«داعش» والمعابر الحدودية: حرب الإمداد والسيطرة
الحديث عن المعابر الحدودية بالنسبة لكيان مثل تنظيم «داعش» يبدو أمراً مثيراً للجدل، وسط ممرات تسمح له ببسط النفوذ على مساحات واسعة، وأخرى يعتمد عليها في مجال التبادل، فيما تنتشر عشرات المعابر غير النظامية بين المناطق التي يسيطر عليها ومناطق أخرى.
وبنظرة على خريطة المنطقة، يبسط عناصر «داعش» سيطرتهم على مساحة تمتد من ريف حلب الشرقي إلى البادية السورية والعراقية، ما يعني سيطرته على مساحة كبيرة من الحدود بين البلدين، لا سيما معبري التنف ـ الوليد والبوكمال ـ القائم، بالإضافة إلى جزء من الحدود مع تركيا، التي أقفلت المعابر مع جرابلس وعين العرب (كوباني) وتل ابيض التي خسرها التنظيم مؤخراً لمصلحة الأكراد.
ويعد منفذ تل ابيض الأكثر شهرة بين مختلف النقاط الحدودية. وعلى الرغم من إغلاق تركيا لكل البوابات، سواء تلك الخاضعة لسلطة «داعش» أو «جبهة النصرة»، إلا أن هذه النقطة تستخدم أكثر من غيرها للتهريب ونقل الأشخاص.
وكثيراً ما تمكن ناشطو المعارضة من الهرب عبر السواتر الترابية والخنادق إلى الأراضي التركية، التي يتجاهل حرس حدودها عمليات التهريب، فيما كان لافتاً إغلاقهم البوابات خلال عمليات النزوح اثر المعارك الأخيرة مع الوحدات الكردية، قبل أن تعود وتسمح بدخولهم.
ويكتسب معبر جرابلس أهميته من كونه مدخل نهر الفرات إلى الأراضي السورية، حيث يمر لاحقاً بمسكنة ومنبج قبل أن يصل إلى محافظة الرقة.
والواضح من خلال التطورات الميدانية الأخيرة أن خسارة قاسية يتلقاها التنظيم أمام الوحدات الكردية قرب الحدود التركية، وهو ما يشير له الخبير العسكري العميد تركي الحسن، إذ يعتبر، أن خسارة الحدود التركية تفقد «داعش» الاتصال الجغرافي مع الأتراك.
وقال: «سيخسر التنظيم الاتصال الجغرافي والإمداد البشري واللوجستي من الحسكة إلى تل ابيض وعين العرب وجرابلس، كما سيخسر بيع النفط السوري والعراقي الذي كان يمر عبر دير الزور والحسكة والرقة إلى تركيا ومنه إلى أسواق الخارج، بل وكان يُكَرّر قسما منه ويرسل إلى مواقع سيطرة جبهة النصرة».
ويكشف الحسن أن «هجوم عناصر داعش على عين العرب (كوباني) تم من خلال الأراضي التركية، بالإضافة إلى إسعاف جرحى المعارك»، مستبعداً في الوقت ذاته أن تكون هناك أي صلة بين المواجهات مع الأكراد وبين شن الدولة الإسلامية لهجمات على صوران ومارع ومحاولة الاقتراب من إعزاز في ريف حلب، على الرغم مما قيل عن محاولته انتزاع السيطرة على معبر باب السلامة، ذلك أن المواجهات حصلت بهدف قطع طرق الإمداد على عناصر «جيش الفتح» و «جبهة النصرة» التي تسيطر على مناطق في ريفي حلب الشمالي والغربي بالإضافة لريف إدلب.
وبالحديث عن الحدود العراقية، يشير الحسن إلى أن «الحدود بالكامل تحت سيطرة داعش، من التقاطع مع الحدود الأردنية حتى نقطة الهول في الحسكة التي تقابلها سنجار في العراق، حيث تتقابل محافظتا الأنبار ونينوى مع دير الزور والحسكة في سوريا».
وعند الحدود العراقية أيضا تبرز نقطة أخرى في غاية الأهمية عند معبر التنف، حيث يوضح الخبير العسكري العميد علي مقصود، أهمية المعبر، على اعتبار انه يصل بين سوريا والعراق ويحاذي الشريط مع الأردن وصولاً إلى السعودية، رابطاً بذلك بين أربع دول، وتشكل السيطرة عليه عملية ربط بين تدمر في البادية السورية والرمادي في العراق.
وكان لافتاً إلغاء العمل بمنفذ البوكمال ـ القائم، بل وإزالة السواتر الترابية، ليعلن التنظيم عما اسماه «ولاية الفرات». وتجدر الإشارة هنا إلى أن المعبر بالأصل كان مقفلاً منذ صيف العام 2012، حين شن مقاتلو «الجيش الحر» هجمات في ريف محافظة دير الزور، ما اجبر الحكومتين العراقية والسورية لإغلاقه، قبل أن تنتشر عناصر من «جبهة النصرة»، ويتم فتح الحدود والتنقل. وتمتاز المنطقة بتبادل تجاري واسع مع ارض الرافدين، بالإضافة إلى تقاطع العشائر والمجتمع الريفي، وحتى نقل الأسلحة، بالتزامن مع التوتر الذي شهده العراق مطلع العام 2013 قبل أن يتم إلغاء الحدود مع سيطرة التنظيم عليه في صيف العام 2014.
طارق العبد
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد