متلازمة التعب المزمن حالة عضوية وليست نفسية
في بلد أنهكته الحرب وغادره معظم مثقفيه، يظهر شبانٌ يحملون شمعة الثقافة والفن، لعلّهم ينيرونها على وطنهم الذي ينتشر فيه الظلام والظلاميون، معتمدين على السينما للوصول إلى التنوير، إذ يجدون فيها مسربهم الخاص في بلد معظم طرقاته مقطوعة. لذلك، يُطلقون للعام الثالث على التوالي مهرجانهم الخاص بالأفلام القصيرة، بعنوان «خطوات 3» (21 ـ 27 شباط 2015).
دورة هذا العام متطوّرة عن سابقتيها، إذ تُشارك فيها أفلام غير سورية، ما جعل القائمين به يمنحون المهرجان صفة «الدولية». إلاّ أنهم لم يكثروا من المبالغة في أهمية هذه الإضافة، فقد أشار مدير المهرجان مجد يونس أحمد إلى أنهم لا يزالون في مرحلة التأسيس، وإلى أنهم ليسوا بصدد الخروج على الواقع والإمكانيات، وإلى أن غايتهم الرئيسية «الوصول إلى هوية سورية خاصة بهذا المهرجان من جهة أولى، وخلق حافز للشباب السينمائيين من أجل العمل وتقديم ما هو جديد من جهة ثانية». لكن المهرجان لا يمشي على أرضٍ مفروشة بالورود، إذ يبدو أن هناك معوقات ومطبّات كثيرة يتحاشى القائمون عليه فتح ملفها، ويكتفي مدير المهرجان بالقول: «في ظلّ حرب كالتي تعيشها سورية، وواقع كهذا الواقع، من الصعب أن تقنع بعض المسؤولين بأن الثقافة عموماً والسينما خصوصاً، يمكنها لعب دور إيجابي في هذه الحرب. دور قد يوازي دور الرصاصة».
«خطوات 3» يضمّ نحو 40 فيلماً من دول عربية وأجنبية، بعضها خارج المسابقة، ولا يقتصر على الأفلام فقط، إذ هناك مسابقة للنصوص أيضاً، في حين أن لجنتي التحكيم تضمّان أسماء فنية مهمّة، كالممثلة سلاف فواخرجي والمخرج باسل الخطيب في «لجنة الأفلام»، والكاتب حسن م. يوسف في «لجنة النصوص»، وآخرين. أما مخرج الفيلم الفائز فسيحصل على منحة من «المؤسّسة العامة للسينما». هذه جائزة مهمّة جداً في ظلّ الظروف المعروفة، خصوصاً أن معظم الأفلام أنتجت بفضل «جيوب» أصحابها، من دون أي دعم آخر، ما يُكلِّف أعباءً كبيرة، كما يقول زياد القاضي، المُشارك بفيلم «عبور» (خارج المسابقة): «لدينا صعوبة كبيرة في الإنتاج وشحّ في المصادر، ما ينعكس على أفلامنا. بالتالي، حلم أي مخرج اليوم هو الحصول على المنحة لتقديم فيــــــلم بسوية فنــــية عالية وتقنيات مبهرة، شرط وجود الفــــكرة الجيدة والناضــجة والحسّ الإبداعي لديه».
ما قدّمته المؤسسة هذا العام من دعم للمهرجان لن يكون مقبولاً في الموسم المقبل، بالنسبة إلى القائمين على «خطوات»، الذين يرون أن المؤسّسة مُطالبة بالمزيد في كل عام. لكن، يبدو أن هناك علاقة مصالح متبادلة بين المؤسسة والمهرجان، فالأخير يجدها وسيلة لتأمين مبالغ مالية من الممكن دعم الشباب بها، وإعطاء قيمة وحافز أكبرين لهم للممشاركة في المهرجان، وبذل جهد أكبر على أفلامهم. بينما ترى المؤسسة فيه «مُكمِّلاً» لدورها، خصوصاً أن نشاطها مركّز على دمشق. هذا لا ينكره معاون مديرها باسم خباز: «النشاطات التي يقوم بها القطاع الخاص مكمّلة لدور المؤسسة. هذا المهرجان يسدّ ثغرة مهمّة، في وقت لا يمكن للمؤسّسة فيه أن تحمل العبء بمفردها».
«دعم «خطوات» واجب»، كما يقول حسن م. يوسف، الذي يرى فيه بارقة أمل مهمّة جداً وفرصة للقاء. ويُضيف، ردّاً على سؤال في ما إذا كان يرى في «خطوات» سينما حقيقية: «أعتقد أن كل ما يجري في حالات كثيرة هو محاولات سينمائية. علينا ألاّ نقلّل من هذه المحاولات وأهميتها، فمن أراد أن يقفز عالياً لا يقفز من الثبات، بل يحتاج إلى المشي، ثم العدو، وبعده القفز. برأيي، هذا المهرجان يلعب دوراً في خلق مبدعين شباب من شأنهم إضافة دماء جديدة للسينما السورية».
«خطوات 3» يُقيمه ويُنظّمه «مجلس الشباب السوري»، وقد غاب عنه نجوم الصف الأول، كما أنه كرّم الفنان الراحل نبيه نعمان، والمخرج جود سعيد، والفنان حسين عباس (شرطيّ المخفر في مسلسل «ضيعة ضايعة»). وشهد افتتاحه حضور جماهيري ضاقت به «صالة المسرح القومي»، الذي يستضيف العروض كلّها، باعتبار أن لا صالات عرض في اللاذقية، هي التي كانت تضمّ 21 صالة في العام 1960.
يُذكر أن مخرجين عديدين يجدون في المهرجان وسيلة لتحقيق أمنياتهم بإنتاج فيلم، يوازي حماستهم واندفاعهم وإمكانياتهم.
(اللاذقية)
قال فريق من العلماء إنه وجد «أدلّة قوية» على أن الحالة التي يطلق عليها متلازمة التعب المزمن، هي حالة عضوية وليست ناتجة عن أي اضطراب نفسي، لكن بعض الخبراء شككوا في هذه النتائج.
ورصد فريق من جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة في بحثهم، تغييرات واضحة في الجهاز المناعي للمرضى الذين يعانون من الإرهاق المزمن، وهي علامات قالوا إنها تشير إلى مراحل مميزة للمرض وستقود إلى تحسين التشخيص والعلاج.
والتعب المزمن، الذي يطلق عليه أحياناً التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات، حالة مثيرة للجدل ومنهكة، من أعراضها الإرهاق الجسدي والذهني وضعف في التركيز والذاكرة واضطراب في النوم وآلام في العضلات والمفاصل.
ولا يوجد علاج لهذه الحالة، ولا يعرف العلماء سبباً لها لكنها تصيب نحو 17 مليون شخص في العالم.
ويقول كثيرون من المرضى إنهم يعتقدون أن الحالة بدأت بعد إصابتهم بعدوى فيروسية. لكن ورقة بحثية في العام 2010 أشارت إلى صلات مقترحة تربط الحالة بفيروس يعرف باسم «إكس.أم.آر.في» استناداً إلى عينات ملوثة في المختبر.
وفي الدراسة الجديدة التي نشرت في دورية «التطورات العلمية»، وجد الباحثون أن نماذج مناعية معينة في المرضى الذين يعانون من متلازمة التعب منذ ثلاث سنوات أو أقل لم تكن موجودة في المجموعة الضابطة أو في المرضى الذين يعانون من هذه الحالة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من هذه المتلازمة منذ فترة قصيرة لديهم كميات أعلى من العديد من أنواع الجزئيات المناعية المسماة بالسيتوكينات، وهو بروتين يستخدم في عمليات نقل الإشارة والتواصل بين الخلايا.
وقالت مادي هورنيغ التي شاركت في الدراسة إن «لدينا الآن أدلّة تؤكد ما يعرفه الملايين الذين يعانون من التعب المزمن، وهو أنه ليس مرضاً نفسياً»، مضيفة أن النتائج يجب أن تساعد في سرعة التشخيص واكتشاف علاجات جديدة.
ومع ذلك طالب متخصصون في متلازمة التعب المزمن بتوخي الحذر. وقال أستاذ الطب النفسي في جامعة «أكسفورد» في بريطانيا مايكل شاربي إن النتائج «من الممكن أن تكون مثيرة للاهتمام»، لكنه أضاف أن «هذه النوعية من الدراسات (دراسات الحالات والشواهد) سيئة السمعة لأنها تتوصل إلى نتائج قد يفشل باحثون آخرون في التوصل اليها».
(رويترز)
إضافة تعليق جديد