فتيل دمشق يشتعل مجدداً وطهران تبلور مبادرتها
المعركة عادت مفتوحةً إلى دمشق، أو على الأقل، إلى أطرافها وضواحيها. هذا ما أكدته الاشتباكات العنيفة، وعمليات القصف الكثيفة التي شنتها القوات النظامية في شرق العاصمة. وبعد حملة عسكرية على جنوبي غربي العاصمة في داريا، انتقل القتال إلى ضواحي الغوطة والقابون وغيرها.
في المقابل، جدّدت باريس مقاربتها المتمثلة بـ«الغموض البناء» حيال إقامة مناطق عازلة في الشمال السوري، رابطة في الوقت نفسه بين إمكانية التدخل العسكري المباشر واستخدام الأسلحة الكيميائية من قبل دمشق، وهو أمر مستبعد بحسب الكثيرين من الخبراء في هذا المجال.
أما في طهران، فتتبلور فكرة تشكيل مجموعة حول قمة عدم الانحياز، تشمل مصر ودولا أخرى لحمل مبادرة لحل الازمة السورية، فيما أكد وزير المصالحة السوري علي حيدر أن فكرة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد «مرفوضة»، ورحب نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بالمبادرة الايرانية التي لم تعلن لا الرياض ولا أنقرة حتى الآن تأييدهما لها.
ولفت سليم الى انه «بعد ان شن الجيش النظامي هجومه الاساسي في المنطقة الجنوبية الغربية من العاصمة الاسبوع الماضي فإن الهدف الجديد لهذا الجيش هو منطقة الغوطة في الريف شرق دمشق». وأوضح ان «منطقة الغوطة هي مركز أشرس مجموعات المعارضين المقاتلين وأكثرهم تنظيما»، لافتا الى ان «واحدة من هذه المجموعات كانت وراء التفجير الذي استهدف مقر الأمن القومي في دمشق» الشهر الماضي. وأضاف «ينتقل جيش النظام بفعالية حول العاصمة من الشرق الى الغرب، في حين اننا نحاول أن نعود الى قلب المدينة، لكن بطريقة أكثر تنظيما هذه المرة».
من جهته، أعلن رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي انه تم تقديم اقتراح بتشكيل لجنة تضم ايران ومصر وفنزويلا لحل الازمة السورية. وأفاد مراسل وكالة «مهر» للانباء بأن بروجردي الى انه «خلافا للحملة الدعائية فإن الوضع في سوريا هادئ جدا»، وقال: «يبدو أن الحجم الهائل للدعايات السلبية ضد الحكومة السورية يخطط له الأميركيون وحلفاؤهم الاقليميون، ويحاولون إيهام الرأي العام بذلك».
وأكد بروجردي ان «الحكومة السورية تسيطر حاليا على المناطق المتوترة مثل حلب»، وقال «ان مخططا أُعدّ لتغيير البنية السياسية في سوريا ولكنه فشل حاليا من الناحية العسكرية». وأشار الى لقاء أعضاء لجنة الامن القومي مع الاسد، وقال «ان الاسد أبلغ الوفد البرلماني الايراني، انه من منطلق الثقة المطلقة بالجمهورية الاسلامية الايرانية، يؤيد أي خطوة تتخذها».
وحول دور مؤتمر حركة عدم الانحياز لحل الازمة السورية، قال بروجردي: «هناك مقترحات للاستفادة من إمكانيات أعضاء حركة عدم الانحياز لحل الازمة السورية، ومن المرجح عقد اجتماع متعدد الجوانب في طهران مع الدول التي تعتقد بإيجاد حل سياسي للازمة السورية لان بعض الدول تريد حلا عسكريا للازمة». وأردف قائلا: «تم تقديم اقتراح بتشكيل لجنة مكونة من ايران ومصر وفنزويلا باعتبارهم أعضاء في حركة عدم الانحياز وهذه تشكيلة منطقية».
وأكد نائب رئيس الجمهورية السورية فاروق الشرع، ترحيب بلاده بالمبادرة الإقليمية التي ستطرح في قمة دول عدم الانحياز في طهران بشأن الأزمة السورية. وقال في تصريح لقناة «المنار»، إن مطالبة بعض الدول باستبعاد الجمهورية الإسلامية الإيرانية من المشاركة في الجهود المبذولة لإيجاد حل للازمة في سوريا يشكل خطأً سياسياً واضحاً. وتطرق الشرع إلى الاقتراح الذي تقدمت به طهران حول أهمية مشاركة العراق والجزائر في اجتماعات اللجنة الرباعية، مشيراً إلى أن هذا الأمر يخلق المزيد من التوازن في اللجنة.
من جانبه، قال المقداد لقناة «العالم» انه منذ الشهور الأخيرة طرحت مبادرات كثيرة لتسوية الأزمة، وان الحكومة السورية رحبت بها و«الآن هناك مبادرة إيرانية نرحب بها أيضاً»، مؤكدا ان سوريا ترحب بأي حوار حقيقي يجري بين جميع السوريين وان «هذا الحوار يجب أن يجري على أرض سوريا ومن دون شروط مسبقة».
وحول المبادرة التي أطلقها الرئيس المصري محمد مرسي في مؤتمر مكة لتشكيل لجنة رباعية مؤلفة من إيران وتركيا والسعودية ومصر لإيجاد تسوية للازمة السورية، قال المقداد «نحن قلنا دائما إننا نرحب بأية مبادرة من قبل الدول الصديقة، لكن هذه الدول يجب ان تتفق اولا وبعد ذلك سنعبّر عن رأينا تجاه أية مجموعة تقوم بالمساعدة على إنهاء هذا الوضع في سوريا، ولكنه يجب اولا ان تكون بعض هذه الاطراف جادة في عدم تمويل وتسليح هذه المجموعات الارهابية حتى تمارس دورا موضوعيا في هذه اللجنة».
وقال حيدر خلال مؤتمر صحافي في طهران «من حيث المبدأ، فإن اقتراح (تنحي الاسد) مرفوض تماما، وخصوصا ان دولا أجنبية طرحته». وأضاف حيدر الذي يزور طهران للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز المقررة الخميس والجمعة المقبلين ان «أي تدخل في الشؤون السورية هو انتهاك لسيادة سوريا». وتابع قائلا ان «الحل الوحيد هو أن يتوقف التدخل الاجنبي وان تلقي المعارضة سلاحها». وأكد ان «الولايات المتحدة واسرائيل هما المهندسان الفعليان لهذا الاقتراح الذي طرحته قطر والسعودية وتركيا».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد