تراجع عدد الأغنام سبعة ملايين رأس خلال أقل من خمس سنوات والتهريب أساس المشكلة
قرار جريء اتخذته الحكومة مؤخراً بعدم الموافقة على تصدير الأغنام بعد أن اقترحت وزارة الاقتصاد الشهر الماضي على الحكومة السماح بتصدير 500 ألف رأس من الغنم الجبلي حيث شكلت لجنة رئيسية مؤلفة من وزيري الزراعة والاقتصاد ورئيس اتحاد الفلاحين لدراسة مشروع قرار التصدير، وبعد مناقشات وردود أفعال مختلفة مع ارتفاع جنوني في أسعار اللحم لمجرد سماع خبر التصدير، جاء رد الحكومة برفض مشروع القرار وعدم الموافقة على التصدير لكامل العام، هذا القرار اعتبره اقتصاديون من أهم القرارات التي اتخذتها الحكومة لما له من آثار ايجابية على المواطن وعلى السوق بانخفاض سعر كغ اللحم، بينما اختلفت آراء المعنيين حول قرار وقف التصدير وكل له تصوراته ورئيس اتحاد الفلاحين متعاطف مع المربي، فالتصدير يساهم في تحسين دخله ومعيشته معتبراً قرار وقف التصدير إجحافاً بحق المربي وبحق أفراد أسرته، والتصدير حسب رأيه أفضل من التهريب ولا يخلق مشكلة لدى المواطن طالما أنه في الأساس لا يستطيع أكل اللحم، بينما رئيس اتحاد غرف الزراعة يرى أن المشكلة ليست في التصدير أو عدمه إنما في الرقم الإحصائي فمن المفترض إذا كان لدينا حقاً 16 أو 17مليون رأس ألا يُحدث التصدير خللا في السوق لكن ما حصل هو العكس وقبل تصدير أي دفعة ارتفع سعر كغ اللحم إلى الألف ليرة ، فما دام الماء يكذب الغطاس يحق لنا أن نسال وبناء على الأرقام الإحصائية: لماذا تراجع عدد الأغنام الى أكثر من سبعة ملايين رأس خلال أقل من خمس سنوات مضت؟!....
والإدارة العامة للجمارك تتمنع بطرق غير مباشرة عن إعطاء معلومات حول عمليات تهريب الأغنام.
هل ندق ناقوس الخطر؟
المهتمون بموضوع الأغنام والعاملون في هذا القطاع يعلمون جيداً أن تهريب الأغنام هو المشكلة الأساس وما يهرب مع الأغنام أخطر من تهريب الأغنام ذاتها إضافة إلى تهريب أعداد من إناث الأغنام بقصد تقليل عددها وربما انقراضها في السنوات القادمة وما يؤكد ذلك هو التراجع الكبير في عددها.. فهل ندق ناقوس الخطر للاهتمام بالثروة الغنمية؟ وهل المعنيون بالأمر يدركون ذلك و يغمضون العيون عما يحدث على مبدأ «طعمي التم بتستحي العين»؟!..
الأرقام والأعلاف
مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة المهندس أحمد قاديش يعتبر أن الأغنام تحتل المرتبة الأولى في الأهمية بالنسبة للثروة الحيوانية لمساهمتها في إنتاج اللحم والحليب والصوف فهي تساهم حوالي 73%من اللحوم الحمراء المنتجة و32% من إجمالي الحليب المنتج وهي من عرق العواس الذي يعتبر أفضل عروق الأغنام في المنطقة حيث بلغ عددها في عام 2010 اكثر من 15 مليون رأس وبلغ إنتاجها من الحليب في العام نفسه حوالي644308 أطنان ومن اللحم حوالي 153197 طن ومن الصوف المغسول 18670طناً ويتميز لحم العواس باستساغته العالية ويجد طلبا وإقبالا كبيرين من الخارج.
وقال قاديش: يعاني قطاع الإنتاج الحيواني من مشكلات منها عدم كفاية الموارد العلفية المحلية اللازمة لتطوير إنتاجية الثروة الحيوانية وزيادة أعدادها، وعدم الاستثمار الأفضل لمخلفات المحاصيل ومخلفات الصناعات الغذائية، وتدهور البادية وعدم كفايتها كمورد علفي للثروة الحيوانية الغنمية وحمولتها الرعوية العالية وكذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج وخاصة الأعلاف وهذا ينعكس سلبا على المنتج والمستهلك وإيجابيا على الوسطاء في سلة التسويق والتصنيع، وأضاف قاديش: إن الحصول على الأرقام الإحصائية الصحيحة المتعلقة بالثروة الحيوانية أمر صعب لأن المربي يربط الرقم بمواضيع كمية الأعلاف المستجرة..
ظلم للمربي وأسرته
قالوا: إن رئيس اتحاد الفلاحين «زعل» عندما أرسلوا له قرار اللجنة الفنية للتوقيع عليه دون الاجتماع والمناقشة لكن «زعل عن جد» عندما جاء قرار الحكومة بوقف التصدير، فمن الطبيعي أن يراعي حالة المربين وظروفهم، وأهل مكة أدرى بشعابها...
في لقاء مع رئيس اتحاد الفلاحين قال: إن قرار إيقاف تصدير 500 ألف رأس من الغنم قرار مجحف بحق المربي وعائلته فالتصدير يحقق هدفين الأول لمصلحة المربي وتحسين معيشته وأسرته ويعوضه عما عاناه من سنوات الجفاف، والثاني أن التصدير يدعم الخزينة العامة للدولة بالقطع الأجنبي ويحرك السوق، وردا على كتاب جمعية حماية المستهلك حول الاستمرار بوقف التصدير قال السعود: كان الأفضل للجمعية مراقبة الأسواق وضبط حركة السوق والأسعار ومحاسبة المستغلين والمتلاعبين بقوت المواطن بمن فيهم التجار والسماسرة واتخاذ الإجراءات الرادعة بحقهم وتأمين المادة بالسعر المناسب للمستهلك فلا يجوز أن أعاقب المربي لأجل المستهلك، ويتساءل السعود: لماذا أحرم المربي من بيع إنتاجه وتحقيق ربح وفائدة لقاء تعبه وشقائه في أيام الحر والقر وبدلا من أن يبيع الغنم بألفي ليرة يبيعها بعشرة آلاف وكان اقتراحي-والكلام لرئيس الاتحاد- أن يكون عدد الأغنام المعدة للتصدير 700 ألف رأس وليس 500 ألف فقط على أن يتم ضمن شروط وضوابط وألا يحدث خللا في السوق ونحن لدينا على الأقل 16 مليون رأس غنم هذا ما تم إحصاؤه والرقم الإحصائي صحيح والدولة أنفقت على الإحصاء 300 مليون ل.س وشاركت فيه مختلف الجهات العامة.
التهريب بدلا من التصدير
وقال سعود إن المشكلة تكمن في التهريب وبعد وقف التصدير سيبدأ التهريب بشكل أكبر باتجاه العراق ومنه إلى دول الخليج....
ولدى سؤالنا عما يدور بين هنا وهناك من محاولات لتهريب إناث الأغنام من قبل ضعاف النفوس والمتآمرين بهدف القضاء على الثروة الغنمية قال السعود: كل شيء وارد تماما كما يحصل بمادة القمح، يشتريها التجار ويحتكرونها حتى لو خسروا فيها بهدف خلق أزمة في البلد وهؤلاء لهم ينابيع تعوضهم تلك الخسارة. وأكد السعود على تمسك المربين بقطعانهم ولسان حالهم يقول: (غلاتها بغلاة) ولدي أي ليس الدولة فقط متمسكة بالأغنام بل حتى أهلها، والمربي يحاول بكل الوسائل تأمين الأعلاف والطعام والتعايش مع الوضع الحالي مع ما تقدمه وزارة الزراعة من الأعلاف وفق الإمكانات المتاحة وبالتالي فإن تربية الأغنام وزيادة إنتاجها غاية وهدف لدى المربي لتحسين حياته المعيشية. وأنهى رئيس الاتحاد حديثه متمنياً إعادة النظر بوقف قرار التصدير وأن تعمل وزارة الاقتصاد على ضبط الأسواق والأسعار و إعادة وزارة التموين وتفعيل دورها من جديد ولاسيما أن كل آليات العمل الخاصة بها مازالت موجودة لتعود كما كانت سابقا.
تجار هدفهم الربح السريع
تشرين التقت رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو الذي أوضح أن غنم العواس في بلدنا له ميزة فريدة تعود لطبيعة المناخ والمراعي وغيرها تعطي للحوم طعماً لذيذ المذاق ما جعل الطلب عليه كبيراً من قبل الدول المجاورة ولاسيما دول الخليج لذلك يعتبر غنم العواس ثروة كبيرة لنا، لكن منذ البدايات لم نضع برنامجاً تطويرياً لتربية الأغنام والعمل على زيادتها والحفاظ عليها لجني الفوائد من خلال فتح باب التصدير للحصول على القطع الأجنبي وفتح الأسواق الخارجية وما حصل هو الاتجاه نحو الفائدة الآنية ويمكن القول إن هناك تجار أزمات هدفهم الربح السريع.
وقال كشتو: خلال السنوات الماضية بدأ عدد القطيع بالتراجع والرقم الإحصائي الذي سجل من قبل المكتب المركزي لإحصاء أعداد الثروة الحيوانية لا يمكن الاعتماد عليه فهو غير دقيق وأصلاً من الصعب إحصاء الأغنام لأن الهدف من عدم إعطاء الرقم الصحيح هو الاستفادة من كميات الأعلاف لكل من المربي والمربي الوهمي ويتساءل كشتو: مثلا لو وضعنا ضرائب على الأغنام فكم سيكون عدد الأغنام في سورية؟...
رقم لكل رأس لإغلاق باب الفساد
أصبح الجميع يعلم كلما ارتفع عدد الأغنام لدى المربي ترتفع معها كمية الأعلاف المخصصة التي سيحصل عليها من وزارة الزراعة وإذا أردنا رقماً إحصائياً صحيحاً ومؤشرات صحيحة يجب تشكيل فرق إحصائية واسعة يشترك فيها القطاع الخاص وكل الجهات المعنية وهناك طريقة متبعة في كل دول العالم بوضع رقم لكل رأس في أذنه وبالتالي نحصل على رقم مقنع وأكثر مصداقية بهذا تتم الاستفادة من المقنن العلفي لمن يستحقه ونغلق باب الفساد وبيع الأعلاف في السوق السوداء والمتاجرة بها.
وقال كشتو: حسب الرقم المسجل لعدد الأغنام حوالي16 مليون رأس هذا يعني أننا قادرون على تصدير 600 ألف رأس غنم ونترك هامش أمان حوالى مئة ألف رأس ونصدر 500 ألف رأس وهذا كلام منطقي وفق الرقم الإحصائي لكن ما حصل ولمجرد سماع دراسة لمشروع قرار التصدير وقبل أن يصدر أي رأس من الغنم ارتفعت أسعار اللحم إلى ألف ل.س للكغ وهذا يعني نقصاناً وخللاً في المادة علماً أن الطلب عليها قليل بسبب ضعف القوة الشرائية للمستهلك وهناك شريحة ليست قليلة من الناس تستغني عنها لأن لديها أولويات ومع ذلك نجد أسعارها مرتفعة.
تراجعت بنسبة 28%
وأضاف كشتو: فإذا افترضنا أنه لدينا 16 مليون رأس غنم، فلماذا لا يكون 30 مليوناً؟ وحسب إحصائية للعام 2007 وصل الرقم إلى أكثر من 22 مليون رأس من الغنم أي تراجعت الأعداد بنسبة 28% ونحن نعترف بوجود قلة في الأعلاف ومرت سنوات جفاف و.. تراجع عدد القطيع من الأغنام حسب الرقم الإحصائي 15,5 مليون رأس في عام 2010 وهو أقل بكثير من ذلك حسب قراءة للواقع والسوق والأسعار، لكن لا نستطيع القول غير ذلك حتى لا تظهر الفجوة كبيرة في عدد القطيع، ولكي نحافظ على الثروة الغنمية يجب تشكيل هيئة مستقلة لأغنام العواس مهمتها تطوير وتسويق ورعاية الأغنام وكل الأمور المتعلقة بالتربية لأنها ثروة قومية مهمة يجب إيلاؤها المزيد من الاهتمام والاستمرار بزيادة أعدادها لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق اكتفاء السوق المحلي منها. أما بالنسبة لإلغاء قرار التصدير فنحن مع الإلغاء إذا كان سيقضي على الثروة الغنمية بعد سنوات ويحدث خللاً في السوق رغم أنه يحقق فوائد تعود على الاقتصاد الوطني ويخدم البلد.
دراسة للهيئة:
ارتفاع الأسعار سببه التهريب
يذكر أن هيئة المنافسة ومنع الاحتكار أشارت في دراسة أصدرتها مؤخراً بناء على جولاتها في الأسواق بينت فيها أن ارتفاع الأسعار ناجم عن التهريب إلى العراق ومنها إلى السعودية فضلاً عن ارتفاع أسعار الأعلاف وارتفاع الطلب على الأغنام...فهل تقوم الحكومة بمتابعة الأمور المتعلقة بالأغنام بالتشديد وضبط التهريب وإيقافه؟...
إدارة الجمارك لم تجب؟
ولمعرفة رأي الإدارة العامة للجمارك حول تهريب الأغنام والأعداد التي تم ضبطها وفي أي المواقع وأماكن توجهها وما الإجراءات التي تقوم بها للضبط والحد من عمليات التهريب راجعنا إدارة الجمارك بتاريخ السابع من الشهر الحالي وحتى تاريخ نشر التحقيق لم نتلق أي رد علماً أن وزارة المالية وبعد اطلاعها على مضمون كتابنا أرسلت الكتاب ضمن مغلف سري لإدارة الجمارك حيث تم تكليف أحد المديرين بالإجابة الذي بدوره وعد بالرد ولم يف بوعده حتى الآن.
إن الإدارة العامة للجمارك إما ليس لديها أي معلومات لما يجري وتلك مصيبة أو أنها لا تريد الكشف عن الحقائق وعما يرتكبه موظفو الجمارك من أخطاء وتواطؤ في مواقع عملهم وهنا المصيبة أعظم؟!... والسؤال لماذا وكيف تهرب مئات الآلاف من الأغنام عبر الحدود, فمن المستفيد من كل هذا التهريب؟ وبأي غطاء؟ ومن يقف وراءه ؟...
قـــــالــــوا في الغنـــــم:
• التجار ومصدّرو الأغنام يوصفون بالمافيات الحقيقية يبيعونها في الخارج بأقل مما يشترونها فما السر في ذلك؟!..
• قالوا: من يتحدث بأمور الغنم تشد أذنه وربما لسانه...
•مصدر مسؤول يقر بأن التهريب سبب في انخفاض عدد الأغنام إلى أقل من عشرة ملايين رأس
•أمراء وملوك الخليج مضطرون لطلب غنم العواس ليس حباً وتعاوناً مع جيرانهم بل أدمنوا طعمها اللذيذ والمتميز..
•الأغنام الصغيرة لا يسمح بتصديرها فتهرب بطريقة ما لتحضر مطبوخة ومحشية على موائد أمراء وملوك تلك الدول!.. (هيك تعودوا)....
• الغنم وحده يستطيع نقل بعض المواد ما لا يسمح بنقلها لأن الصوف يكسر الأشعة والكلاب البوليسية تنفر من رائحة الغنم؟!..
• شركات استرالية تروج لبيع أغنام العواس المحسن في السعودية لشد البساط من السوريين.
زهور كمالي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد