انشقاقات قادة المتمردين السوريين تربك الدول الممولة والداعمة لهم
الجمل ـ ريتشارد سبنسر – ترجمة عبد المتين حميد:
تعاني بريطانيا و حلفائها من نكسة جديدة في محاولاتهم المتكررة لتشكيل تحالف عسكري موالي للغرب لمحاربة كلاً من الرئيس السوري بشار الأسد و تنظيم القاعدة بعد انشقاق ثلاثة من كبار قادة المتمردين.
اثنان منهما هما أحمد عيسى الشيخ و زهران علّوش, من قادة " الجبهة الإسلامية " التي تشكلت حديثاً, و هي مجموعة تشمل فرقة من الإسلاميين المتطرفين الغير منتمين للقاعدة الذين يريدون تأسيس ولاية إسلامية تسودها الشريعة بصرامة. فقد نشروا بياناً يقولون فيه بأنهم لم يعودوا جزءاً من المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر, الذي هو الجناح العسكري للائتلاف الوطني السوري المدعوم من الغرب.
بينما الثالث هو صدام الجمل الذي كان قائد المجلس العسكري الأعلى في الجبهة الشمالية الشرقية. فقد نشرت "داعش" ,و هي جماعة القاعدة الأكثر تطرفاً, مقابلة مع صدام الجمل يقول فيها بأنه انشق عن المجلس العسكري الأعلى بسبب اشمئزازه من تعاون المجلس مع أجهزة المخابرات السعودية و القطرية و الغربية. و قام صدام بإعطاء تفاصيل عن زملائه الذين يلتقون مع العملاء الأجانب, بمن فيهم البريطانيين, و قال بأنه أدرك متأخراً بأنه جزء من مشروع سوف يُستخدم لاحقاً ضد المسلمين. و قال أيضاً: "لقد كنا جاهلين و غير مدركين أننا كنّا كفرة و ملحدين, و ذلك بعد أنْ اعتدنا مقابلة الملحدين القطريين و السعوديين و الكفرة الغربيين كالأمريكيين و الفرنسيين بهدف تلقي المزيد من الأسلحة و العتاد و الأموال".
يعتقد المحللون و الدبلوماسيون أنه بإمكان "الجبهة الإسلامية" المشكلة حديثاً حشد حوالي 50000 مقاتل, أي أكثر من التعداد الكلي للمتمردين. بالمناسبة فإن التقديرات حول القوة البشرية التي تمتلكها جماعتي القاعدة, أي داعش و جبهة النصرة, تتراوح بحدود 15000 مقاتل أو أكثر قليلاً. و وفقاً لسليم إدريس, رئيس المجلس العسكري الأعلى, يمكن لداعش أن تحشد 20000 مقاتل إضافي من حلفائها القبليين في شمال شرق سورية بالقرب من الحدود مع العراق.
لذلك من الممكن لـ" الجبهة الإسلامية " أن تكون قوة تحظى بثقة الغرب في مواجهة "القاعدة" و خصوصاً إذا ما تحالفت مع بقايا الجيش السوري الحر و استمرت في تلقي التمويل و التسليح من السعودية و داعميها الخليجيين. مع الانتباه ألا يؤدي هذا إلى تهديد وحدة الجبهة. ففي نهاية تشرين الأول عُقدت لقاءات بين قادة الميليشات المشكّلة لـ "الجبهة الإسلامية " و المبعوث البريطاني وغيره من المبعوثين الأوروبيين في أنقرة لمناقشة وضعهم على الأرض. إلا أن داعش و جبهة النصرة لم يدخرا جهداً لمهاجمة ما يصفانه بالدعم الكافر ضدهما.
زهران علوش, سوري و لكن والده رجل دين وهابي, حساس تجاه الاتهامات بأن كتيبته لواء الإسلام ليست أكثر من واجهة للنفوذ السعودي. و صرّح في حديث مشترك مع أحمد عيسى الشيخ بالقول: "إن انتسابنا السابق للمجلس العسكري الأعلى جاء في وقت كان فيه المجلس مركزاً لتنسيق العمليات ضد نظام الأسد دون أن يكون تابعاً لأي جهة أخرى سواء كانت سياسية أم غير سياسية". و يقول بأن المجلس كان تنظيماً غير سياسي لم يتطرأ أبداً إلى تحديد شكل الدولة في المستقبل. على أي حال, بالانطواء تحت رعاية الائتلاف الوطني السوري, الذي يعِد بمستقبل ديمقراطي متعدد, فإن المجلس العسكري الأعلى قد وضع نفسه في خلاف مع العديد من أقوى الجماعات الإسلامية المقاتلة (أي أصبح على خلاف مع داعش و جبهة النصرة و الجبهة الإسلامية).
من جهة أخرى, فإن داعش قد تلاعبت بالدعم الغربي للمجموعات المرتبطة بالجيش الحر من خلال مقابلتها مع صدام الجمل. فقد أشارت إلى "الاجتماعات المغلقة في أنقرة بين كبار قادة الجيش الحر و أجهزة المخابرات الغربية و العربية" و قالت بأنها كشفت " خططاً أعدّها الغرب الكافر و بعضاً من العرب الغدّارين ضد مشروع بناء الأمّة الإسلامية". حيث عدّد الجمل أنواع الأسلحة التي قدمتها السعودية إلى مختلف الفصائل, وكما اشتكى من أن البلدان الغربية كالولايات المتحدة وعدت بتقديم معدّات تكنولوجية متطورة كمناظير الرؤية الليلية و لكنها في الواقع قدمتها لنخبة صغيرة من المتمردين اختارتهم بعد الفحص الدقيق للسفر إلى الخارج لتلقي التدريبات. و معظمهم كانوا من المتواجدين في جنوب سوريا و تم تدريبهم في الأردن. و على الرغم من تواجد جماعات القاعدة في الجنوب السوري, إلا أنّ تحركات المتمردين هناك لا تخضع كثيراً إلى هيمنة الميليشيات الإسلامية.
يقول شارل ليستر, الذي تابع مجموعات المتمردين في سوريا لصالح مجلة IHS Jane's, لقد عارضَت الجبهة الإسلامية و بكل صراحة محادثات السلام المزمع عقدها مع النظام السوري في جنيف, و أعربت عن استمرارها في القتال. صحيح أنّ علاقة الجبهة الإسلامية بجماعات القاعدة غامضة نوعاً ما, إلا أن ارتباطها بجبهة النصرة واضح و قوي. و يضيف: "إذا كان هناك من يأمل في التأثير بشكل حاسم على المعارضة المسلحة, فيجب أن يعلم بأنّ عقد المحادثات بين الغرب و الجبهة الإسلامية لن يفيد في شيء".
العنوان الأصلي: انشقاق قادة المتمردين السوريين ينسف جهود محاربة القاعدة
ريتشارد سبنسر – مراسل التيليغراف البريطانية من الشرق الاوسط
الجمل
إضافة تعليق جديد