فرنسا وحلف الأطلسي يعتزمان نشر مروحيات في ليبيا
اغتنمت الولايات المتحدة وصول مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان فجأة إلى بنغازي، لدعوة الرئيس الليبي معمر القذافي إلى سلوك طريق المنفى، محاولة بذلك تقديم دعم سياسي جديد للثوار الليبيين، في موازاة خطوات مماثلة من الاتحاد الأوروبي، الذي شدد عقوباته على نظام القذافي، وألمانيا، التي افتتحت مكتب اتصال لها في الشرق الليبي، وروسيا وتركيا اللتين استقبلتا ممثلين عن المجلس الوطني الانتقالي المعارض.
في هذا الوقت، يبدو أن التدخل العسكري الغربي ضد نظام القذافي قد بدأ يأخذ منحى جديداً، بعدما كشفت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية عن استعداد فرنسا والحلف الأطلسي لنشر مروحيات عسكرية في ليبيا، بهدف كسر الجمود الميداني السائد منذ أسابيع.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان أعلنت فيه عن زيارة فيلتمان لبنغازي، وهي تعد الأولى على هذا المستوى لمسؤول أميركي منذ بدء الانتفاضة على القذافي قبل نحو ثلاثة أشهر، إن الولايات المتحدة «مصممة على حماية المدنيين الليبيين، وترى أن على القذافي أن يتنحى ويغادر البلاد».
واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن زيارة فيلتمان تشكل «إشارة أخرى إلى الدعم الأميركي للمجلس الوطني الانتقالي المحاور الشرعي وذي المصداقية».
ورحب المجلس الانتقالي الليبي بهذا الدعم الدبلوماسي، لكنه رأى أن الدعم العسكري يبقى السبيل الوحيد لمساعدة المعارضة على إلحاق الهزيمة بالقذافي. وقال المتحدث باسم المجلس عبد الحفيظ غوقة إن «الاعتراف (بالمعارضة) وزيارة المناطق المحررة أمر غير كافٍ»، مضيفاً «حاولنا جاهدين أن نشرح لهم أننا نريد سلاحاً، وأننا نريد تمويلاً، لكي نصل إلى نتيجة ناجحة في وقت سريع، وبأقل كلفة إنسانية ممكنة».
وتأتي زيارة فيلتمان إلى بنغازي، بعد ساعات قليلة على زيارة مماثلة قامت بها مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إلى عاصمة الثوار، حيث افتتحت مكتباً للاتحاد في المدينة.
وقرر وزراء الخارجية الأوروبيون، خلال اجتماعهم في بروكسل يوم أمس، توسيع العقوبات المتخذة بحق أعضاء في النظام الليبي، والتي تتضمن تجميد أرصدة ومنع الحصول على تأشيرات سفر، لتشمل شخصية إضافية قريبة من القذافي وشركة طيران ليبية.
وجاء في بيان تبناه الوزراء الأوروبيون ان «الاتحاد الأوروبي قرر تكثيف جهوده بهدف منع نظام القذافي من الحصول على موارد وأموال، وذلك لمنعه من تعزيز ترسانته العسكرية وتجنيد مرتزقة».
وإضافة إلى ذلك، رفع الاتحاد الأوروبي المجلس الوطني الانتقالي الليبي إلى صفة «المحاور السياسي الرئيسي الذي يمثل تطلعات الشعب الليبي»، الأمر الذي يشكل خطوة على طريق اعتراف رسمي بالمجلس من قبل الأوروبيين.
وأعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله أن برلين افتتحت مكتب اتصال لها في بنغازي، مشيراً إلى أن المكتب سيباشر مهام عمله من خلال مقر مؤقت، وأن «فريق العمل الذي يترأسه دبلوماسيون يتمتعون بالخبرة بدأ عمله بالفعل».
وكان الاتحاد الأوروبي قد افتتح، أمس الأول، مكتب اتصال له في بنغازي. واعتبر فسترفيله ذلك بمثابة «إشارة مهمة تتم بالتنسيق مع المسؤولين في الاتحاد الأوروبي».
