤدي بالضرورة إلى تزايد متاعب الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية.
* أبرز التوقعات: ماذا تقول استطلاعات الرأي العام الأمريكي؟
تشير استطلاعات الرأي العام الأمريكي الأخيرة إلى أن نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية يمكن أن تسفر عن الآتي:
- مجلس النواب الأمريكي: توجد حتى الآن 219 دائرة انتخابية مضمونة الفوز للديمقراطيين مقابل 180 دائرة للجمهوريين، مع وجود 29 دائرة لم تتحدد بعد المعالم الرئيسية الخاصة بتفضيلات الناخبين فيها.
- مجلس الشيوخ الأمريكي: المقاعد موضوع المنافسة هي 37 من أصل 100 مقعد، وحتى الآن، تقول التوقعات بأن الديمقراطيين لهم 4 مقاعد مضمونة، والجمهوريون لهم 11 مقعداً مضموناً، أما بقية المقاعد البالغ عددها 22 مقعداً فلم تتضح بعد المعالم والخطوط الرئيسية المحددة لتفضيلات الناخبين الأمريكيين.
- حكام الولايات والمناطق: تشير استطلاعات الرأي إلى أن نسبة توزيع الرأي العام الأمريكي متقاربة جداً بين الجمهوريين والديمقراطيين، وهي 39% للجمهوريين مقابل 40 للديمقراطيين، وعلى الأغلب أن يؤدي "انطباع اللحظة الأخيرة" إلى التأثير على توجهات 21% من الرأي العام الأمريكي، وبكلمات أخرى، فإن الحدث الأخير هو الذي سيكون حاسماً، وفي هذا الخصوص يتأهب الديمقراطيون لجهة ضبط الحدث الأخير بما يتيح لهم الحصول على دعم الرأي العام، وبالمقابل يتأهب الجمهوريون إلى تكثيف الانتقادات ضد الديمقراطيين بما يتيح لهم الحصول على أكبر قدر ممكن من أصوات الأقلية الصامتة.
هذا، وقد سعت بعض مراكز الدراسات الأمريكية إلى تصميم العديد من النماذج التي تسعى للكشف عن المعالم الرئيسية المتعلقة بخارطة طريق كل طرف خلال فترة الثلاثين يوماً القادمة.
* الأداء السلوكي للإدارة الأمريكية الديمقراطية: إشكاليات ما بعد الانتخابات
تحدثت التحليلات والتقارير السياسية خلال الفترة الماضية عن احتمالات كبيرة لجهة ترجيح فوز الجمهوريين بأغلبية في مجلس النواب الأمريكي ومجلس الشيوخ الأمريكي وحكام الولايات الأمريكيين.
من المعروف سلفاً أن الحزب الديمقراطي الأمريكي قد ظل خلال العامين الماضيين يملك أغلبية هشة داخل المجلس النيابي ومجلس الشيوخ الأمريكي إضافةً إلى أغلبية أكبر أوساط حكام الولايات والمناطق الأمريكية.
أجندة الصراع الدائر حالياً سوف تتمثل في الآتي:
• أجندة السياسة الداخلية: مازال الديمقراطيون أكثر اهتماماًُ لجهة التركيز على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية.
• أجندة السياسة الخارجية: مازال الجمهوريون أكثر اهتماماً لجهة التركيز على تفعيل السياسات الخارجية الأمريكية القائمة على مبدأ التدخل وشن المزيد من المواجهات بما يؤدي إلى حماية أمن المصالح الأمريكية.
الصراع بين أجندة السياسة الخارجية وأجندة السياسة الداخلية الأمريكية أدت إلى اندلاع العديد من المواجهات الجمهورية-الديمقراطية:
- سعت الإدارة الأمريكية الديمقراطية إلى فرض المزيد من الضرائب على أصحاب الدخل العالي، وخفض الضرائب المفروضة على أصحاب الداخل المنخفض.
- سعت المعارضة الأمريكية الجمهورية إلى المطالبة بإعفاء أصحاب الدخل العالي من الضرائب المرتفعة مع الإبقاء على الضرائب المرتفعة المفروضة على أصحاب الدخل المنخفض.
هذا، وإذا كانت الإدارة الديمقراطية قد بررت موقفها من الضرائب على أساس اعتبارات السعي لتمويل برامج التأمين الصحي والضمان الاجتماعي مع إتاحة الفرصة لأصحاب الدخل المنخفض لجهة تعزيز قدراتهم الشرائية بما يدفع إلى زيادة الطلب على السلع داخل السوق الأمريكية، فإن المعارضة الجمهورية بررت موقفها من الضرائب على أساس اعتبارات السعي لتقليل الضرائب على أصحاب الدخل الأعلى، بما يتيح لهم المضي قدماً في توسيع الأنشطة الاستثمارية المؤدية بالضرورة إلى زيادة فرص العمل وزيادة الدخل ورفع معدلات الناتج القومي الأمريكي، وأيضاً تأمين المزيد من التفوق المالي للشركات والمنشآت الأمريكية في الأسواق العالمية بما يجعلها أكثر قدرة على منافسة الشركات العالمية الأخرى، وأيضاً مساعدة الشركات الأمريكية على الخروج من تأثيرات الأزمة المالية الأخيرة.
سوف يأتي يوم الثلاثاء 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 القادم، وسوف يذهب الناخبون الأمريكيون لتحديد من سوف يمثلهم في مجلس النواب ومجلس الشيوخ وحكام الولايات؛ وعلى ما يبدو، فإن مشكلة إدارة أوباما الديمقراطية سوف تكون أكثر تعقيداً إذا نجح الجمهوريون في السيطرة على مجلس النواب الأمريكي، وذلك لأنهم سوف يستغلون هذه السيطرة لجهة القيام بإصدار المزيد من القوانين والتشريعات المقيدة لحرية حركة الإدارة الأمريكية الديمقراطية إزاء ملف العراق وملف أفغانستان وملفات الشرق الأوسط الأخرى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد