16 ألف سوري عضتهم الكلاب في سنة وعضة الكلب تكلف الدولة 26 ألف ليرة سورية
تعد ظاهرة الكلاب الشاردة من المشكلات القديمة التي تعاني منها البلاد والتي تفاقمت بشدة خلال الأشهر الماضية في مختلف المحافظات السورية، حيث انتشرت قطعان من الكلاب في أطراف المدن، وفي داخلها، في وضح النهار أو في ساعات الليل الباردة، ناشرة الذعر بين الأطفال وحتى الكبار، مسببة الخطر على الصحة العامة، وليالٍ طويلة من النباح المتواصل
ولعل الخطر الأكبر في انتشار الكلاب الشاردة وازدياد أعدادها، وانتقالها إلى الأحياء السكنية في المدن أيام البرد الشديد يتمثل في مهاجمتها للسكان، وبالتالي في إمكانية نقلها للعدوى بداء الكلب، ولكن الخطر يبدو أثقل وقعاً مع حوادث مؤسفة وقعت خلال السنوات الأخيرة حيث هاجمت الكلاب أطفالاً، وتسببت بتشوهات بالغة للكثيرين.
مؤشرات خطيرة
وبحسب إحصاءات وزارة الصحة فقد أصيب نحو 16 ألف سوري بعضات الكلاب وغيرها من الثدييات قبل نهاية عام 2011، علماً أن نسبة عضات الكلاب تشكل نحو 95% من مجمل العضات التي يتعرض لها المواطنون، بحسب مدير الأمراض المشتركة في وزارة الصحة الدكتور هيثم حنبلي الذي بين أن عدد المعضوضين خلال عام 2011 مرشح للارتفاع بشدة لعدم تمكن مديريات الصحة في بعض المحافظات من إعداد وإرسال إحصاءاتها الكاملة عن عام 2011، إلى الوزارة بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة وخصوصاً في المناطق الساخنة.
وبيّن الدكتور حنبلي أن دير الزور تصدرت المحافظات السورية من حيث ارتفاع عدد المعضوضين خلال عام 2011، وسجل فيها 2607 إصابات خلال تسعة أشهر، وتلتها حلب وبلغ عدد المعضوضين فيها خلال 11 شهراً 2456 شخصاً، وبلغ عدد المعضوضين في الحسكة 1834 معضوضاً خلال 8 أشهر، وفي الرقة 1625 معضوضاً خلال 10 أشهر، وفي دمشق 1554 معضوضاً خلال 10 أشهر، وفي حماة 1416 معضوضاً خلال 9 أشهر، وفي حمص 1167 معضوضاً خلال 9 أشهر، وفي إدلب 698 معضوضاً خلال 9 أشهر، وفي درعا 603 معضوضين خلال 11 شهراً، وفي اللاذقية 679 معضوضاً خلال 10 أشهر، وفي طرطوس 569 معضوضاً خلال 10 أشهر، وفي ريف دمشق 497 معضوضاً خلال 10 أشهر، وفي القنيطرة 183 معضوضاً خلال 11 شهراً.
وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 19 ألف سوري عضتهم الكلاب وغيرها من الثدييات خلال عام 2010، وأن نحو 17 ألفاً عضتهم الكلاب عام 2009.
كما تشير الإحصاءات إلى وفاة ثلاثة أشخاص بداء الكلب خلال عام 2007 وخمسة أشخاص عام 2008، وستة أشخاص عام 2009، وثلاثة أشخاص عام 2010، وبلغ عدد المتوفين لإصابتهم بداء الكلب خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2011 ثلاثة متوفين في الحسكة وحمص وحماة، إذ إن المصابين بداء الكلب لا يمكن شفاؤهم.
كلفة باهظة
وفضلاً عن المعاناة الجسدية والنفسية الناجمة عن مهاجمة الكلاب الشاردة للسكان فإن عبئاً مادياً كبيراً يُلقى على عاتق وزارة الصحة التي تقدم العلاج المجاني لجميع المعضوضين وقاية من إصابتهم بداء الكلب القاتل «حتماً».
وبيّن الدكتور حنبلي أن علاج المعضوض يكلف ثلاثة آلاف ليرة إذا كان العلاج لقاحاً، وأكثر من 26 ألف ليرة إذا كان العلاج لقاحاً ومصلاً معاً. مضيفاً إن أكثر من 15 ألف معضوض عولجوا باللقاح وأكثر من 2000 باللقاح والمصل معاً عام 2009، وأن نحو 17 ألف معضوض عولجوا باللقاح و2300 باللقاح والمصل معاً عام 2010، موضحاً أن العلاج كان منذ سنوات عبارة عن 21 حقنة تعطى للمعضوض حول السرّة، ولكن هذا العلاج تم إلغاؤه في سورية بسبب آثاره الجانبية مع أنه لم يُلغ عالمياً، وتم استبدله في سورية بعلاج آخر أكثر نجاعة وأغلى ثمناً وهو عبارة عن أربع حقن تُعطى في عضلة اليد وبجرعات قليلة.
من الملام؟
وتحدث الدكتور حنبلي عن أسباب ارتفاع أعداد المعضوضين في سورية مبيناً أن عدم معالجة ظاهرة الكلاب الشاردة هي السبب الرئيس، مبيناً أن هذه المشكلة ليست جديدة في سورية، وأن مفارز البلديات والإدارة المحلية قصّرت كثيراً خلال السنوات السابقة في تصفية الكلاب الشاردة، مضيفاً إن هذا التقصير بلغ ذروته خلال عام 2011 بسبب الأوضاع الأمنية المتردية في بعض المحافظات.
وبين الدكتور حنبلي أن الخطة الوطنية لمكافحة داء الكلب في البلاد تعتمد على ثلاث ركائز تضطلع بها ثلاث وزارات هي وزارات الصحة والزراعة والإدارة المحلية، فمهمة وزارة الزراعة هي ضبط الحيوانات المملوكة وتسجيلها، ومهمة وزارة الإدارة المحلية هي قتل الكلاب الشاردة وغير المملوكة أو غير المسجلة، أما وزارة الصحة فمهمتها علاج المصابين بعضات الكلاب أو بعضة أي حيوان يمكن أن يكون مصاباً بداء الكلب، لذلك فإن وزارة الصحة تتحمل أخطاء الجهات الأخرى وتقصيرها، فلو كانت وزارتا الزراعة والإدارة المحلية تقومان بمهامهما لمكافحة داء الكلب لما كان لوزارة الصحة أي عمل يُذكر في هذا المجال على حين تشير الإحصاءات إلى أعداد كبيرة جداً من الإصابات تقع سنوياً.
وبحسب الإحصاءات المتوافرة فقد قتلت مفارز البلديات والإدارة المحلية خلال عام 2010 نحو 7500 كلب شارد، 6959 منها قُتلت بالرصاص والبقية قُتلت بالسم، كما تمت تصفية 4708 كلاب خلال عام 2009، وانخفض عدد الكلاب المقتولة خلال عام 2011 إلى 1621 كلباً 1273 منها قُتلت بالرصاص و348 منها قٌتلت بالسم. وشكك الدكتور حنبلي بمصداقية هذه الأرقام، معتمداً في ذلك على أن عدد المعضوضين خلال السنوات الأخيرة لم ينخفض مع ارتفاع عدد الكلاب المقتولة، بل على العكس فقد ارتفع بشدة خلال العامين الماضيين.
باسم الحداد
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد