العراق: «داعش» يتلقى ضربات موجعة
بدأ تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» بالتراجع عسكرياً في بعض المناطق التي سيطر عليها، مع بروز دور ميداني للمجموعات المسلحة الكردية، في معارك خاضتها، أمس، مع التنظيم المتشدّد، حيث تمكنت من استعادة عدد من المناطق كان قد فرض سيطرته عليها نهاية الأسبوع الماضي، بغطاء جوي من سلاح الجو العراقي.
ولم يدم التقدم الخاطف الذي حققه «داعش»، شمال العراق خلال اليومين الماضيين، حتى أن التنظيم تعرّض لضربة قوية، فقد خلالها مواقع عدّة كان يتخذها منطلقاً لتحركاته.
في هذا الوقت، هيمن الجمود على جلسة البرلمان التي عقدت، أمس، والتي لم تدم أكثر من نصف ساعة، واقتصرت على مناقشة ملف النازحين، إلا أن الأنظار تتجه صوب جلسة الغد، التي من المتوقع أن تحمل تطورات بشأن استحقاق رئاسة الوزراء، في وقت أكد مصدر من «التحالف الوطني» ، أن اجتماعاً سيعقد خلال الساعات المقبلة، سيكون حاسماً بشأن تسمية مرشح لرئاسة الحكومة، في حين أكد مسؤول إيراني أن مسألة «إيجاد بديل لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هي أمر صعب».
وسيطرت التطورات الميدانية على المشهد السياسي العراقي، لا سيما بعد أن تقدّمت قوات «البيشمركة» الكردية واستعادت جزءاً مهماً من قضاء سنجار الذي كان قد وقع بيد مسلحي «داعش»، بالإضافة إلى إخراج التنظيم من عدد من الأحياء في الموصل.
وذكر ضابط في «البيشمركة»، أنها تمكنت من «استعادة أكثر من نصف المناطق في سنجار»، مؤكداً أن «القضاء سيكون قد تحرّر بالكامل حتى الصباح». وقال الضابط إن «معارك عنيفة دارت بين «داعش» و«البيشمركة»، تمكنّا خلالها من قتل العشرات منهم، وساهم طيران الجيش العراقي بتمشيط المواقع تمهيداً لدخولنا»، وأضاف أنه «وفق الإحصائيات المتوفرة لدينا، تكبّدت داعش أكبر خسائرها فتم قتل أكثر من 200 إرهابي خلال الاشتباكات وعبر تدخل طيران الجيش، ووقع مثلهم بين جريح وأسير»، مشيراً إلى أن «بعض الأسرى حلقوا لحاهم قبيل وصولنا».
وأكد الضابط أن «البيشمركة» «تنفذ عملية كبيرة بمساندة الجيش العراقي داخل مدينة الموصل»، وتمكنت «من تحقيق تقدم هو الأكبر منذ بداية الأزمة»، لافتاً إلى «تحرير أحياء عدة في الجانب الأيسر من الموصل، كما تمكن الجيش العراقي من السيطرة على قضاءي الشرقاط والقيارة».
وكان التعاون بين الجيش العراقي وقوات «البيشمركة» شكل نقلة نوعية في المعارك مع «داعش» منذ أن بدأت في العاشر من حزيران الماضي.
وقال المحلل السياسي العراقي خضير حربي، إن «استمرار التعاون العسكري بين بغداد وأربيل سيؤدي إلى إنهاء حقبة داعش المظلمة على العراق وعلى المناطق التي سيطروا عليها شرط استمراره»، وأكد أنه «إذا سقطت مدينة الموصل فبشكل عملي ستتحرّر تكريت ومناطق ديالى من دون مقاومة، لكون الموصل تمثل رأس الحربة».
إلى ذلك قالت منظمة الـ«يونيسف» إن «40 طفلاً من أطفال الأقليات التي هُجّرت من مدينة وقضاء سنجار قضوا بسبب العنف المسلح». وقال ممثل المنظمة مارزيو بابيل إنه «بحسب تقارير رسمية تسلمّتها الـ«يونيسف» جاء موت هؤلاء الأطفال المنتمين للأقلية الايزيدية كنتيجة مباشرة للعنف والنزوح والجفاف خلال اليومين الماضيين»، وأضاف أن «العائلات التي فرّت من المنطقة تحتاج إلى المساعدة الفورية بما في ذلك حوالي 25 ألف طفل عالقين في الجبال المحيطة بسنجار، وهم بحاجة ماسّة للإغاثة الإنسانية مثل مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي».
من جهتها كشفت النائبة الايزيدية في البرلمان العراقي فيان دخيل عن أن «داعش» أعدم خمسمئة شخص من الأقلية الايزيدية منذ سيطرته على قضاء سنجار، وقالت دخيل في مؤتمر صحافي إن مسلحي «داعش» احتجزوا أيضاً «500 امرأة ايزيدية كسبايا وجوارٍ وهنّ الآن في مكان بالقرب من تلعفر».
إلى ذلك، عقد مجلس النواب العراقي جلسة اقتصرت على بحث ملف النازحين في البلاد، على أن يبحث ملف تشكيل لجنة مالية في جلسة يوم غد الخميس. وفي شأن تسمية رئيس الحكومة عجز تكتل «التحالف الوطني» عن تسمية أي من مرشحيه، إلا أن مصدراً داخل التحالف أبلغ ، أن اجتماعاً حاسماً سيعقده التحالف خلال الساعات المقبلة بشأن تسمية مرشح لرئاسة الحكومة، وبحسب المصدر فإن «قادة التحالف الوطني تلقوا إشارات من دولة القانون لبحث مرشح بديل»، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
وفي موقف لافت قال مسؤول إيراني كبير لوكالة «رويترز»، إن إيران تتعاون مع الفصائل العراقية المختلفة للاتفاق على بديل للمالكي لتشكيل حكومة جديدة، لكن هناك قلة من المرشحين المناسبين، لهذا المنصب. وذكر المسؤول الإيراني الذي رفض الكشف عن اسمه، أنه تمّ التوصل «إلى نتيجة مفادها أن المالكي لم يعد يستطيع الحفاظ على وحدة العراق، لكن آية الله علي السيستاني لا يزال لديه أمل». وأضاف أن «السيستاني يؤيد الآن رؤيتنا بشأن المالكي»، مؤكداً أن السفير الإيراني لدى بغداد أجرى مشاورات مع الفصائل السياسية وبعض المرشحين المحتملين بهذا الشأن، لكن «لا يوجد مرشحون كثيرون يمكن أن تكون لديهم القدرة على الحفاظ على وحدة العراق».
إلى ذلك، قال مسؤول أمني إيراني كبير أيضاً، إن اهتمام طهران بالاستقرار في العراق أكبر من اهتمامها بدعم المالكي، مشيراً إلى أن «العراق سيُقسّم إذا بقي المالكي في السلطة، فالعراق يحتاج إلى حكومة قوية كي يتصدّى لجماعة الدولة الإسلامية ونحن نؤيد هذه الفكرة، إن تقسيم العراق تهديد للأمن القومي الإيراني».
محمد جمال
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد