دمشق: شكوك في إمكانية نجاح دي ميستورا
شكك ديبلوماسيون عرب وأجانب في إمكانية أن تحقق مقترحات المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، تقدماً نوعياً في مسار مهمته الرامية لتحقيق تسوية تنهي الأزمة السورية الدامية منذ 4 سنوات.
وقال مسؤول سوري، إن «أي عمل لا ينطلق من تحقيق تقدم ملموس على طريق مكافحة الإرهاب، لن يؤدي لنتيجة على المستوى السياسي».
ووفقا لمندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري فإن دمشق ستدرس مقترحات المبعوث الدولي، مشيراً، إلى أن ثمة «حاجة بالطبع لطلب توضيحات بخصوص تفاصيل هذا المقترح، كما الإجابة على أسئلة محددة» لم يبين طبيعتها، مشيراً إلى أن «خطة سير العمل الجديدة، ستدرس في العاصمة السورية».
وأوضح مسؤول آخر أن دي ميستورا أشار لمقترحه خلال لقائه نائب رئيس الوزراء السوري وزير الخارجية وليد المعلم، الأسبوع الماضي، ولكن دون الخوض في تفاصيله.
وأمس طرح المبعوث الأممي مقترحه الجديد، والذي يعد الثالث في ضوء تعاطيه مع الأزمة السورية منذ تسلمه مهمته في حزيران من العام الماضي. ورأى دي ميستورا أنه من أجل «وقف العنف للمضي قدماً في العملية السياسية» يمكن التركيز على «أربع نقاط»، يمكن تنفيذها عن طريق إقامة «مجموعات عمل متوازية مكونة من سوريين، تتعامل مع المحاور الرئيسية لبيان جنيف وتطبيقه على مراحل». والنقاط الأربع هي «الأمن وحماية الجميع، ونقاش آليات التوصل إلى ذلك، بما فيها رفع عمليات الحصار وتأمين وصول المساعدات الطبية وتحرير المحتجزين، إلى جانب أمور سياسية ودستورية، بما في ذلك هيئة حكم انتقالية وانتخابات»، لافتاً إلى «محاربة الإرهاب ووقف إطلاق النار وملف إعادة الإعمار».
وأوضح دي ميستورا أن تلك اللجان ستبدأ بالتحرك باتجاه إطار عمل سوري، ويمكن من بعدها أن يتم البناء على اللقاءات التي شهدتها جنيف والقاهرة وباريس وغيرها. ومن المفترض أن تشرف على تلك اللجان «مجموعة اتصال دولية».
إلا أن مصادر في دمشق تساءلت كيف يمكن ضمان «الأمن» في ضوء «توالد المجموعات المسلحة الدائم وانعدام مرجعياتها، أو عدم تعاون مرجعياتها؟».
وفي إشارة لتركيا، ذكّر مسؤول سوري، أمس، ببيان الخارجية السورية الموثق في رسالتين للأمم المتحدة، والذي ينظر «لاستدارة تركيا» تجاه «داعش»، باعتبارها «حركة مخادعة، هدفها «سياسي داخلي للضغط على الأكراد ومحاربة قواعدهم، لا مواجهة الإسلاميين».
وترافقت الرسالة السورية أمس الأول مع تداول وسائل إعلام مقربة من تركيا، معلومات عن سعي أنقرة لتقريب تنظيم «أحرار الشام» من الغرب، باعتباره بديلا عن «جبهة النصرة» التي ترفض الانفكاك رسميا عن تنظيم «القاعدة»، لوضع مناطق سيطرة «قوات حماية الشعب» الكردية تحت إدارته.
لذلك يبقى التشكيك، سيد الأحكام، في نشاط دي ميستورا الجديد، في ظل تجارب عسيرة، على المستويات المحلية، والإقليمية والدولية.
ورجح ديبلوماسي غربي، أن تكون «قبعة المبعوث الدولي، قد أفرغت» باعتبار هذا المقترح هو آخر ما يمكن أن يقدمه. واستند إلى فشلين سابقين، خفض خلالهما المبعوث الخاص طموحاته من «تجميد القتال» إلى «وقف القصف»، ومن ثم الدعوة إلى بعض الأعمال الإنسانية، مشيرا إلى أن فشلاً ثالثاً سيضعه في مواجهة مع أعضاء مجلس الأمن.
وبالرغم من أن المجلس لا يمتلك أداة أخرى على المستوى الأممي، «إلا أن الفشل سيجر وراءه إحباطا متزايدا». وتكمن المفارقة أيضا في أن دي ميستورا نفسه قد لا يتحمل تماما مسؤولية الفشل، بقدر ما يتحمله أطراف الصراع وحلفاؤهم.
وحمّلت دمشق بشكل متكرر كلا من السعودية وتركيا وقطر مسؤولية إفشال جهود دي ميستورا في حلب، لكن الأخير فضل إدارة ظهره لأسباب فشله، والانتقال نحو مربع عمل جديد.
وقلل مصدر سوري من أهمية المقترح الرامي لتشكيل «مجموعة اتصال دولية»، رغم ما يمكن أن يعنيه هذا المقترح، من ديبلوماسية خفية تعمل على «رعاية الأزمة السورية» عبر «مسارين، احدهما أمني والثاني سياسي «. ورأى أن الوضع الميداني، المرتبط بالضغط على المجموعات التكفيرية والحد من تمددها ومقاتلتها هو الذي سيفرض أجندة أي حديث سياسي»، لذلك فإن لم «يكن هدف مجموعة الاتصال التركيز على مكافحة الإرهاب، لا جدوى من الحوار السياسي، علما أن تحقيق نجاح في الأول هو الذي يسمح بنجاح المستوى الثاني».
وبالرغم من النظرة التشكيكية، «ستتعاون» سوريا مع المقترح الجديد وذلك بعد دراسته. وأكد الجعفري رغبة دمشق «التعاون مع كل الجهود التي تؤدي للحل السلمي»، وذلك شرط ان «تكون محاربة الإرهاب أولوية فيها».
وكان دي ميستورا اختتم جولته في المنطقة بزيارة إلى دمشق، التقى فيها المعلم، قبل أن يغادر في اليوم التالي دون لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، كما جرت العادة.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد