بغـداد: المعارضـة السـورية قبلت وسـاطة المالكـي
أعلنت الحكومة العراقية أمس أن المعارضة السورية ردت بالايجاب على دعوة من رئيس الوزراء نوري المالكي لزيارة بغداد بهدف القيام بوساطة بينها وبين نظام الرئيس بشار الاسد، فيما كان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي يشدد على أنه لا «يوجد أي توجه في العالم كله لاستخدام القوة، وليس في الدول العربية فقط» من اجل حل الازمة السورية التي يبدو انها مرهونة بالمسعى العراقي الجديد.
في هذا الوقت، صادق البرلمان الإيراني على اتفاقية التجارة الحرة مع سوريا، في إطار الدعم الإيراني المتواصل لدمشق لمواجهة «الهجمة عليها». وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انه ونظيره الجزائري مراد مدلسي متفقان حيال إخراج سوريا من أزمتها «وفقا لاقتراحات جامعة الدول العربية ومن دون إنذارات»، مؤكدا أن موسكو لا تزال تعارض فرض عقوبات ضد سوريا، وانها تنصح دمشق بتوقيع بروتوكول بعثة المراقبين العرب واستقبال المراقبين في أسرع وقت. وحضت واشنطن والاتحاد الأوروبي روسيا على الانضمام إلى التحرك القائم لوضع حد لصمت مجلس الأمن «غير المعقول» إزاء ما يحصل في سوريا.
وتلقى وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رسالة خطية من وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن «الرسالة تتعلق بآخر التطورات السياسية على الساحتين الإقليمية والدولية والقضايا محل الاهتمام المشترك».
وأعلن مستشار رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، علي الموسوي لوكالة «فرانس برس»، أن السلطات العراقية دعت المعارضة السورية لزيارة بغداد بهدف القيام بوساطة بينها وبين النظام السوري.
وقال الموسوي «لقد دعونا المعارضة السورية إلى زيارة العراق، وقد رحبت بهذه المبادرة من جانب المالكي»، موضحا أن رئيس الوزراء العراقي «كان قد طلب من العديد من المسؤولين السياسيين التفاوض مع المعارضة السورية». وشدد على أن «التحرك العراقي يستند إلى المبادرة العربية إضافة إلى مطالب المعارضة التي ستنقل إلى الحكومة السورية».
وكان المالكي أدلى، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس الأول، بموقف متمايز عن الموقف الأميركي المطالب بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد. وقال «نحن لسنا ضد تطلعات الشعب السوري ولا تطلعات أي شعب آخر، لكن ليس من حقي أن اطلب من رئيس التنحي، ولا نريد أن نعطي أنفسنا هذا الحق»، مضيفا «العراق بلد على حدود مع سوريا وأنا تهمني مصلحة العراق».
وتعقد اللجنة الوزارية العربية الخاصة بالملف السوري اجتماعا في القاهرة السبت، قبل اجتماع آخر لوزراء الخارجية، للرد على الاقتراح السوري بالموافقة على إرسال مراقبين إلى سوريا، في مقابل رفع العقوبات العربية المفروضة على هذا البلد، بحسب ما أعلن دبلوماسي عربي.
وقال العربي، في مقابلة مع صحيفة «الراي» الكويتية نشرت أمس، إن «انتقال الملف السوري إلى التدويل موضوع سيقرره وزراء الخارجية العرب في ضوء ما يقوم به النظام السوري»، مشيرا إلى أن «الجامعة العربية تهتم أساسا بحماية المواطنين السوريين، وتقدر أنه لا بد من توفير الحماية الآن، غير أن توفير الحماية للشعب السوري لا يمكن أن يتم إلا برضا سوريا».
وأضاف العربي إن «الجامعة قررت أن تكون هناك حماية، ووجدت أن الوضع يقتضي وجود مراقبين على الأرض، وليكونوا مفيدين فإنه لا بد من أن تكون لهم حصانة وحق في الحرية والتنقل والمقابلة، ولهذا تم وضع إطار قانوني سمي ببروتوكول ونحن بانتظار أن توقعه سوريا، لأنهم قالوا مرتين إنهم سيوقعونه ولم يفعلوا، بل كانوا يضعون شروطا جديدة»، مكررا أن «الرد السوري المشروط لتوقيع البروتوكول يجب أن يعرض على المجلس الوزاري».
وأشار العربي إلى انه «لم يتراجع عن لقاء المعارضة السورية والنظام في القاهرة، وانه قابل حتى اليوم ما يفوق المئة معارض في القاهرة من المجلس الوطني ومن تنسيقيات الثورة ومن قبائل وبحثنا أمورا كثيرة جدا، ويجب عليهم الجلوس حتى يتفقوا على الخطوات المستقبلية، وطبقا للقرارات، وفي مرحلة معينة ستدعى الحكومة لإجراء حوار شامل».
وحول تداعيات الأزمة السورية على لبنان، أوضح العربي أن «للبنان وضعا خاصا، وكل الدول العربية تقدر هذا الأمر، وهذا الأمر ليس بغريب، فأي قرار يوقع عقوبات على أي بلد فان هناك دولا تتضرر، والدول التي تتضرر تطلب استثناءها من هذه الإجراءات، وهذا أمر طبيعي».
وصادق البرلمان الإيراني على اتفاقية التجارة الحرة بين إيران سوريا، فيما أقرت لجنة المتابعة السورية ـ الإيرانية للتعاون الاقتصادي، خلال اجتماع في دمشق، على تشكيل أربع لجان من الجانبين لبحث سبل تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين.
وأكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان علاء الدين بروجردي، خلال الجلسة، «لقد أنفقت الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا والمنطقة، المليارات من الدولارات لتغيير الهيكلية السياسية في سوريا في خطوه لكسر مقاومتها وصمودها». وأضاف إن «السوريين حكومة وشعبا صامدون أمام المؤامرات الأميركية، وان واشنطن تقوم عبر قناتي «الجزيرة» و«العربية» بشن حمله إعلامية شعواء ضد الشعب السوري والحكومة السورية». (تفاصيل ص 14).
وأكد مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي، في حديث لموقع «عربي برس»، دعم طهران «الثابت والمحكم لحكومة الرئيس بشار الأسد التي تعتبر ضمانة لمحور المقاومة والممانعة».
وأعرب ولايتي عن أمله ان «تتجاوز سوريا الأزمة المفروضة عليها من الخارج بأسرع وقت ممكن». وأشار إلى القوى الإقليمية التي تحرض على حكومة الأسد مثل تركيا وقطر والسعودية، مضيفا «الأفضل لمثل هذه الدول ألا تربط مصيرها بمخططات هذه المؤامرة الدولية الجارية الآن ضد سوريا لأن من يربط نفسه بحبال هذه المؤامرة سيقع في البئر التي أعدتها لدمشق قريبا».
وقال لافروف، بعد اجتماع مع مدلسي، ان روسيا لا تزال تعارض فرض عقوبات على سوريا، مشيرا إلى أن «تجارب» أثبتت أن العقوبات لا تحقق النتائج المرجوة «مع استثناءات نادرة جدا، ونحن غير مستعدين للجوء إلى استعمالها إلا عند الضرورات القصوى».
ولفت لافروف إلى «اتفاق وجهات نظر روسيا والجزائر حيال إخراج سوريا من أزمتها، وفقا لاقتراحات جامعة الدول العربية ومن دون إنذارات». وأعلن أن «روسيا تنصح دمشق بتوقيع بروتوكول بعثة المراقبين العرب واستقبال المراقبين في أسرع وقت»، مشيرا إلى «أننا أبدينا استعدادنا خلال اتصالاتنا مع قيادات جامعة الدولة العربية والحكومة السورية، لضم مراقبين من الممكن أن توفدهم روسيا وغيرها من دول مجموعة «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) إلى المراقبين العرب إذا كان هناك اهتمام بهم».
وقال انه أمر «لااخلاقي» ان يتهم الغرب روسيا بعرقلة قرار في مجلس الأمن الدولي حول القمع في سوريا معتبرا ان الغربيين يرفضون الضغط على «المتطرفين» السوريين. واوضح «ان اولئك الذين يرفضون ممارسة الضغط على الجانب المتطرف والمسلح في المعارضة (في سوريا) هم انفسهم الذين يتهموننا بعرقلة عمل مجلس الامن الدولي. اعتبر ان هذا الموقف لااخلاقي».
وكرر لافروف الموقف الروسي بشأن الملف السوري لافتا الى ان على مجلس الأمن الا ينتقد فقط نظام الاسد. واضاف «ان شركاءنا (...) لا يريدون ادانة اعمال العنف التي تقوم بها المجموعات المسلحة المتطرفة ضد السلطات الشرعية» في سوريا. ورأى ان هدف هؤلاء المعارضين هو «التسبب بكارثة إنسانية دفعا لتدخل أجنبي في النزاع».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «بصراحة نعتقد انه حان الوقت بالفعل كي يرفع مجلس الامن صوته»، منددة بالصمت «غير المعقول» لمجلس الامن ازاء تجاوزات النظام السوري. واضافت «نجدد دعوة جميع شركائنا داخل مجلس الامن لاتخاذ اجراءات والتحدث باسم الابرياء في سوريا، وهذه الدعوة تشمل روسيا».
وتابعت نولاند «من الصعب جدا علينا ان نفهم لماذا لا يريد عضو في مجلس الامن دعم نداء المعارضة السورية». وقالت انه «اذا كانت موسكو قلقة بالفعل ازاء العنف من جانب المعارضة ايضا، فان الموافقة على ارسال مراقبين مستقلين وصحافيين اجانب الى سوريا ستكون افضل وسيلة لمعرفة ما يجري هناك بالفعل وللحصول على الصورة المتوازنة التي يطالب بها الروس بإلحاح».
واعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون ان الاتحاد سيحاول اقناع روسيا بالمشاركة في العقوبات على النظام السوري خلال القمة مع الرئيس ديميتري ميدفيديف في بروكسل اليوم وغدا.
وقالت اشتون، خلال مناقشة في البرلمان الاوروبي في استراسبورغ، «آمل ان يتحرك مجلس الامن. على جميع اعضائه ان يتحملوا مسؤولياتهم لان الوضع ملحّ للغاية». وذكرت ان «الوضع مأسوي في بعض مناطق البلاد، وخصوصا في حمص. ان القمع الوحشي للمدنيين غير مقبول وينبغي ان يتوقف».
وكررت ان «على جميع اعضاء الامم المتحدة ان يتحملوا مسؤولياتهم حيال سوريا». واضافت «نحتاج الى تفاهم دولي لعزل نظام دمشق، يجب اضعافه، عزله». وقالت «لقد تم التخلي عن فكرة إقامة ممر إنساني»، موضحة أن «بعض الأفكار تعرض ويتم بحثها ودراستها، ثم يتخذ قرار بأنها ليست مناسبة بالطريقة التي نريدها. لذلك هذه الفكرة لم تعد مطروحة».
واستبعد مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة جيرار أرو، لمحطة (أي تيلي) الفرنسية، استخدام القوة العسكرية في الوقت الراهن في سوريا، قائلا انه ينبغي القيام بكل ما يمكن القيام به على الصعيد السياسي لتفادي «اشتعال» الوضع في سوريا والشرق الاوسط ككل.
من جهة ثانية، ذكرت وكالة الانباء السورية ان «مجموعة ارهابية مسلحة» فجرت انبوب غاز قرب مدينة الرستن في حمص. وذكرت مواقع انترنت سورية ان حريقا كبيرا اندلع في معمل «علبي تكس» للغزل في منطقة الزربة قرب الطريق الدولية بين حلب ودمشق، هو الثاني فيه خلال أسبوع.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد