عقوبات خليجية على الحوثيين تصطدم بالفيتو الروسي
في وقتٍ لا تزال فيه القوى السياسية اليمنية غير قادرة على التوصل إلى اتفاق يضع إطاراً بديلاً للعملية السياسية التي حدّدها «الإعلان الدستوري»، يحاول حلفاء الحكومات المتعاقبة في صنعاء، خصوصاً واشنطن والرياض، فرض حصارٍ على البلاد، بدأ بإغلاق سفاراتيهما، وسفارات غربية أخرى، رداً على إعلان الحوثيين.
في هذا الوقت، أوقفت روسيا في مجلس الأمن، قراراً يحمّل «أنصار الله» (الحوثيين) مسؤولية الاضطرابات وفشل العملية السياسية في اليمن. إذ اصطدم مشروع خليجي، تقدمت به دول مجلس التعاون، يُدين ما وصفه بـ«الانقلاب الحوثي»، بالفيتو الروسي، فيما كان القرار ينصّ على اتخاذ عقوبات سياسية واقتصادية على «السلطة الجديدة في اليمن». وينعقد في الرياض اليوم اجتماع لدول المجلس، «للبحث في المستجدات اليمنية».
على خط موازٍ، يحاول الغرب والسعودية استخدام سلاح «المقاطعة الدبلوماسية»، للضغط على «أنصار الله». فبعد قيام الولايات المتحدة بإغلاق سفارتها وإجلاء كافة عناصرها الدبلوماسية والعسكرية من صنعاء، أعلنت وزارة الخارجية السعودية تعليق أعمال سفارتها وإجلاء موظفيها من صنعاء «لأسباب تتعلق بعدم استقرار الأوضاع الامنية والسياسية»، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
سحبُ واشنطن موظفيها من صنعاء، الذي جرى بوساطة عُمانية، أثار ردود فعلٍ متناقضة لدى اليمنيين، غلب عليها الدهشة مما وصفوه بـ«مشهدٍ هو الأول من نوعه» في البلاد، حيث جرت العادة أن تهبط الطائرات العسكرية الأميركية في مطار صنعاء محملةً بالمعدات الحربية، من دون أن تخضع لتفتيش.
وفيما تعمل بريطانيا والأردن على صياغة مشروع قرار جديد، مبني على المشروع الخليجي الذي فشل مجلس الأمن في إقراره، يتضح يوماً بعد يوم أن ضغطاً دولياً مقابلاً، تُشكّل عماده روسيا والصين، يستعدّ لمواجهة سياسة الغرب في اليمن بعد التطورات الأخيرة. في هذا السياق، أكد السفير الصيني في اليمن، تيان تشي، أن أعضاء بعثة بلاده يمارسون أعمالهم في صنعاء «من دون أي قلق». وفي حديثٍ صحافي، قال إن أعضاء البعثة الدبلوماسية الصينية سيبقون في مراكزهم وسيواصلون عملهم بالسفارة، مشيراً إلى أنه وكل أعضاء السفارة سيحتفلون خلال الأسبوع المقبل بعيد «الربيع الصيني»، في صنعاء التي وصفها بـ«العاصمة الجميلة»، مضيفاً: «اليمن بلدنا الثاني لما يتمتع به البلدين من علاقات متميزة منذ عشرات السنين».
وفي ضوء المخاوف المتصاعدة من انهيار اقتصادي وحصارٍ سيفرض على اليمن بعد انسحاب البعثات الدبلوماسية التي ضمت أيضاً سفارات ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، أكد السفير الصيني أن حكومة بلاده ستعمل على زيادة الدعم المقدم لليمن بالإضافة إلى رفع الجهود في زيادة الاستثمارات الصينية في اليمن، لافتاً إلى أن المرحلة المقبلة، ستشهد مزيداً من التعاون الوثيق بين البلدين الصديقين، وأنه سيبذل كل ما في وسعه في سبيل الارتقاء بمستوى تلك العلاقات.
الرأي العام السياسي والشعبي في اليمن، انقسم بين محذر من تبعات عزلةٍ، تحاول دول الخليج الحشد لها ضد اليمن بعد «الإعلان الدستوري»، وبين متفائل بفشل تلك المحاولات، معللاً تفاؤله بوجود البديل الروسي والصيني والإيراني، الذي يمكن أن يملأ الفراغ الذي سيحدثه وقف المساعدات الأميركية الخليجية لليمن، وهو ما يمكن أن يؤيده تصريح السفير الصيني الذي وعد بزيادة حجم المساعدات لليمن ورفع مستوى الاستثمارات. ويرى مراقبون أن استخدام روسيا للفيتو في مجلس الأمن يوم أول من أمس، يعتبر إشارة إلى أن روسيا تضع نفسها بديلاً بعد انسحاب أميركا والسعودية من اللعبة في اليمن، ما قد يقلل من مخاطر تأثير تعليق السفارات الغربية والسعودية أعمالها الدبلوماسية في صنعاء على الاقتصاد اليمني، وكذلك على حضور اليمن سياسياً، ولا سيما أن الدول العربية، ما عدا السعودية، لا تزال تحتفظ بتمثيلها الدبلوماسي في اليمن حتى الآن.
دول مجلس التعاون الخليجي التي فشلت في استصدار قرار دولي يعاقب اليمن، دعت إلى اجتماع عاجل حول اليمن في الرياض اليوم. وتعوِّل أطراف سياسية في اليمن على نتائج هذا الاجتماع الذي يتوقع مراقبون أن يخرج بإجراء مماثل للإجراء السعودي الذي تمثل في تعليق أعمال السفارة السعودية وإجلاء موظفيها لأسباب تتعلق بضعف الاستقرار الأمني والسياسي.
«أنصار الله» رأت أن قرارات بعض الدول بإغلاق سفاراتها في صنعاء، هي قرارات غير مبررة على الإطلاق، وذلك على لسان مسؤول العلاقات الخارجية في الجماعة، حسين العزي. وفي تصريح لوكالة الأنباء اليمنية، قال العزي إن هذه القرارات تندرج فقط في سياق الضغط على شعبنا في ما صنعه من تحولات عظيمة على طريق عزته وكرامته وسيادته واستقلاله وامتلاك قراره السياسي وحقه المشروع في الحياة الكريمة كأحد أهم مقتضيات وأهداف ثورة الواحد والعشرين من أيلول، بحسب قوله .
من جهة أخرى، حذر المبعوث الدولي جمال بن عمر أمام مجلس الأمن، أول من أمس، من خطورة الوضع في اليمن الذي قال إنه على «حافة الهاوية» في ظل احتمال سيطرة «القاعدة» على محافظات جنوبية. وأشار بن عمر إلى أن السلطات اليمنية لم تعد قادرة على دفع رواتب الموظفين، ومتوقعاً ارتفاع سعر الدولار، وهو ما ردّ عليه محافظ البنك المركزي اليمني، محمد عوض بن همام، مؤكداً أن الوضع النقدي والمالي لا يزال في الحدود الآمنة. وفي تصريح لوكالة الأنباء اليمنية، قال بن همام إن رواتب الموظفين مؤمنة خلال الشهور المقبلة، داعياً الإعلام إلى تحري الصدقية في التعاطي مع الأمور التي من شأنها إقلاق السكينة العامة.
علي جاحز
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد