واشنطن تمهد للهجوم على سورية من تركيا
رفعت واشنطن وتيرة تدخلها في الشؤون السورية بالإعلان عن استهداف الرئيس بشار الأسد بعقوبات، بالاضافة الى عدد من الشخصيات والمسؤولين والشركات السورية، في الوقت الذي بدا فيه أن الأوضاع المضطربة التي شهدتها سوريا خلال الاسابيع الاخيرة، تتجه نحو شكل من الهدوء النسبي وانفتاح قنوات حوار بين السلطة وشخصيات معارضة ووجهاء مختلف المحافظات، ما يطرح علامات استفهام حول هدف مثل هذه الخطوة وجدواها بالإضافة الى توقيتها الذي يأتي عشية الخطاب المقرر أن يلقيه الرئيس الاميركي باراك أوباما اليوم، والمتوقع أن يتطرق فيه الى الموضوع السوري.
وجاءت الخطوة التي اعلنتها وزارة الخزانة الاميركية فيما شدد الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف على حق سوريا في التعامل مع شؤونها الداخلية، مؤكدا انه لن يوافق على تبني قرار في مجلس الأمن الدولي يجيز استخدام القوة ضد دمشق.
وقال ميدفيديف، في مؤتمر صحافي في مدرسة سكولكوفو لإدارة الأعمال بضواحي موسكو، «في ما يتعلق بقرار حول سوريا: لن أؤيد هذا القرار (الذي يجيز استخدام القوة لحماية المدنيين)، حتى لو طالب به أصدقائي». وأوضح انه سيعارض هذا الأمر، لأن القرار 1973 الذي أجاز استخدام القوة ضد نظام الرئيس الليبي معمر القذافي، والقرار السابق الذي أدان القمع في ليبيا، قد «داستهما» البلدان الغربية. وأضاف إن «الرئيس الأسد قد أعلن عن إصلاحات. ويجب القيام بما
من شأنه أن يساهم في جعل هذه الإصلاحات فعالة، وليس ممارسة ضغوط مع تبني قرارات دولية، لأن ذلك، بصورة عامة، لا يسفر عن نتيجة. ويخلق التفسير الحر الاعتباطي لمثل هذه القرارات وضعا مختلفا تماما في نهاية المطاف. ويتعلق ذلك بطائرات ودبابات وليس بتدابير الضغط الحكومي». وتابع «من الضروري ترك الدول تختار طريقها للتنمية، وإعطاء القيادة السورية الفرصة لحل مشكلاتها الداخلية».
وعشية خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم حول الوضع في الشرق الأوسط، تكثفت حركة واشنطن في المنطقة. ولفت في هذا الإطار الحركة الدبلوماسية والعسكرية النشطة للإدارة الأميركية في اتجاه تركيا.
وكشفت صحيفة «راديكال» التركية عن جوانب مما دار في لقاء عقد بين السفير الأميركي في أنقرة فرانسيس ريكياردوني ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان. وذكرت أن السفير الاميركي أشار إلى خطاب أوباما اليوم وأنه سيتطرق إلى الوضع في سوريا، وأن أوباما يريد دعما لما سيرد في خطابه، خصوصا أن له شقين سياسيا وعسكريا. ومع أن أوباما لن يعلن عن حرب على سوريا لكنه يريد تمهيد الأجواء لاتخاذ خطوات زاجرة ضد النظام السوري. وذكرت «حرييت» أن اردوغان أبلغ ريكياردوني أن أي تصعيد للوضع في سوريا سينعكس سلبا على العراق ولبنان وحتى الأردن وسيدخل الشرق الأوسط وضعا خطيرا جدا.
إلى ذلك، قال السفير السوري لدى تركيا نضال قبلان، لصحيفة «دايلي نيوز» التركية، «ما لم يمر بشكل جيد في سوريا هو الصلة التي أقيمت بين الأحداث في سوريا والأحداث في حلبجة». وأضاف «لم نفكر أبدا بأن ثمة سوء نية لدى تركيا. ربما كانت تريد إيصال رسالة. لكنها رسالة سلبية. لم يؤد ذلك الى أزمة. قلنا اننا لم نستسغها».
وكان أردوغان قال، في مقابلة مع قناة تركية في 9 الحالي، انه يأمل في «ألا تتكرر مجازر حماه او مجازر حلبجة في العراق». وقال السفير السوري «في حلبجة، استخدم (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين أسلحة كيميائية للقضاء على مجموعة بكاملها. وما يحصل في الواقع في سوريا، هو أن وحدات صغيرة من الجيش تواجه عصابات تقتل عناصر الشرطة».
- وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، أن أوباما وقع أمرا تنفيذيا يفرض عقوبات على الأسد ومسؤولين سوريين بحجة «انتهاكهم حقوق الانسان».
وكانت حكومات اوروبية اتفقت مؤخرا على تشديد العقوبات على القيادة السورية، لكنها قالت انها ستقرر الاسبوع المقبل ان كانت ستضم الاسد الى القائمة.
ويقضي الاجراء الذي أعلنته وزارة الخزانة الاميركية بتجميد أي اصول للمسؤولين السوريين في الولايات المتحدة او في نطاق اختصاص السلطة القضائية الأميركية، ويحظر بصفة عامة على الافراد والشركات الاميركية التعامل معهم.
وبالإضافة الى الاسد، تستهدف العقوبات نائبه فاروق الشرع ورئيس الحكومة عادل سفر، ووزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار، ووزير الدفاع علي حبيب، ورئيس الاستخبارات العسكرية عبد الفتاح قدسية، ومدير الامن السياسي محمد ديب زيتون، بالاضافة الى العقيد حافظ مخلوف، وهو ابن خالة الاسد.
وقال القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين، في بيان، إن «الاجراءات التي اتخذتها الادارة تبعث برسالة لا لبس فيها الى الرئيس الاسد والقيادة السورية والمطلعين على بواطن الأمور في النظام بأنهم سيحاسبون على العنف والقمع المستمرين في سوريا». وأضاف «يجب على الرئيس الأسد ونظامه الوقف الفوري لاستخدام العنف والاستجابة لدعوات الشعب السوري إلى حكومة أكثر تمثيلا والسير في طريق اصلاح ديموقراطي له مغزى».
وكان أوباما وقع، في 29 نيسان الماضي، أمرا تنفيذيا فرض فيه أول مجموعة من العقوبات ضد جهاز الاستخبارات السوري واثنين من أقارب الأسد. ووسع القرار امس المجموعة المستهدفة، لتشمل 10 اشخاص وكيانات، ضمنها الاستخبارات العسكرية السورية ومديريات الاستخبارات العامة والجيش والقوات الجوية ودائرة الامن القومي، بالاضافة الى 3 شركات، هي «صندوق المشرق للاستثمار» و«شام القابضة» و«بنا» الخاصة.
كما قرر أوباما معاقبة اثنين من مسؤولي «الحرس الثوري» الإيراني بسبب «دورهما في قمع الحركة الاحتجاجية» في سوريا. وتناول الأمر التنفيذي قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني و«أحد معاونيه الرئيسيين» محسن شيرازي.
وقالت ادارة اوباما، في بيان، «ما زلنا قلقين جدا حيال ضلوع أجهزة ايرانية في اعمال العنف الاخيرة في سوريا»، مضيفة «ان مبادرتنا تسلط الضوء على دعم ايران للانظمة التي تقمع بعنف ارادة شعوبها بالتمتع بحكومات اكثر مسؤولية وتمثيلا».
وفي تصعيد للتدخل في الشأن السوري، دعت الولايات المتحدة الاسد الى «قيادة عملية انتقال سياسي او الرحيل»، مرفقة هذه الدعوة بالاعلان عن فرض عقوبات مباشرة عليه. وقالت وزارة الخارجية الاميركية في بيان انه «يعود الى الاسد قيادة عملية انتقال سياسي او الرحيل».
وفي الكونغرس، رحب الجمهوريون جون ماكين وليندساي غراهام وماركو روبيو والسناتور المستقل جو ليبرمان، الذين طالبوا مؤخراً بفرض المزيد من العقوبات على دمشق، بقرار الإدارة الأميركية. واعتبروا أن القرار «يوجه رسالة واضحة لا لبس فيها بأن الولايات المتحدة متضامنة مع المتظاهرين الشجعان في سوريا وأن نظام الأسد فقد شرعيته».
كما رحبت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الجمهورية أليانا روس ليتنين بالقرار الأميركي، معتبرة أنه «إيجابي». وأعربت أيضاً عن أملها في أن «تذهب الإدارة أبعد من ذلك من خلال تطبيق العقوبات الحالية بشكل كامل». وأعلنت أنها ستقدم قريباً مشروع قانون من أجل «تعزيز وزيادة» العقوبات ضد سوريا.
وكانت سويسرا أعلنت انها ستمنع سفر 13 مسؤولا سوريا، ليس بينهم الأسد، إليها وستجمد أي أرصدة لهم في بنوكها تماشيا مع قرار أصدره الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي. وقالت وزارة الاقتصاد في بيان ان التوصية السويسرية الجديدة تشمل حظرا على المعدات العسكرية والاجهزة التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي.
الى ذلك، فتحت المدارس والمحال التجارية بشكل طبيعي في دمشق وعدة مدن سورية اخرى، في تجاهل للدعوة التي وجهها معارضون للقيام بإضراب عام ردا على «العنف الذي تبديه السلطات في قمع الاحتجاجات».
وبدت الحياة طبيعية في دمشق ومدينة حلب والقامشلي وحماه واللاذقية وحمص حسب ما أكد سكان هذه المدن. وقد دعت صفحة «الثورة السورية 2011» المعارضة على موقع «فيسبوك» الى القيام بالإضراب سعيا لمزيد من الضغوط على النظام.
وأعلنت منظمات حقوقية في بيان مشترك ان السلطات السورية «اعتقلت الأحد الصحافيين رأفت الرفاعي وموسى خطيب في مدينة حلب وذلك بعد سلسلة من الاستدعاءات الأمنية المتكررة بحقهما».
وشيّع من مستشفى الشهيد عبد القادر شقفة العسكري بحمص ثمانية شهداء من قوى الجيش والأمن الداخلي استشهدوا برصاص «عناصر إجرامية مسلحة» في منطقة تلكلخ أول من أمس، بحسب ما ذكرت وكالة «سانا».
ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد المقيمين في تلكلخ قوله ان الدبابات السورية قصفت المدينة لليوم الرابع على التوالي. وقال «ان المدفعية والأسلحة الآلية الثقيلة قصفت الطريق الرئيس المؤدي إلى لبنان خلال الليل وكذلك حي الأبراج المجاور الذي تسكنه اقلية من التركمان والاكراد».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد