قضية المبحوح تواصل ملاحقة الموساد: إيرلندا تتوقف عن شراء ذخائر إسرائيلية
ترفض قضية اغتيال الشهيد محمود المبحوح في دبي على يد الموساد الإسرائيلي أن تتراجع عن دائرة الاهتمام والضوء. وفي كل يوم تقريباً تظهر معطيات جديدة. ورغم أن التحقيق الذي أجرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية حول هذه المسألة كشف عدداً من الجوانب الخفية، إلا أنه خلص إلى وصول التحقيق إلى طريق مسدود. ومن شبه المؤكد أن هذا ليست الحال فعلياً خصوصاً بعد إعلان قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان عن معتقل جديد في القضية في إحدى الدول الأوروبية.
وأثار الكشف عن استخدام الموساد لشخصية جندي إسرائيلي، يهودا لوستيج، قتل في حرب تشرين عام 1973 في استصدار جواز سفر بريطاني باسمه واستخدامه في اغتيال المبحوح غضب عائلات الجنود ومنظماتهم في إسرائيل. وأصيبت عائلة الجندي الإسرائيلي القتيل بالصدمة إثر إعلان النبأ. وأعلن رئيس منظمة «يد للأبناء» بتسلئيل فشادي أن «هذا عملاً بالغ الخطورة. وهو مثير للتقزز. وإذا كانوا قد فعلوا ذلك لأسباب ما، كان عليهم أن يبلغوا العائلة. فهناك أرملة وهناك عائلة وما كان ينبغي لهم أن يسمعوا بالأمر عبر وسائل الإعلام».
وكتب المتخصص في الشؤون الأمنية في «يديعوت أحرونوت» رونين بيرغمان أنه «عندما تتضح كامل التفاصيل عن الضرر الذي ألحقته قضية المبحوح بالموساد، وإذا ما كانت المنشورات صحيحة بالفعل فسيكون هناك من سيدّعي بأن هذا لم يحدث أبدا، وانه حتى ما يعتبر الإخفاقات الأكبر (ليلهامر، مشعل، سويسرا، قبرص)، لم يكن كشفاً عميقاً بهذا القدر لأساليب عمل الموساد. إذا كانت هذه هي الحال، فإن هذه هي مصيبة كبرى للموساد، بل وأكبر لدولة إسرائيل، التي تحتاج الآن بالذات إلى خدمات استخباراتية ناجعة. موساد قوية وناجعة كانت كفيلة بأن تمنع، مثلا، قضية الأسطول التركي».
وأضاف «لماذا لم تذكر سلطات دبي اسم لوستيج – لوكوود في المنشورات العديدة وفي الظهور الفضائحي لقائد الشرطة الممتاز ضاحي خلفان؟ السبب هو أن الحديث يدور، على ما يبدو، عن واحد من أصل قائمة طويلة من المشبوهين الذين دخلوا وخرجوا من دبي في تواريخ زار فيها المبحوح دبي حتى اغتياله، وانه خلافا لـ 27 اسما التي نشرت، فإن سلطات دبي لم تكن واثقة من أنهم رجال الموساد. خلفان لم يرغب في أن يظهر كمن ينشر معلومات مغلوطة. رجاله اجروا فحوصاً عديدة مع الحكومات التي استخدم المشبوهون جوازاتها، وفي معظم الحالات تبين بالفعل بأن الأسماء الإضافية ليس لها علاقة. في حالة لوكوود من اللحظة التي تبين فيها بأن الحديث يدور عن إسرائيلي في الأصل، وانه ليس بين الأحياء منذ نحو أربعة عقود، فهموا في دبي وفي بريطانيا على الفور بأنهم أصابوا».
ونقلت صحيفة «معاريف» عن صحف إيرلندية أمس أن من بين عواقب قضية المبحوح واكتشاف دور إسرائيل في تزوير جوازات سفر أوروبية قررت الحكومة الايرلندية الكف عن شراء ذخائر لقواتها من إسرائيل، ونقل الصفقات إلى بلجيكا. وأشارت الصحف إلى أن هذا القرار هو نوع من رد ايرلندا على تزوير إسرائيل لجوازات سفرها.
وأوضحت الصحف الايرلندية أن الصناعات العسكرية الإسرائيلية خسرت ملايين الدولارات جراء إلغاء ايرلندا لعقود تزويد قواتها المسلحة بأكثر من 20 مليون طلقة سنوياً. وأشارت إلى أن عقداً واحداً بشراء 10 ملايين طلقة نقل إلى شركة بلجيكية وإلى دول أخرى بينها البرازيل. وكانت ايرلندا طوال السنوات الخمس الماضية تشتري هذه الذخائر من إسرائيل بقيمة 14 مليون يورو، رغم ضغوط داخلية بفرض مقاطعة على الدولة العبرية.
وفي هذه الأثناء، ورغم استمرار إسرائيل علناً في إنكار أنها وقفت خلف اغتيال المبحوح في دبي فإن عميلا سابقاً للموساد نشر في إسرائيل رواية باسم «دبي» تدور أحداثها حول اغتيال المبحوح. وكتب العميل السابق للموساد، واسمه يومي عيني، الرواية ونشرها حول هذا الموضوع الحساس لأن «من المهم جداً لي أن أظهر أنه ليس هناك في العالم جهاز غير الموساد مؤهل لتنفيذ عمل كالذي تم في دبي، ومن أجل أن يعود الخوف ويستوطن قلوب أعدائنا».
وتشير الرواية الصادرة باللغة العبرية عن دار نشر «ساعر» إلى أنها تستند إلى المعطيات المنشورة لكنها تكمل النواقص بإضافات خيالية. وسبق لعيني أن كان من مؤسسي وحدة النخبة في سلاح الاستخبارات المتخصصة بالتنصت وحل الشيفرات المسماة «الوحدة 8200» قبل أن ينتقل للعمل في الموساد.
وقال عيني، الذي شارك في عملية أو اثنتين للموساد في الخارج حسب قوله، إن مثل هذه العملية لا يمكن لغير الموساد تنفيذها. و«تقديري هذا عمل الموساد. وكصاحب خبرة عملياتية مؤكدة فإنني أقول إنه ليس هناك ولا يوجد جهاز مؤهل لتنفيذ «عمل نظيف كهذا من دون أن يضبط. وهذا رغم تزوير الجوازات التي كشفت وتوثيق الأحداث بكاميرات الفيديو في الفندق والمطار، وهي كاميرات للمفارقة تم تركيبها بأيدي شركة إسرائيلية».
ومعظم التفاصيل في حبكة رواية «دبي» جمعها عيني من وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية. والبقية كانت من فرط خياله الخاص، بما في ذلك الإجابة على السؤال: كيف اغتيل المبحوح. وإجابة على السؤال اختار عيني خيار «الفتاة الطعم» في توجه جيمس بوندي لا يضر التسويق.
وفي الرواية كانت «الطعم» هي «غيل بوليارد» التي حملت جواز السفر الايرلندي المزور في خلية الاغتيال والتي وصلت الى دبي من باريس. وتلعب غيل دور نائبة «كافين» الذي قاد العملية حيث أنه بسبب جمالها وإفراطها في كشف محاسنها نجحت في اجتذاب انتباه المبحوح. وهذا ما أتاح لعملاء الموساد في الغرفة المقابلة اقتحام غرفته. وتعرض الرواية أيضا لتاريخ المبحوح ودوره في إيصال السلاح لقطاع غزة ويتعرض لاستهداف قافلة السلاح في السودان وقصف المنشأة السورية في دير الزور واغتيال الشهيد عماد مغنية في دمشق.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد