منطقة عسكرية سرية تضم 18 ألف مسلح ليبي تقيمها الأردن على حدودها
كشفت أوساط مطلعة عن معروف البخيت ( رئيس الوزراء الأردني الأسبق ) أن المخابرات العسكرية الأردنية ، " المخترقة حتى النخاع أميركيا وإسرائيليا"، قامت خلال الأسابيع الأخيرة ، ودون الإعلان عن ذلك رسميا، بتحويل المنطقة الحدودية مع سوريا بين مدينتي المفرق والرمثا ، أي على امتداد حوالي 30 كم وعمق حوالي 10 كم ، إلى "منطقة عسكرية" يحظرعلى أي شخص دخولها أو الاقتراب منها. وتؤكد هذه الأوساط أن الغاية من إقامة هذه المنطقة هي إنشاء ثلاثة مخيمات كبيرة لإيواء حوالي عشرين ألف ليبي من المنظمات الأصولية التكفيرية التابعة لـ"لواء طرابلس" بقيادة عبد الحكيم بلحاج كانوا بدأوا يتوافدون إلى الأردن تحت غطاء أنهم "جرحى يريدون العلاج"! وتكشف هذه الأوساط أن عدد الليبيين في الأردن أصبح الآن 43 ألفا ، منهم 18 ألف مقاتل من السلفيين ، والباقي مرافقون لهم من أفراد أسرهم لوحظ أن معظمهم من الذكور! وينزل هؤلاء في الفنادق والمشافي العسكرية في ثلاثة مناطق أساسية هي مدينة عمان وضاحية عبدون التابعة لها ومدينة إربد في الشمال . وفيما يتعلق بهذه الأخيرة ، تقول أوساط رئيس الوزراء السابق إن مشافي " الخدمات الطبية الملكية" العسكرية في الأردن ، فضلا عن الفنادق ، أصبحت مليئة عن بكرة أبيها بالمسلحين الليبيين الذين تدفع الحكومة القطرية نفقات إقامتهم في الأردن . وبسبب اكتظاظ هذه المشافي بهم ، وصل الأمر إلى حد إنزال قسم كبير منهم في "مشفى الملك الملك المؤسس عبد الله الجامعي" في الرمثا. وتشير هذه الأوساط إلى أن هؤلاء الليبيين" ليسوا مرضى أو جرحى على الإطلاق ، رغم احتمال وجود البعض بينهم ممن تنطبق عليهم هذه الصفة ، لكنهم مقاتلون سلفيون شاركوا في معارك طرابلس ومصراتة ، ولم يكن بإمكان الاستخبارات الأميركية والأردنية ، ومن ورائهما قطر، إحضارهم إلى الأردن إلا تحت عنوان الاستشفاء ، لاسيما وأن أعدادهم بالآلاف"! لكن هذه المصادر تستبعد أن تسمح الحكومة الأردنية لهم بالقيام بأي نشاط عسكري ضد الأراضي السورية في الوقت الراهن ، فالمرحلة التي سيأتي دورهم فيها ، بحسب ما جرى الاتفاق عليه بين عمّان والدوحة وواشنطن ، هو عندما " تفلت الأمور في سوريا من نطاق سيطرة الحكومة المركزية السورية ، سواء نتيجة لتفكك الجيش السوري أو لتدخل عسكري تحت غطاء عربي و / أو دولي". وباتظار ذلك ما على هؤلاء الليبيين إلا أن يعيثوا فسادا وفوضى في الأردن ، حيث بات العديد من الأردنيين يتقدموا بشكاوى إلى السلطات الأردنية من المضايقات التي يتعرضون لها على أيدي هؤلاء الزعران المرتزقة ( تحرش، اعتداء على أملاك خاصة، تحطيم مصابيح الكهرباء في الشوارع .. إلخ)!
على هذا الصعيد أيضا ، تكشف الأوساط نفسها أن عشرات الضباط التابعين للمخابرات التركية بدأوا يتوافدون مؤخرا إلى الأردن ، ومعظمهم يقيم في " فندق مرمرة" الواقع في شارع مكة بمنطقة "الرابية"، الذي تحول إلى " غرفة عمليات للمخابرات التركية"! ويعمل هؤلاء منذ أسابيع على تجنيد أكبر عدد من هؤلاء الليبيين ونقلهم إلى لواء اسكندرونة المحتل للالتحاق بـ"الجيش السوري الحر" ، بالنظر لأن المعركة التي ستبدأ انطلاقا من الأراضي الأردنية " قد تطول بعض الوقت"، وبالتالي قد يطول انتظارهم في الأردن وربما يفوتهم قطار "الجهاد"!
ولكن أين موقع الساسة اللبنانيين من هذا كله!؟
تفيد مصادر أردنية مطلعة بأن المخابرات الأردنية ، التي تراقب الوضع عن كثب ، سجلت الشهر الماضي عملية نقل أكثر من خمسين طنا من الأسلحة الإسرائيلية إلى مطار إربيل في كردستان لصالح ، قيمتها أكثر من 650 مليون دولار سددتها الحكومة القطرية لحساب شركة " رافائيل" للصناعات العسكرية الإسرائيلية . وتضم هذه الأسلحة قواذف وألغاما مضادة للدروع و قناصات ودروعا فردية للمقاتلين وأجهزة اتصال وكميات كبيرة من الذخيرة لزوم الأسلحة المرفقة بها. وتكشف هذه المصادر أن زيارة النائب اللبناني وليد جنبلاط إلى قطر مؤخرا ، ثم إلى كردستان العراق ، ويوم أمس إلى تركيا ، تتعلق بهذه الشحنة تحديدا. كما أن زيارة سمير جعجع إلى إربيل في 12 من الشهر الماضي كانت على صلة مباشرة بالقضية نفسها. وبحسب هذه المصادر، فإن المعنيين يواجهون صعوبة الآن في نقل هذه الشحنة إلى شمال لبنان من أجل تمريرها إلى ريف دمشق وحمص ، لاسيما بعد أن نشر الجيش اللبناني عددا من وحداته في منطقة "وادي خالد" المتاخمة لحمص ، وبعد كثف " حزب الله " من تواجد عيونه الساهرة على امتداد المناطق الحدودية التي يحظى فيها بحاضنة اجتماعية. ولهذا توجه وليد جنبلاط يوم أمس إلى تركيا من أجل بحث إمكانية إمرار الشحنة من كردستان إلى المسلحين في محافظة إدلب السورية عبر الأراضي التركية ، بدلا من إمرارها إلى حمص وريف دمشق. وكان وليد جنبلاط ، بحسب الأوساط نفسها ، أرسل أحد أبرز مسؤوليه الأمنيين خلال الحرب الأهلية ، هشام أنيس ناصر الدين، إلى الأردن لبحث القضية نفسها ، لكنه لم يصل إلى نتيجة إيجابية. فقد أبلغه الأردنيون أن الأردن " ليس معنيا بأي تورط ساخن في القضية السورية ، على الأقل في المرحلة الراهنة". وهو الأمر نفسه الذي أبلغه الأردنيون لسمير جعجع كذلك! وتؤكد هذه المصادر أنه في حال فشل جنبلاط بإقناع الأتراك في الموافقة على نقل شحنة السلاح عبر أراضيهم ، لن يبقى إلا إعادة نقلها إلى ميناء جونية اللبناني الخاضع لسيطرة الجهاز الأمني لسمير جعجع ، من أجل شحنها برا عبر زحلة وعرسال.
هذه المعطيات تتقاطع مع ما كشفه " مركز ستراتفور للاستخبارات" في واشنطن مؤخرا. فقد أكد المركز أن عمليات تهريب السلاح إلى سورية عبر ميناء جونية اللبناني ـ تحت إشراف العقيد وسام الحسن ـ تحتل مكانا بارزا في هذا المجال حاليا ، وإن يكن أقل من المطلوب بسبب رقابة مخابرات الجيش اللبناني . ويقول المركز في هذا الصدد إن العقيد الحسن ، رئيس فرع المعلومات في الأمن الداخلي اللبناني ، المعروف بصلاته بواشنطن وفرنسا ، هو من يشرف شخصيا على عمليات تهريب السلاح إلى الداخل السوري ، وطبقا لتقرير "ستراتفور" ، فإن السلاح الذي يجري جلبه عبر ميناء جونية ، يجري نقله إلى منطقة زحلة في البقاع اللبناني ، التي تعتبر حاضنة مهمة لجماعة سمير جعجع ، بينما يعتبر محيطها إحدى حواضن "تيار المستقبل"الحريري، والطرفان يتساعدان الآن في عمليات تهريب السلاح إلى الداخل السوري من خلال منطقة " دير العشائر" و " عرسال" و " القاع".
تبقى الإشارة أخيرا إلى أن فارس سعيد ، الأمين العام لتحالف " 14 آذار" اللبناني ، الذي تدعمه واشنطن وإسرائيل ، كان ألقى أول أمس كلمة باسم " المجلس الوطني السوري" ورئيسه برهان غليون في الاحتفال المركزي الذي أقيم في بيروت بمناسبة الذكرى السابعة لاغتيال الحريري! وهذا أول اتصال بين الطرفين على هذا المستوى العلني والرسمي ، الامر الذي يضاف إلى جملة القرائن التي تراكمت خلال الأشهر الماضية عن "المجلس الوطني السوري" بوصفه مشروعا إسرائيليا قبل أن يكون غربيا ، هذا إذا وضعنا جانبا حقيقة أن خمسة على الأقل من قياداته ، على رأسهم بسمة قضماني، يقيمون علاقات رسمية مع إسرائيل منذ سنوات عديدة ( السيدة قضماني زارت إسرائيل في العام 2008 تحت اسم بسمة قضماني ـ درويش ، أي حين كان لم تزل تحمل كنية طليقها نبيل درويش ، المذيع في مونت كارلو).
المصدر: الحقيقة
إضافة تعليق جديد