دمشـق: الأعمـال الإرهـابيـة تصـاعـدت منـذ الاتفـاق علـى خطـة انـان
تنتظر الأزمة السورية تحولات الأيام الأخيرة التي تسبق الموعد المفترض الثلاثاء العاشر من نسيان، لتحديد مدى نجاح المهمة التي يقوم بها المبعوث الدولي العربي كوفي انان، سواء على الصعيد الميداني، او في اطار المحادثات التي بدأها رئيس أركان القوات المسلحة النرويجية السابق الجنرال روبرت مود مع المسؤولين السوريين في دمشق لبحث الإمكانات المتاحة لنشر حوالي 250 من مراقبي الأمم المتحدة في سوريا، ما قد يشكّل خطوة اختبار أولية لاحتمالات التهدئة.
وفي هذه الاثناء، أعلنت دمشق، في رسالتين وجهتهما إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، أن «الأعمال الإرهابية التي ترتكبها جماعات مسلحة تصاعدت خلال الأيام الأخيرة، خاصة منذ التوصل إلى تفاهم بشأن خطة المبعوث الدولي كوفي انان، مؤكدة أن «على المجتمع الدولي ومجلس الأمن أن يتخذا الخطوات اللازمة لمنع ووقف التمويل لأي أنشطة إرهابية أو الإعداد لها ضد سوريا انطلاقا من أراضي دول أخرى».
وفي إشارة إلى قطر والسعودية، حذرت «الدول التي أعلنت أن دعم الإرهابيين وتسليحهم ضد سوريا أصبح واجبا من مغبة تصريحاتهم وأعمالهم لأن العالم لم ينس بعد ما قامت به هذه الدول من تمويل لمجموعات إرهابية في دول أخرى كان تأثيرها كارثيا على المستويين الدولي والإقليمي».
ومع بدء الجنرال النروجي روبرت مود اجتماعاته مع المسؤولين السوريين في دمشق لبحث نشر حوالي 250 من مراقبي الأمم المتحدة، أعلنت موسكو أن «مراقبين من هيئة الأمم المتحدة ذوي خبرة عسكرية سيقومون بمراقبة سير تنفيذ الهدنة في سوريا»، مؤكدة «أنها احتراما لسيادة الدولة ترى أن الحكومة السورية هي الجهة المسؤولة بشكل كامل عن الوضع الداخلي في البلاد».
وذكرت وكالة (سانا) أن «سوريا وجّهت رسالتين متطابقتين إلى كل من رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة تتعلقان بالأعمال الإرهابية التي تقوم بها مجموعات مسلّحة مدعومة من دول غربية وعربية».
وجاء في الرسالتين أنه «خلال الأيام الأخيرة تصاعدت الأعمال الإرهابية التي ترتكبها المجموعات المسلحة في سوريا، وخاصة منذ التوصل إلى التفاهم المتعلق بخطة كوفي أنان، فبالإضافة إلى التفجيرات التي أبرزت الدلائل الأولية على وقوف عناصر تنظيم القاعدة وراءها والجرائم التي تقترفها المجموعات الإرهابية المسلّحة الأخرى، تصاعد التحريض أيضا من قبل أطراف تدعي حرصها على سوريا وعلى أهمية إنجاح مهمة المبعوث الدولي الخاص، وتمارس تلك الأطراف في الوقت ذاته أعمالا تتناقض مع خطة أنان ومع عودة الأمن والاستقرار إلى سوريا».
وأشارت الرسالتان إلى أن «نتائج بعض الاجتماعات التي عقدت مؤخرا تشير إلى أن الهدف الأساسي للمشاركين فيها كان سفك المزيد من الدماء السورية، حتى وصل الأمر من قبل البعض إلى الإعلان عن تأسيس صناديق لتمويل وتسليح هذه المجموعات التي سبق أن زودناكم، من خلال رسائل سابقة، ببراهين تثبت ممارستها القتل والعنف والإرهاب وصرف رواتب لأعضائها».
وأوضحت الرسالتان أن «متابعي تطورات الأزمة في سوريا يلاحظون أن الأطراف التي أججت هذه الأزمة من خلال التحريض الإعلامي غير المسبوق، ومن خلال دعم وتسليح المجموعات الإرهابية وتمويلها لم تلجأ إلى الاعتراف بوجود هؤلاء المسلحين، إلا بعد أن أثبتت بعثة المراقبين العرب وجودهم وممارستهم للقتل والتدمير والإرهاب، ولهذا بادرت الأطراف التي كانت تنكر ذلك إلى سحب المراقبين العرب وإنهاء البعثة وعــدم التعـــامل مع تقريرها لأنه لا يخدم أعداء ســوريا في جــامعة الدول العربية وخارجها».
وأضافت الرسالتان إن «سوريا زوّدت بعثة المراقبين العرب والأمم المتحدة بمختلف أجهزتها بوثائق تثبت الجرائم التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية المسلّحة بحق المدنيين وقوات حفظ النظام في سوريا، واعتداءاتها التي لا يمكن إحصاؤها على الممتلكات الخاصة والعامة والبنى التحتية، الأمر الذي كانت له انعكاسات سلبية على حياة المواطنين السوريين».
وبيّنت الرسالتان «بأرقام توثيقية عدد الشهداء من المدنيين الذين سقطوا بالأعمال الإرهابية، إضافة إلى عدد الشهداء في صفوف الجيش وقوات حفظ النظام والبالغ 2088 شهيدا وأكثر من 478 من عناصر الشرطة». كما وثّقت الرسالتان «عدد النساء الشهيدات والأطفال الشهداء، بالإضافة إلى عدد الذين وقعوا ضحية جرائم الاختطاف والتهديد بالقتل مقابل فدية من المدنيين وأفراد الجيش والشرطة وعدد المركبات الحكومية المسروقة».
واستغربت الرسالتان «تباكي الكثير من أجهزة الإعلام والمسؤولين في دول معيّنة في المنطقة وخارجها على شعب سوريا، بينما لم ينطقوا بكلمة حق حول هذه الجرائم، ناهيك عن استصدار قرارات من مؤسسات إقليمية ودولية هدفها الأساسي تشويه صورة سوريا وتهديد استقرارها واستقلالها وسيادتها والنيل من دورها الإقليمي والدولي».
وقالت السلطات السورية إن «ممثلي دول في منظمة الأمم المتحدة يتسابقون إلى استنفار المؤسسات الدولية ضد سوريا من أجل تقويض الجهود التي يقوم بها أنان، والتي أكدت سوريا دعمها لمهمته والتعاون لإنجاح جهوده». وأكدت الرسالتان أن «سوريا تهيب بجميع الدول العمل معها من أجل منع الأعمال الإرهابية والقضاء عليها، بما في ذلك تنفيذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالإرهاب، وتطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بشكل خاص باتخاذ التدابير اللازمة لمنع ووقف تمويل أي أعمال إرهابية أو الإعداد لها ضد سوريا انطلاقا من أراضي دول أخرى».
وحذرت سوريا، في الرسالتين، «الدول التي أعلنت أن دعم الإرهابيين وتسليحهم ضد سوريا أصبح واجبا من مغبة تصريحاتهم وأعمالهم، لأن العالم لم ينس بعد ما قامت به هذه الدول من تمويل لمجموعات إرهابية في دول أخرى كان تأثيرها كارثيا على المستويين الدولي والإقليمي». وطالبت «كل الدول المعنية بعدم توفير ملاذ آمن لمن يخططون للأعمال الإرهابية أو يدعمونها أو يرتكبونها، لان المجتمع الدولي لم يعد قادرا على التساهل مع هؤلاء الإرهابيين ومن يدعمهم».
وأشارت الرسالتان إلى أن «سوريا بصفتها عضوا مؤسسا للأمم المتحدة ومساهما نشطا في فعالياتها تتطلع قدما لتعاون دول العالم الوثيق معها للقضاء على الإرهاب وتمويله وتسليحه وعدم تعريض الدول المستقلة وذات السيادة لكوارثه ومآسيه».
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بعد انتهاء اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي في عاصمة كازاخستان الأستانة، إن «مراقبين من هيئة الأمم المتحدة، ذوي خبرة عسكرية، سيقومون بمراقبة تنفيذ الهدنة في سوريا»، مضيفا إن «المقصود هنا مراقبون عسكريون، ولكن ليس بصفتهم عسكريين، بل كمراقبين».
وأعلن أن «روسيا وافقت منذ البداية على خطة انان المتضمنة إرسال مراقبين إلى سوريا». وأضاف إن «إرسال المراقبين كان منذ البداية معلوما، عندما اقترح ذلك انان على أعضاء مجلس الأمن الدولي. لكي تتم مراقبة تنفيذ الهدنة، لا بد من وجود مختصين لهم خبرة عسكرية».
واعتبر نائبه غينادي غاتيلوف أن «بيان مجلس الأمن (أمس الأول) بشأن الوضع في سوريا، يشكّل قاعدة لتسوية الأزمة في هذا البلد». وأضاف «الآن يجب على الحكومة والمعارضة في سوريا اتخاذ خطوات جدية».
وقالت نائبة مدير قسم الإعلام والصحافة في وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في بيان، «احتراما لسيادة الجمهورية العربية السورية ننطلق من أن كافة المسؤولية عن تطور الأوضاع على أراضي البلاد، بما في ذلك حماية السلام والشرعية والنظام وأمن المواطنين، تقع على عاتق حكومتها». وشددت على أن «المحاولات لتطبيق خطط التحكم في الأوضاع بطريقة أحادية وغير متزنة، والتي أكدت أحداث الأشهر الماضية طابعها غير البنّاء، يجب أن تبقى في الماضي».
وأضافت إن «روسيا تؤكد بشكل متواصل ضرورة التخفيف من معانات المدنيين السوريين، وهي في هذا السياق تنتقد بشكل مباشر الأخطاء التي ارتكبتها السلطات السورية لدى قمع الاحتجاجات السلمية في المرحلة الأولى. إننا نطالب بحسم بوقف كل أنواع العنف من قبل جميع الأطراف، ونشجع الحكومة السورية على مواصلة التقدم نحو التغييرات الديموقراطية وذلك استجابة لمصالح جميع السوريين». وأكدت أن «روسيا تواصل جهودها المستمرة الرامية إلى وقف سفك الدماء في أقرب وقت ممكن والحل السلمي للأزمة السورية من دون أي تدخل أجنبي».
وقالت زاخاروفا «أساليبنا موضوعية ومتزنة، الأمر الذي يسمح لنا بالتعامل مع دمشق، حيث تلاقى المواقف الروسية بامتنان واحترام عميق، ومع الجماعات المعارضة التي يفهم زعماؤها أهمية دور روسيا في الشرق الأوسط». وأضافت «إننا لا نتحالف مع أحد ضد أحد، لكن ننطلق من ضرورة الدعم لمحاولات إيجاد طرق حل الأزمة في سوريا من قبل السوريين أنفسهم، ونؤكد على أرض الواقع احترامنا لسيادة واستقلال ووحدة أراضي سوريا، إضافة إلى احترامنا للأهداف والمبادئ السامية لميثاق الأمم المتحدة». وشددت على أن «روسيا تدعم بحسم مهمة انان الذي لاقت مقترحاته حول خطوات تطبيقية نحو الحل السلمي للأزمة السورية تأييد جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي».
وقال نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي، في مؤتمر صحافي في القاهرة، «إن أنان على تواصل مستمر مع الأمين العام نبيل العربي، كما وجّه تقريرا للأمين العام خلال اليومين الماضيين حول مهمته ونتائج اتصالاته في هذا الصدد». وأضاف «إن الأمل مازال قائما لحل الأزمة»، معربا عن أمله بألا يتكرر ما جرى لفريق بعثة المراقبة العربية إلى سوريا».
وأضاف بن حلي «إننا نتطلع إلى أن تكون جهود أنان إضافة حقيقية، خاصة وأنه أطلع على الوثائق الصادرة عن الجامعة العربية وعن الأمم المتحدة والتقارير التي تم تزويده بها، واستفاد كثيرا من التجربة السابقة، وبالطبع من خلال وقف إطلاق النار والاقتتال تأتي مرحلة آلية المراقبة وحفظ السلام والتي نعتقد بأنها ستكون حاسمة باتجاه تسوية الأزمة السورية».
وأشار بن حلي إلى أن «القمة العربية الأخيرة ببغداد دعمت جهود أنان وتواصل جهودها من أجل إنجاح هذه المهمة بشأن الأزمة السورية». وقال «نأمل في تجاوب ميداني حقيقي من أجل وقف نزيف الدم في سوريا والتمهيد للدخول في المرحلة المقبلة، وهي إطلاق الحوار بين الحكومة والمعارضة حتى يمكن معالجة هذه الأزمة من كافة جوانبها، وبما يلبي طموحات الشعب السوري في تحقيق الديموقراطية وتداول السلطة والحياة المستقرة الآمنة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد