لماذا تكتئب بعض النساء في المرحلة الأولى من الزواج؟
نظن اننا سندخل عالماً سحرياً يجنّبنا الخيبات ويغسل لنا الماضي، ونعيش ونحن في ضيافته لحظات تنسينا "حوادث الدهر"، ونشارك في حفلة "أنس" لا تنتهي، يحلو فيها الغزل مع شريك يشبه، بشهامته ورجولته ، ابطال الروايات الرومنسية...فاذا بنا ندخل عالماً "يفجّر" واقعيته بعنف مفاجئ، واذا بالمشهد الشبيه بصورة رائعة، يتلاشى لتحل محله الصورة الحقيقية لعالم لم نغادره فعلاً الا في مخيلتنا. وها هو الشريك يأكل محدثاً صوتاً مزعجاً، مثلاً، وها هي "حفلة الأنس" تنتهي بسرعة وعلى نحو غير متوقع، وتعطي "دورها" للأعمال الروتينية، واذا بالفراغ يسيطر علينا ما ان ندخل عالماً اعتقدناه سحرياً فاذا به في الحقيقة عالم ربما كانت فيه السعادة "لحناً قصيراً"...عالم تنتمي اليه مؤسسة الزواج...فهل مصيرنا اذاً الكآبة؟
يبدو ان هذا الشعور بالاحباط هو بالفعل ما ينتظر بعض النساء في المرحلة الأولى من الزواج، وفقاً للأبحاث التي اجريت اخيراً في الولايات المتحدة. فالبعض يعتقد ان "بناء حياة جديدة مع الشريك يتم بين ليلة وأخرى"، بحسب الاختصاصية في علم النفس الدكتورة جاين غرير في حديث معها عبر الانترنت الى نيويورك. وبعد التحضيرات للعرس والانتهاء من حفل الزفاف ربما شعرت المرأة انها وصلت الى هدفها، وتالياً قد لا تعرف ماذا ينتظرها، وربما تكون الحياة الجديدة التي عليها ان تحياها مع الشريك، مربكة. "هذا الشعور بالكآبة الذي يطاول الكثير من النساء في العالم غالباً ما ينتج من الفراغ الذي ينتابهن بعد اللحظات المشوقة والمتعبة التي تسبق حفلة الزفاف. هذا الشعور لا ينتاب كل النساء، ولكننا لاحظنا، من خلال الأبحاث، ان عدداً كبيراً منهن يدخلن مؤسسة الزواج وفي بالهن صورة غير واقعية عن الحياة المشتركة، فيصبن بصدمة ما ان يتصرف الآخر بأسلوب لا يتطابق مع الصورة المثالية التي رسمنها له في مخيلتهن". بعضهن، ربما، يشعرن بالحزن الطفيف فقط وقد يحتجن الى وقت للتأقلم مع الآخر وعاداته ومزاجه، ولكن الواقع يفيد ان الزواج "يحتاج منا الكثير من الجهود لينجح، وما يجب ان تفهمه المرأة هو ان العمل يبدأ منذ اللحظة الأولى منه وحتى في فترة شهر العسل"، تضيف غرير. واذا كان الرجل بدوره يحتاج الى الوقت ليفهم عادات المرأة فان الواقع يفيد انها تصاب بكآبة أكثر منه بعد الزواج لأنها تميل أكثر الى الرومنسية والى الاعتقاد بأن المشكلات تنتهي ما ان يصبح الآخر زوجها وانها ليست مضطرة للعمل على إنجاح العلاقة. وتقول غرير: "المشكلة التي قد تواجه الرجل والمرأة بعد الزواج انهما ينسيان ان العمل الحقيقي يبدأ ما ان يعيشا تحت سقف واحد"، وان الشغف "القابل للعطب" يستلزم" الكثير من الانتباه وانه يحتل الأولوية شأنه شأن الأمور الحياتية".
فترة شهر العسل ضرورية اذاً ويجب ان تكون المرحلة الانتقالية التي على المرأة ان تعبرها نحو الواقع بسلاسة ومن دون ان تتصرف مع الشريك وكأنه ملكاً لها، وتالياً تظن انها تستطيع ان تهمله، او ان تهمل مظهرها الخارجي في حضوره، او ان تنتقده بقسوة مثلاً. "بإيجاز على المرأة الا تتصرف بلامبالاة وان تنغمس في عاداتها السيئة امام الرجل وان تواجهه كأنه صديقها اذا شعرت انه يتصرف بدوره بأسلوب يشعرها بأنه يستصغرها او يستهتر بوجودها". المواجهة اللبقة تسعفهما في اللحظات المحرجة وتبعد عنهما الكآبة او القلق الذي لا ينقطع او الملل الذي يتسرب ما ان نعتقد اننا "حصلنا" على الآخر وصار في استطاعتنا ان نمتنع عن التعامل معه برقة، وكأنه لم يكن بالأمس الحبيب الذي جاهدنا، ربما، لنفوز بقلبه. لا نبالغ في إكرامه، وفي الوقت عينه لا نتعامل مع قصتنا معه كأننا نقلب صفحات كتاب خيالي، وننتظر منه ان يكون تالياً عاطفياً على نحو صبياني او ان يولينا كل انتباهه. "لهذا السبب انصح النساء بأن يحافظن على هواياتهن وعلى صداقاتهن لكي يبتعدن وقتاً كافياً عن الشريك ثم يعدن اليه وفي جعبتهن الكثير من القصص الصغيرة والممتعة عن نهارهن"، الأمر الذي يعطي بعداً آخر للعلاقة. والأهم الا نسمح لأنفسنا باطلاق العنان لغضبنا اذا شعرنا بأن الكآبة التي نشعر بها سببها إهمال الشريك، وفي الوقت عينه الا نستسلم ونفقد الأمل بنجاح العلاقة ما ان تواجهنا العقبات المحتومة. "الزواج يتطلب منا العمل ثم العمل وبعدهما العمل، والقدرة على التوصل الى حل وسط. فعندما نتعامل مع العلاقة على انها جزء من حياة غنية نحياها، نفهم اذذاك ان علينا ان نكون واقعيين وان نعمل جاهدين على ايجاد الحلول بإيجابية...". المهم ان نفهم ان الزواج في كل مراحله يتطلب عاملين اساسيين هما:"المجهود والالتزام".
هنادي الديري
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد