نظرية إطفاء النار بالنار للتخلص من حماس عبر قوات عباس
الجمل: يقسم خبراء العلوم السياسية والنزاعات، الأزمات السياسية إلى نوعين، وفقاً لأسباب حدوثها، الأول يتمثل في أزمات تحدث بشكل طبيعي، وفقاً لتطور الوقائع والأحداث السالبة التأثير، بشكل تتراكم فيه هذه التداعيات السالبة، وصولاً إلى مرحلة الانفجار.. أما الثاني فيتمثل في الأزمات المصنوعة، وهي أزمات يتم التخطيط والإعداد المسبق لها، وعادة ما يكون هذه في الحالة نوعين من الأطراف، هما الطرف الذي يمثل قوى صنع الأزمة، والطرف الذي يمثل القوى المستهدفة بالأزمة.
الأزمة الفلسطينية الحالية، هي أزمة تندرج ضمن النوع الثاني، أي هي أزمة مصنوعة، والطرف الأول، الذي يمثل قوى صنع الأزمة، هو إسرائيل، أمريكا، حلفاء إسرائيل الغربيين، وبدرجة أقل حركة فتحن أما الطرف المستهدف بالأزمة، فهو أغلبية الشعب الفلسطيني الذي صوت لصاح حركة حماس، والقوى الفلسطينية المعارضة لاتفاق أوسلو، وبدرجة أقل القوى الإقليمية المؤيدة للحق الفلسطيني والعربي.
الإعداد والتخطيط للأزمة الفلسطينية بدأ منذ لحظة التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد، بحيث قدمت بعض الأطراف العربية خدماتها في التسويق لاتفاقية كامب ديفيد، واتفاقية السلام الإسرائيلية- الأردنية، وذلك على النحو الذي أوصل معسكر الصداقة العربية- الإسرائيلية إلى استقطاب حركة فتح، وإدخالها، في نفق أوسلو المظلم.
المرحلة الثانية من صنع الأزمة بدأت بالانفراد بياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية ضمن مناطق السلطة الفلسطينية، والتضييق عليهم شيئاً فشيئاً.. مع التملص شيئاً فشيئاً من الاتفاق، على النحو الذي جعل الزعيم الراحل ياسر عرفات يجد مساحة منطقة (حكمه) تتقلص إلى حدود مساحة مكتبه، عندما حاصرته دبابات إسرائيل في رام الله.
تم تسليم محمود عباس مقاليد السلطة الفلسطينية (بدعم إسرائيلي- أمريكي- مصري- أردني)، ووفقاً لقاعدة أن الشعوب لا تخون مهما كانت قياداتها خائنة، فقد كان طبيعياً أن يصحح الشعب العربي الفلسطيني أوضاعه.
ثم حدث أن فازت حماس في الانتخابات التشريعية، الأمر الذي استغلته الأجهزة الإسرائيلية، فعملت على استخدام فوز حماس كذريعة لاستخدام الإجراءات الاستثنائية ضد الشعب الفلسطيني، وساندت أمريكا والدول الأوروبية الإجراءات الاستثنائية الإسرائيلية.
الآن تعمل إسرائيل بنشاط وجهد من أجل توفير الحدث (س)، الذي يمكن استغلاله لتفجير الأزمة الفلسطينية السياسية على النحو الذي يحولها إلى حرب دامية فلسطينية- فلسطينية.. وحتى الآن كان من أبرز المحاولات الهادفة للحصول على الحدث (س)، الآتي:
- تشديد الضغوط الإسرائيلية- الأمريكية على السلطة الفلسطينية.
- تهديدات محمود عباس (رئيس السلطة الفلسطينية)، المباشرة وغير المباشرة لحركة حماس.
- التظاهرات المسلحة لقوات محمود عباس.
- تهديد كتائب الأقصى لحركة فتح باغتيال وتصفية زعماء حماس.
- اغتيال أحد كوادر حركة حماس، (على يد مجهولين) كما تقول الأنباء.
كل هذه التطورات والتداعيات تأتي على خلفية تحركات الإدارة الأمريكية في المنطقة، والتي تهدف بشكل مكشوف إلى بناء تحالف إقليمي دولي يهدف إلى استئصال حركة حماس وحزب الله، بما يمهد ويضع الأساس لبناء نظام إقليمي شرق أوسطي جديد يقوم على استكمال هيمنة إسرائيل.
التخطيط للحرب الفلسطينية الأهلية، لم يعد حصراً على إسرائيل وأمريكا، وحالياً أصبحت بعض الأطراف العربية ضالعة في هذه المؤامرة، وما اجتماع العقبة الذي خاطبه العاهل الأردني الملك عبد الله، و ضم محمود عباس، و(معه مدير مخابراته توفيق الطيراوي)، ومحمد الذهبي مدير المخابرات الأردنية، وعمر سليمان مدير المخابرات المصرية، ويوفال ديشكين رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، وهزاع بن زايد رئيس مخابرات الإمارات العربية، وبندر بن سلطان رئيس مجلس الأمن القومي السعودي.
وقد طرح جلالة العاهل الأردني الأجندة بكل وضوح، وذلك عندما قال: إن المطلوب هو مواجهة التحالف الذي يجمع إيران وسورية وحماس وحزب الله، وأن المسرح هو الآن الساحة الفلسطينية، ولابدّ من خطوات سريعة في هذا المجال.
إذاً، العقيدة العسكرية والقتالية والأمنية التي جمعت جلالة العاهل، ورئيس الأمن الإسرائيلي الداخلي يوفال ديشكين، وبقية الأطراف العربية، أصبحت عقيدة واحدة، تتمثل في وحدة القضية، ووحدة العدو.
- مواجهة (الإرهاب) الذي تقوم به حماس وحزب الله، بدعم إيران وسوريا، هذه هي القضية الواحدة.
- العدو المشترك، هو الأطراف العربية، غير المؤيدة لإسرائيل وأمريكا، وبالتالي فهي التي تقوم بالإرهاب.
لقد تأثر العاهل الأردني وحلفاءه الإسرائيليين بأسلوب جورج دبليو بوش، وذلك على النحو الذي أصبح فيه العاهل الأردني، يحدد معسكر قوى الخير، وقوى الشر في الشرق الأوسط، وبناء على ذلك، سوف يكون العاهل الأردني (وليس ايهود اولمرت) هو الـ(بروكسي) الجديد الذي سوف يقود ميدانياً الحرب الإسرائيلية- الأمريكية ضد الإرهاب في الشرق الأوسط.
وسوف يكون أول فصول هذه الحرب، مستنداً على آخر نظريات الفيزياء التي تقول بإمكانية إطفاء النار باستخدام النار، وذلك على النحو الذي يتم إسقاطه فلسطينياً، بحيث يتم إشعال نار فلسطينية.. النار الفلسطينية التي تهدد إسرائيل بالحريق.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد