التطبير يقسم شيعة البحرين سنوياً في عاشوراء
يدب خلاف كبير بين المسلمين الشيعة في البحرين مع كل إطلالة لشهر محرم حول طريقة إحياء مراسم مناسبة عاشوراء، ذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد النبي محمد.
ففي الجزيرة التي تعتبر الدولة الخليجية الوحيدة التي يُسمح فيها للشيعة بإحياء هذه المشاعر بشكل علني في الشوارع، يتركز الخلاف حول "التطبير" أو ضرب القامة بالسيف، وهو تقليد بدأ العمل به في العهد الصفوي بإيران بالقرن السادس.
وقد اختلف علماء الشيعة على تحريمه من تحليله، ويستعين كل فريق بمصادره لإثبات صحة وجهة نظره.
ويقود التيار الرفض لضرب الرؤوس بالأدوات الحادة علماء الدين المقربين من فكر رجل الدين الشيعي اللبناني الراحل، محمد حسين فضل الله، الذي كان يرى أن "التطبير" يشوه المذهب والدين ويعتبره شكلاً من أشكال إيذاء النفس، إلى جانب مخاطر انتقال مرض الايدز بين الممارسين لهذا الطقس باستخدام نفس الأدوات الحادة.
وحوّل أنصار هذا الاتجاه من شيعة البحرين عزاء "التطبير" إلى حملات للتبرع بالدم عوض إراقته دون فائدة، وساهمت هذه الحملة في زيادة مخزون بنك الدم بمستشفى السلمانية بمناسبة عاشوراء من كل عام، وذلك بإشراف وزارة الصحة والأطباء، بالإضافة إلى "صندوق النعيم الخيري" الذي كان أول من أسس هذا المقترح قبل 12 عاما.
وأكد مدير حملة التبرع بالدم، نادر النشيط، على أهمية استمرار هذه الشراكة التي رأى أنها "تمثل قوام المجتمع الإنساني وترقى بالمشاريع والفعاليات إلى أسمى المستويات بل وتضمن استمراريتها وتحث على أهمية دعم مخزون بنك الدم المركزي وذلك بالدفع نحو نشر ثقافة التبرع بالطوعي بالدم."
وأشاد النشيط بكل المتبرعين والمتبرعات الذين "تستنهضهم القيم الدينية والإنسانية الخيرة للإقبال على هذا النوع من العطاء والإبقاء على استلهام الروح الإنسانية من نهضة الإمام الحسين وذلك بالتأكيد على أهمية التلاحم بين مكونات المجتمع البحريني بمختلف انتماءاته وتياراته" على حد تعبيره.
وشدد النشيط على أن دعم مخزون بنك الدم المركزي، يساعد على "توطيد العلاقة بين فئات المجتمع البحريني بمختلف انتماءاته وأطيافه، في إطار تعميق ثقافة التبرع بالدم ،" في إشارة إلى التنوّع المذهبي للمجتمع البحريني.
من جانب أخر يصر أنصار ممارسة طقوس "التطبير" والذين يقودهم "تيار الشيرازي" - وهم أقلية في البحرين - على مواصلته في يوم العاشر من محرم بشوارع البحرين، بل إن البعض يحوله إلى مصدر لفوائد دنيوية، بينها اكتساب الشجاعة وتعديل ضغط الدم واعتدال النبض وخفض كمية السكر في الدم.
بل وصل الأمر بأنصار هذا التيار إلى القول أن التطبير يخفّض كمية الشحوم الثلاثية والكولسترول في الدم، ويصرّون على أن من يُطبر "لا تأتيه النوبات القلبية حتى يموت" والفائدة الأهم و التي أعجزت منتجي الشامبوهات والأدوية هي معالجة ظاهرة قشرة الرأس، علماً أنه ما من إثبات علمي لهذه النظريات.
ويرى أنصار التيار الشيرازي أن وقف "التطبير" في عزاء عاشوراء "بداية وقف العزاء برمته."
يشار إلى أن "التطيير" لفظ عامي مأخوذ من طبر الشيء بالسكين، واللفظ مستخدم في العراق وما جاوره من عرب الجزيرة الشمالية والجنوبية والخليج والأهواز، فيقولون طبر الخشبة أو العظم بالطبر (الفأس أو القدوم أو الساطور في الشام) ويقصدون الضرب بالساطور وغيره من الأدوات الحادة، ويرى البعض أن للفظ أصول تركية أو بابلية لأن طَبَرَ في العربية الفصحى لا تصح إلا بمعنى قفز واختبأ.
محمد القسرة
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد