سلع الاحتلال في الأسواق العربية والإسلامية و مرتزقة إسرائيليون «يحمون» حقول نفط خليجية
من المؤسف أن الأنباء عن تغلغل المصالح الصهيونية داخل النسيج الاقتصادي العربي عبر آليات ما يُسمى بالسوق «الحرة» لم تعد تفاجئ أحداً، إلا ان التفاصيل والمعطيات التي حملها تقرير لصحيفة «هآرتس» الاسرائيلية عن «سر تجارة اسرائيل في العالم الإسلامي»، عندما تؤكد أن مرتزقة اسرائيليين يشاركون في «حماية» حقول نفطية عربية في إحدى دول الخليج، إنما ترسم مشهد تعامل راسخ بآليات تورية شبه مقوننة بين رجال الأعمال الإسرائيليين ودول عربية وإسلامية تجهل أو تتجاهل هذه التعاملات التي تساهم بالتخفيف من العزلة المتفاقمة للدولة العبرية.
السعودية والخليج
وتقول «هآرتس» إن «إحدى أكثر البلاد إثارة للفضول في مجال ازدواجية العلاقات مع اسرائيل، هي السعودية»، مضيفة إن «عدداً مهماً من الشركات الإسرائيلية يقوم بتصدير منتجاته إلى السعودية، بما يشمل منتجات تكنولوجية. ويتم ذلك أحياناً عبر شركات فرعية مسجلة في أميركا، بفضل العلاقات الاميركية - السعودية القوية». وتوضح الصحيفة الاسرائيلية بداية أن «شركات إسرائيلية مثل صانع الدروع الفردية «رابينتكس» قد زوّدت ايضاً القوات الأميركية المتواجدة في السعودية بمنتجاتها».
لكن أحد أكثر القطاعات أهمية في مجال العلاقات التجارية السعودية - الإسرائيلية هو قطاع البلاستيكيات، فـ«اسرائيل تتسلم المواد الخام لصناعاتها البلاستيكية، مثل البولياثيلين والبوليبروبيلين، من السعودية ودول خليجية أخرى. هذه المنتجات تصل بطريقة غير مباشرة، لكن السلطات الإسرائيلية تعي تماماً مصدرها». في المقابل، «تصدر الصناعة البلاستيكية الإسرائيلية، أغلفة البيوت البلاستيكية الزراعية، وأدوات الري، وأدوات توضيب المأكولات إلى السعودية»، عبر مصانع لشركات إسرائيلية مستقرة في تركيا.
ويؤكد السفير الإسرائيلي السابق في تركيا آلون لييل أن أرقام التبادل التجاري التركي -الإسرائيلي تضخّمها التجارة الفعلية مع دول عديدة تحظر علناً التعامل مع إسرائيل.
وتشير «هآرتس» إلى أن إسرائيل ساهمت في بناء «جزر النخيل» في دبي بتزويد الإمارة بقطع بناء عبر شركة ايطالية. كما تؤكد أن «عدداً لا يستهان به» من شركات التقنيات العالية الإسرائيلية تعمل في دول الخليج، وخاصة في مجال الأمن الداخلي «الذي ازدهر بقوة قبل اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح».
لكن أخطر ما قد يحمله التقرير يكمن في أن شركة أمنية «مملوكة إسرائيلياً» تحمي حقول النفط في إحدى دول الخليج، وتستقدم إليها مرتزقة اسرائيليين!
كما تصدر اسرائيل إلى دول الخليج «تقنيات طبية، زراعية ومائية». وترتبط مستويات التجارة بالأوضاع السياسية كما يقول السمسار الإسرائيلي نافا ماشيا المقيم في جنيف والذي يختص بحسب الصحيفة الإسرائيلية في تأمين صفقات مع دول المنطقة: «عليك ان تتنبه إلى الوضع السياسي. في بعض الأحيان، عليك أن تتوقف، حتى عن إرسال البريد الالكتروني، حتى تمر الموجة. لكن الاسرائيليين عادوا بالفعل إلى العمل مع دبي، ابو ظبي وقطر».
وتشير «هآرتس» إلى أن ماشيا الذي يزور الخليج مرتين كل عام، جزء من مجموعة تسمى «مبادرة السلام الاسرائيلية»، يقودها ايدان عوفر. ويقول ماشيا «تزداد عزلة اسرائيل تدريجياً في العالم، ومجموعتنا تحاول كسر هذا العزل بطرق عديدة بينها خلق صلات عمل مع دول عربية».
وفيما تؤكد الصحيفة أن التجارة الاسرائيلية تزدهر في العراق أيضاً، يشير اليران مالول من شركة «الأسواق العربية» والتي تختص بتأمين صفقات في الدول العربية، إن «التكنـولوجيا، وخاصة الانترنت، تجعل العالم أصغر»، مضيفاً أن «رجال الأعمال العرب مهتمون بالتقـنيات الإسرائيلية ويبحثون عنها عبر الانترنت وشـبكات التـواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، تويتر، ولينكداين».
ايران
وينقل التقرير حديث رجل أعمال اسرائيلي ملقّب بـ«موتي»، و«يتمتع بصلات في الدول العربية»، عن مفاجأته عندما عرض عليه ممثلو شركة تغذية إسرائيلية معروفة فرصة التصدير إلى ايران، موضحين أنه قد تمّ الاتصال بهم من قبل شركة إيرانية عبر وسطاء في الخارج. ويقول الأستاذ في جامعة القدس العبرية يوري بيالر الخبير في العلاقات الدولية إن «التجارة مع ايران قصة قديمة. المال ليست له رائحة. الإيرانيون يحاولون دائماً العمل (معنا)، وهناك إسرائيليون كثر يبحثون عن الفرص المناسبة لجني الأموال».
ويوضح التقرير الاسرائيلي أنه يتم استبدال إشارات «صنع في اسرائيل» التي تحملها المنتجات الاسرائيلية، عبر دول ثالثة مثل تركيا والدول الأوروبية. ويقول مدير قطاع التجارة الخارجية والعلاقات الدولية في جمعية المصنعين الإسرائيليين دان كتاريفاس «من المحظور الحديث عن هذه الأشياء. الصناعيون الاسرائيليون يريدون البقاء قدر المستطاع بعيداً من الأضواء في هذا المجال. هناك شركات تتصل بنا لتسألنا عن كيفية إخفاء هوية منتجاتها الإسرائيلية، فنوجههم نحو خبراء في هذا المجال، وخاصة في مجالات الشحن والنقل والشركات اللوجستية».
وتؤكد «هآرتس» أن «إسرائيل تستخدم أيضاً شبكات التجارة والاعمال لأغراض سياسية... الدولة تراقب نشاطات رجال الأعمال من الدول العربية وتلجأ لمساعدة رجال الأعمال الإسرائيليين في أداء مهمات دبلوماسية والخدمة كوسطاء في مهمات سرية»، مشيرة إلى قضية شركة «عوفر» الاسرائيلية التي انكشف إعلامياً تعاملها مع اسرائيل، وأكدت مصادر مقربة منها أنها «قد لعبت دوراً كبيراً في أمن اسرائيل».
ترجمة وإعداد:مازن السيّد
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد