آشتون تدعو إلى توخي الحذر بشأن مسعى فرنسا وبريطانيا لرفع حظر الأسلحة الأوروبي
دعت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون أمس إلى توخي الحذر بشأن مسعى فرنسا وبريطانيا لرفع حظر يفرضه الاتحاد على توريد الأسلحة إلى سورية لمساعدة مسلحي المعارضة، وشككت في مدى تأثير مثل هذه الخطوة على المحاولات الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية هناك.
جاء ذلك بعدما رفضت باقي حكومات دول الاتحاد الأوروبي أول من أمس مساعي لندن وباريس لرفع الحظر، معبرةً عن الخوف من أن يؤدي ذلك إلى إشعال سباق تسلح وتقويض الاستقرار في الشرق الأوسط.
وأكدت تقارير صحفية أن الدعوة الفرنسية لرفع الحظر، جاءت بعدما إخفاق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في إقناع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما في موسكو مؤخراً، بالضغط على الرئيس بشار الأسد «ليرسل أشخاصاً للتفاوض على المرحلة الانتقالية على أن يرحل»، ووضعتها في سياق رغبة باريس في «اللحاق بعربة التفاهم الأميركي الروسي التي تتقدم، من دون أن يكون للفرنسيين أي دور محرك فيها».
ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن آشتون قولها خلال مؤتمر نظمه مركز أبحاث يعنى بتعزيز التعاون عبر الأطلسي، إنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي التشاور مع المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي ورئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب بشأن مدى تأثير رفع الحظر على جهودهما الرامية لبدء المحادثات لإنهاء الأزمة السورية.
وأضافت: «ما ينبغي علينا التأكد منه هو ألا يزيد أي شيء نقوم به من صعوبة ذلك (العمل)»، مبينةً أنها أبلغت قادة الاتحاد الأوروبي في قمة الجمعة بضرورة التفكير بحرص شديد في تداعيات رفع حظر السلاح.
وأضافت: «هل سيزيد إرسال الأسلحة إلى الميدان من احتمال قيام آخرين بنفس الشيء؟».
وكشفت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أول أمس أن مكتب آشتون أعدّ ورقة سرية تحذر من رفع الاتحاد الأوروبي حظر الأسلحة المفروض على سورية. وشددت الوثيقة على أن رفع الحظر «يمكن أن يغذي عسكرة الصراع في سورية، ويزيد من مخاطر حصول الجماعات المتطرفة على المزيد من الأسلحة، وانتشار السلاح في البلاد خلال مرحلة ما بعد الرئيس الأسد»، على حد تعبيرها.
وأوضحت الصحيفة أن آشتون وقفت إلى جانب ألمانيا والسويد ودول أخرى في الاعتراض على تسليح المعارضة السورية بسبب المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار المنطقة بأسرها، ونسبت إلى متحدث باسمها قوله: «نعتقد أن الحل السلمي هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة».
وفي ختام قمة رؤساء دول وحكومات بلدان الاتحاد الأوروبي التي اختتمت في بروكسل يوم الجمعة الماضي، قال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فإن رومبوي إن «بعض الدول الأعضاء أثارت مسألة رفع الحظر. اتفقنا على أن نطلب من وزراء الخارجية دراسة الوضع بسرعة خلال اجتماعهم غير الرسمي المقرر الأسبوع المقبل في دبلن واتخاذ موقف مشترك».
وقال دبلوماسيون: إن فرنسا وبريطانيا لم تحظيا بتأييد يذكر لاقتراحهما بتخفيف الحظر خلال القمة.
ويفترض أن يتخذ قرار رفع الحظر بإجماع الدول الـ27. لكن يكفي في غياب تفاهم ألا يتم تجديد نظام العقوبات ما يسمح لكل دولة باتباع سياستها الخاصة.
وبالفعل، ألمحت فرنسا وبريطانيا، في مواجهة المعارضة الأوروبية الكبيرة لرفع الحظر التي تتزعمها برلين، إلى أنهما قد يتصرفان وحدهما ما لم يتوصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق.
في نهاية المطاف سيكون الصوت الحاسم هو صوت الرئيس الأميركي باراك أوباما.
ويقول مسؤولون بريطانيون: إن بريطانيا وبالتالي فرنسا لن تتحركا دون دعم الولايات المتحدة على الأرجح والتي تتبنى موقفا أكثر حذراً حتى الآن.
وأوضح وزير الخارجية الأميركي جون كيري للإذاعة القومية العامة الأميركية أن رئيسه «يشعر بقوة أن الحل الفوري ليس التمكين من مزيد من القتل»، مبيناً أن أوباما يعتقد أن الأفضل «محاولة إبلاغ الرئيس الأسد بأن هناك حلاً».
وعلى أي حال، يبدو الموقف الفرنسي «الحاسم» مراوغاً، إذ يشير مسؤولون فرنسيون إلى تفضيل باريس استخدام رفع الحظر كورقة لممارسة الضغط السياسي على دمشق، بدلاً من إمداد المعارضة فعلياً بالسلاح، حسبما نقلت عنهم وكالة «رويترز» للأنباء.
كما يظهر كلام هولاند هيجاناً واضحاً في وقت يتقدم فيه التفاهم الروسي الأميركي بشأن الحل في سورية، إذ يقول: «لقد فشلت محاولات الحل السياسي وقد يمثل الضغط العسكري دافعاً لجهود الحل السياسي»، ولذلك لا تستبعد فرنسا الحل السياسي من خلال تحركنا من أجل رفع الحظر.
ونقلت مصادر فرنسية مطلعة لصحيفة «الحياة» اللندنية أمس أن هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس أعلنا التزامهما تعزيز قدرة «ائتلاف الدوحة» في جميع القطاعات بما فيه القطاع العسكري والتسليح نظراً لما يحدث على الأرض ولصعوبة إقناع روسيا بالضغط على الرئيس الأسد للاشتراك في صيغة التحول السياسي وخروجه من الساحة.
وأشارت إلى أن اللقاء الذي عقده هولاند وبوتين في موسكو الشهر الماضي تمحور حول تشكيل الحكومة الانتقالية في سورية بموجب اتفاق «جنيف»، موضحةً أن الرئيس الفرنسي حاول الحصول من نظيره على وعد بالضغط على (الرئيس) الأسد ليرسل أشخاصاً للتفاوض على المرحلة الانتقالية على أن يرحل.
لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال لاحقاً: «إن روسيا لا تتدخل بذلك».
وأشارت تقارير صحفية إلى دعوة فابيوس الأسبوع الماضي إلى رفع الحظر الأوروبي عن إرسال الأسلحة إلى المعارضة السورية، مبينةً أن ما يتطلّع إليه هو اللحاق بعربة التفاهم الأميركي الروسي التي تتقدم، من دون أن يكون للفرنسيين أي دور محرك فيها، لافتةً إلى أن الروس والأميركيين استبعدا الأوروبيين أجمعين من المفاوضات واللقاءات الجارية بينهما.
وحسب تلك التقارير يسعى الفرنسي في التصعيد الكلامي عن تسليح المعارضة إلى حجز مقعد في صفقة يعمل الروس والأميركيون عليها، والبقاء على مقربة من استحقاقات، في المستقبل، لا بد من المشاركة فيها، أقلها الحصول على حصة في إعادة إعمار سورية. وهي ما يعكف عليه الخبراء، وما يذهب إلى تقديرات بعشرات المليارات، قد لا يكون للفرنسيين فيها أي حصة.
المصدر: الوطن+ وكالات
إضافة تعليق جديد