الحدث السوري على الأرض الأمريكية
الجمل: لاحظ المراقبون والمحللون السياسيون، والخبراء المعنيون بالشأن الإقليمي والدولي تواتر ردود الأفعال الأمريكية الرسمية وغير الرسمية إزاء فعاليات الحدث السوري، وفي هذا الخصوص تشير المعطيات الجارية إلى أن الرسائل المنطلقة من واشنطن بدت هذه الأيام وهي تحمل المزيد من الإشارات السالبة إزاء دمشق: فما هي حقيقة التصعيد الأمريكي وما هي خطوط فعاليات سيناريو المواجهة الدبلوماسية الأمريكية ـ السورية الذي بدا وشيكاً أكثر من ذي قبل؟
* ما الذي يجري على الجانب الأمريكي
تحدثت التقارير والتسريبات قبل بضعة أسابيع عن تباين المواقف داخل الإدارة الأمريكية إزاء كيفية التعامل مع الحدث السوري، وفي هذا الخصوص أشارت المعلومات إلى الآتي:
• معسكر المتشددين: تقوده وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون ويجد دعم عناصر شبكة جماعات اللوبي الإسرائيلي الناشطة داخل الإدارة الأمريكية، والتي تضم على سبيل المثال لا الحصر: السفير جيفري فيلتمان الذي يتولى حالياً منصب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ـ اليهودي الأمريكي دينيس روس المبعوث الخاص الأمريكي السابق للشرق الأوسط، والمسؤول الرفيع المستوى حالياً في مجلس الأمن القومي، إضافة إلى اليهودي الأمريكي شابيرو مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي، والذي تم اعتماد تعيينه سفيراً أمريكياً في إسرائيل، إضافة إلى آخرين، وتقول المعلومات والتقارير بأنهم الأكثر نشاطاً لجهة خيار التصعيد مع دمشق.
• معسكر المعتدلين: ويضم عدداً من أعضاء الكونغرس إضافة إلى عدد أقل من عناصر الإدارة الأمريكية، ويطالبون بالتصعيد ضد دمشق، ولكن ضمن وتائر تدريجية، تتناسب مع ما يحدث فعلاً في المسرح السوري، بحيث كلما تصاعدت الاحتجاجات يتصاعد الموقف الأمريكي، وكلما سعت دمشق إلى الإصلاحات كلما يسعى الموقف الأمريكي لجهة تفادي التصعيد.
• معسكر المتأرجحين: ويضم عدداً كبيراً من أعضاء الكونغرس، وبعض رموز الإدارة الأمريكية بما في ذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما نفسه، ويتميز هذا المعسكر بعدم الثبات على موقف واحد، إضافة إلى أن مواقفه تتميز بالارتباط الوثيق بالموقف الداخلي الأمريكي، بحيث عندما تتصاعد الأصوات الأمريكية الساعية إلى دعم إسرائيل عن طريق استهداف سوريا، فإن هذا المعسكر سرعان ما يقف إلى جانب ذلك.
الجدير بالملاحظة، أن نفس هذه المعسكرات تشكلت على خلفية الخلافات السياسية الداخلية الأمريكية تجاه الموقف السياسي المطلوب إزاء تطورات الأزمة الليبية، وهي الأزمة التي اصطلح بعض الخبراء الأمريكيين على تسميتها بـ(حرب هيلاري كلنتون). وفي هذا الخصوص تقول المعلومات والتسريبات، بأن هيلاري كلنتون نفسها هي الساعية الآن، لجهة التسويق لعقدة "ولع" المواجهة والحرب ضد سوريا.
* مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية: اللوبي الإسرائيلي وطاقة التصعيد ضد سوريا
من خلال المتابعة اليوم لما يدور في أروقة مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية الأمريكية، نلاحظ أن فترة الأسبوعين الماضيين، قد تضمنت المزيد من الفعاليات التي أخذت شكل الندوات وحلبات الحوار وإعداد التحليلات ومقالات الرأي وأوراق الرصد السياسي، والتي ركزت على الآتي:
• الأول: مسار التنديد بالإدارة الأمريكية واتهامها بالتخاذل وعدم الفاعلية لجهة التعامل مع ملف الحدث السوري، وكان اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام الأكثر نشاطاً وإسهاماً في هذا المسار.
• الثاني: مسار انتقاد دمشق، واتهامها، أولاً بالقيام بعمليات الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم الحرب ضد السكان المدنيين، وثانياً اتهام دمشق بعدم الجدية لجهة القيام بإنجاز الإصلاحات المطلوبة.
• الثالث: مسار تحريض دول الجوار السوري ضد دمشق، وعلى وجه الخصوص تركيا، إضافة إلى القيام بتوجيه المزيد من الاتهامات ضد طهران، باعتبارها تقوم بدعم دمشق ضد المحتجين.. وأيضاً تقوم بتزويد الميليشيات والفصائل الشيعية العراقية بالسلاح والعتاد من أجل استهداف وقتل الجنود الأمريكيين الموجودين حالياً في العراق.
هذا، وعلى خلفية هذه النقاط الثلاثة يمكن الإشارة إلى أبرز المقاربات التي تبنتها بعض أبرز المواقع الالكترونية التابعة لمنظومة مراكز بحوث ودراسات جماعات اللوبي الإسرائيلي، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• مركز ستراتفور الاستخباري الأمريكي: نشر تحليلاً، سعى من خلاله إلى اتهام دمشق باعتبارها المسؤولة عن تدبير ما أطلق عليه التحليل تسمية (الاعتداءات ضد السفارتين الأمريكية والفرنسية) وخلص التحليل قائلاً بأن قيام دمشق بتدبير هذه الاعتداءات هدفه الأساسي السعي من أجل تحويل انتباه الرأي العام الداخلي باتجاه الاهتمام بـ(الخطر الخارجي) بدلاً عن المشاكل الداخلية.
• معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: نشر تحليلاً أعده اليهودي الأمريكي أندرو تابلر، وصف فيه السياسة الأمريكية إزاء سوريا باعتبارها أصبحت تتغير نحو الأفضل، بعد زيارة السفير الأمريكي الأخيرة إلى مدينة حماة السورية، وتصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون ضد دمشق التي أطلقتها بالأمس، وأضاف أندرو تابلر قائلاً بأن السياسة الأمريكية إزاء سوريا، سوف تشهد خلال الأيام القادمة بحراً من التغييرات والمواقف المتشددة الجديدة.
• مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: نشر على موقعه الالكتروني شريط فيديو، تحدث من خلاله ستيفن كوك خبير المجلس في الشؤون الشرق أوسطية، عن انطلاق فعاليات هيئة الحوار الوطني السورية، واصفاً الحوار الوطني السوري بأنه يفتقد إلى المصداقية.
هذا، وإضافة إلى هذه الفعاليات التي سعت إلى بناء الذرائع على المستوى غير الرسمي الأمريكي، فإن الأكثر خطورة تمثل في الفعاليات الأخرى التي سعت من خلالها جماعات اللوبي الإسرائيلي لجهة بناء الذرائع ضد دمشق داخل (الكونغرس الأمريكي) وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب الأمريكي: عقدت جلسة استماع قبل حوالي أسبوعين استمعت فيها إلى اليهودي الأمريكي عويلي حاينونين، ضمن إفادات حملت عنوان (إيران وسوريا: الخطوات القادمة) تطرق من خلالها إلى حث أعضاء اللجنة لجهة القيام بممارسة الضغوط على الكونغرس الأمريكي نحو المزيد من استهداف سوريا، وفقاً لمعطيات التقرير الأخير الذي أصدرته وكالة الطاقة الذرية. إضافة إلى ممارسة الضغوط على الكونغرس والإدارة الأمريكية بما يؤدي إلى استخدام الوسائل "الناجعة" التي أصبح من غير الممكن بدونها القضاء النهائي على الخطر النووي الإيراني.
• لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس النواب الأمريكي: عقدت جلسة يوم أمس الثلاثاء الموافق 12 تموز (يوليو) 2011م، استمعت من خلالها إلى إفادات اليهودي الأمريكي أندرو تابلر خبير الشؤون الشرق أوسطية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للوبي الإسرائيلي، وقد سعى أندرو تابلر من خلال إفاداته إلى حث أعضاء اللجنة على ضرورة السعي لممارسة الضغوط على الكونغرس الأمريكي والإدارة الأمريكية لجهة القيام بالآتي:
ـ فرض المزيد من العقوبات الأمريكية ضد دمشق.
ـ القيام بالضغط على حلفاء واشنطن لجهة القيام بإنفاذ نفس برامج العقوبات الأمريكية المفروضة ضد دمشق.
هذا، وأشار أندرو تابلر تحديداً إلى ضرورة أن تتضمن العقوبات الأمريكية الآتي:
• الضغط على الأطراف التي تقوم بشراء النفط السوري.
• الضغط على الشركات الأجنبية الناشطة في مجال الطاقة لجهة وقف استثماراتها في سوريا.
• اعتراض حركة تحويلات عائدات النفط السورية بما يمنع وصولها إلى المصرف التجاري السوري.
• مقاطعة شركات الملاحة البحرية التي تقوم بنقل شحنات النفط السوري.
• استهداف إمدادات الجازولين بما يمنع دمشق من الحصول عليها.
• الضغط على جيران سوريا لجهة التعاون مع واشنطن في برامج العقوبات الأمريكية المفروضة ضد دمشق، وعلى وجه الخصوص العراق والسعودية والإمارات العربية، وإيران، وحثهم على عدم القيام بتقديم الدعم أو التعاون مع دمشق.
هذا، ونلاحظ أن إفادات اليهودي الأمريكي عويلي حاينونين قد هدفت إلى استخدام وتوظيف تقرير وكالة الطاقة الذرية العالمية لجهة استهداف سوريا باعتبارها قد خرقت بنود اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، الأمر الذي يفيد لجهة احتمالات قيام واشنطن أو باريس أو لندن بتقديم مشروع قرار دولي ضد دمشق. وبالنسبة لإفادات اليهودي الأمريكي أندرو تابلر، فهي قد هدفت بوضوح إلى تحريك فعاليات استهداف قطاع الطاقة النفطية السوري، وبالتالي يكون الاقتصاد الوطني السوري هو الهدف الحقيقي لهذه الإفادات وليس حماية السكان المدنيين!
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
ليس غريبا على الولايات
إضافة تعليق جديد