في هذا الوقت، أجرى رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي عبد الله غول ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو. وقال داود أوغلو إن أنقرة تنظر إلى المجلس الوطني الانتقالي على أنه شرعي وممثل معترف به للشعب الليبي، مضيفاً أن لدى الشعب الليبي مطالب شرعية، وأن ثمة حاجة لنظام سياسي يلبي هذه المطالب.
كذلك، التقى وفد من الثوار الليبيين في موسكو، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أعرب عن قناعته بأن «وقف الأعمال الحربية والوصول إلى هدنة وحوار واتفاق هي أمور حتمية»، مضيفاً «نحاول تقديم مساعدتنا لوقف إراقة الدماء». لكن ممثل المجلس الوطني الانتقالي عبد الرحمن شلقم، قال إن هناك تفاهما بين المجلس الوطني الانتقالي وروسيا بشأن الاعتراف بـ«حكومة المعارضة في بنغازي». وأكد شلقم أن المعارضة الليبية لا تعتزم إجراء حوار مع القذافي، مشددا على انه «لا يمكن الحديث عن الحوار فى ظل بقاء القذافي في السلطة». وأعرب عن أسفه لسقوط ضحايا مدنيين نتيجة للضربات الجوية التى يشنها حلف شمال الاطلسي على ليبيا. وأضاف شلقم أن القذافي يقوم بإبادة الشعب الليبي، مشيرا إلى أن المعارضة الليبية، لا تنوي إجراء مفاوضات معه. وشدد على أنه ما دام القــذافي في الــسلطة، فلا يمكن الحديث عن بدء حوار وطني.
وكانت موسكو قد استقبلت، الأسبوع الماضي، موفدين من نظام القذافي، وطلبت منهم تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1973 الذي ينص خصوصا على وقف اللجوء إلى القوة ضد المدنيين.
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «لو فيغارو» أن 12 طوافة عسكرية شحنت إلى ليبيا على متن حاملة المروحيات الفرنسية «تونير» في 17 أيار الحالي، وذلك في مسعى لتكثيف الهجمات على قوات القذافي، وكسر الجمود في القتال، مشيرة إلى أن «استخدام هذه المروحيات يعد أحد السبل للاقتراب أكثر من الأرض».
وتعقيباً على هذه المعلومات، قال مصدر دبلوماسي فرنسي إن فرنسا ودولا أخرى في الحلف الأطلسي تعتزم نشر مروحيات في ليبيا في مسعى لزيادة الضغط على قوات القذافي، موضحاً أن «الحديث لا يدور عن مروحيات فرنسية فقط... بل تحرك منسق من جانب التحالف الدولي»، لكنه شدد على أن «هذه الخطوة لا يمكن اعتبارها جزءاً من استراتيجية لاستخدام القوات البرية في الصراع». وأعلنت بريطانيا أيضا أنها سترسل مروحيات لها إلى ليبيا أيضا.
ميدانياً، أعلن الحلف الأطلسي انه شن 50 ضربة ضد مواقع القذافي، مشيراً إلى انه استهدف خصوصا مركزي قيادة قرب طرابلس والبريقة، ومستودعا للذخيرة في سرت.
وأكد الثوار من جهتهم أنهم تقدموا 20 كيلومتراً إلى غرب اجدابيا وباتوا على مسافة حوالى 40 كلم من البريقة. وقال المتحدث العسكري باسم الثوار احمد عمر باني «نعتزم التوجه إلى البريقة في غضون بضعة أيام».
وقال متحدث آخر باسم الثوار الليبيين إن قوات القذافي قصفت بلدة الزنتان الواقعة على مسافة 150 كيلومتراً جنوبي غربي طرابلس، والتي تسيطر عليها المعارضة، وحشدت قوات بالقرب من بلدة يفرن، الواقعة على بعد 45 كيلومتراً شمالي شرقي الزنتان.
وذكر شهود عيان أن القوات الموالية للقذافي قصفت الضواحي الغربية والجنوبية لمدينة مصراتة (150 كيلومتراً إلى الشرق من طرابلس)، مشيرين إلى أن الثوار تمكنوا من صد هجمات لكتائب القذافي على المدينة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد