للسعودية وتونس وسوريا موقع الصدارة في حجب المواقع الالكترونية
أصدرت المبادرة العربية (www.openarab.net/reports) تقريرها الثاني عن استخدام الإنترنت في العالم العربي، من إعداد الصحافي إيهاب الزلاقي والباحث القانوني جمال عيد وسالي سامي. ويتضمّن التقرير معلومات عن السياسات التي تتبعها ثماني عشرة دولة عربية، للتعامل مع الإنترنت، وهي السياسات التي تشبه تكتيكات التعامل مع عدو أو خصم
تُعَدُّ حرية الرأي والتعبير قيماً غريبة وغير مرغوب بها بالنسبة إلى الحكومات العربية، ما يجعل الحاجة إلى شبكة الإنترنت أمراً ملحاً ووسيلة هامة لجمهور تزداد أعداده يوماً بعد يوم، ويعيش في بلدان تسيطر عليها حكومات وصلت غالبيتها إلى الحكم بطرق بعيدة عن الديموقراطية.
ولعل هذا ما يفسّر التوسّع الكبير في عدد مستخدمي الإنترنت في المنطقة العربية، حيث أوشك الرقم أن يتضاعف في أقل من ثلاثة أعوام. فبلغ في منتصف حزيران 2004 نحو 14 مليون مستخدم، ليصل في نهايات 2006 إلى نحو 26 مليون مستخدم، بحسب المدير الإقليمي لمجموعة «غوغل» العالمية في الشرق الأوسط شريف إسكندر.
والحكومات العربية التي لم تكن بحاجة لموجة «محاربة الإرهاب» لتقييد حرية استخدام الإنترنت، لم تفوّت هذه الفرصة لطرح مزيد من التضييق والتقييد لحرية الرأي والتعبير ، ومن ضمنها حرية استخدام الإنترنت
يشير تقرير «الإنترنت جبهة جديدة لصراع الحكومات العربية» الصادر عن «المبادرة العربية» إلى أنه على الرغم من آلاف المواقع المحجوبة التي كان للسعودية وتونس وسوريا حصة الأسد منها، فقد أبصرت النور آلاف المواقع الجديدة التي يطرح الكثير منها أفكار المواقع المحجوبة نفسها، بل وتتجاوزها أيضاً في شدة النقد وغزارة المعلومات. ولعلّ قيام جماعة الإخوان المسلمين في مصر بإطلاق عشرات المواقع التي تعبر عنها، بعد حجب موقعها الرسمي في مصر وسوريا، يعطي إشارة واضحة إلى المهمة الصعبة التي تضطلع بها العديد من أجهزة الحكومات لمحاولة الحد من تدفق المعلومات عبر شبكة الإنترنت. وغالباً ما وجدت هذه الأجهزة نفسها مضطرة لرفع الحجب عن بعض المواقع، بعدما أصبح الحجب غير ذي فائدة بعد نشوء مواقع أخرى تطرح الموضوعات نفسها، وهذا ما حدث مع موقع الإخوان المسلمين الذي رُفع الحجب عنه في مصر.
يُظهر التقرير أن الغلبة ما زالت للمواقع الإسلامية. فبين المواقع المئة الأكثر شيوعاً باللغة العربية، هناك عشرة مواقع إسلامية متشددة. وتعكس هذه الصدارة اهتمامات المستخدمين العرب، إلا أننا لا نستطيع أيضاً إغفال الدور الذي تؤديه التوجهات الحكومية التي تتحكم في الرقابة والحجب، والذي غالباً ما يكون ضد المواقع السياسية والعلمانية أو الحقوقية في المقام الأول. فموقع مثل «الحوار المتمدن» (http://www.rezgar.com/debat/nr.asp) المعروف بعلمانيته ودفاعه عن حرية الرأي والتعبير وحقوق الأقليات والمرأة، قد حُجب أخيراً في أربع دول على الأقل، هي السعودية والإمارات وتونس والبحرين، رغم عدم تضمّنه لأيّة إساءة أو دعاية موجهة ضد أي حكومة، وجلّ ما يحويه نقد سياسي وتداول للأفكار العلمانية.
يشير التقرير إلى وصول الأنظمة العربية إلى أول حالة «وحدة» بينها، وإن كانت غير معلنة، وهي «الوحدة على مستوى أجهزة الشرطة أو وزارات الداخلية العربية». فاجتماعات وزراء الداخلية العرب تتم من دون تأجيلات، وتؤدي دائماً إلى تعاون وثيق بين أجهزة الشرطة العربية يصل لحد الاتفاق الكامل على أهمية تداول المعلومات وتوزيعها، ما يسمح لأي شرطي في أي مطار أن يخبرك بتاريخ حياتك وعدد القضايا التي اتهمت بها، وأي سجن احتجزت فيه وميولك السياسية والمنظمة الحقوقية أو السياسية التي تنتمي إليها، سواء كانت سرية أو علنية. ولعل لقاء وزراء الداخلية العرب في شباط 2006 بتونس يوضح بشدة التوافق الكامل بين هؤلاء الوزراء بشأن أهمية حجب المواقع التي «تشجع على الإرهاب» من دون وضع تعريف محدد لماهية هذا الإرهاب الذي يقصدونه.
ويتناول التقرير حالة كل دولة عربية على حدة، إذ تختلف درجة الرقابة على قطاع المعلوماتية بين دولة وأخرى. ففي لبنان مثلاً، تصل درجة الحرية إلى أعلى معدلاتها، ولم تُسجل أي حالة حجب أو رقابة لمواقع إلكترونية، باستثناء موقع للمثليّين في لبنان (www.gaylebanon.com). وحاولت شرطة الآداب اللبنانية الضغط على المدير العام لشركة Destination المزودة لخدمات الإنترنت، زياد مغربي، لإجباره على الكشف عن أسماء أصحاب هذا الموقع، والمشتركين فيه. وقد رضخ مغربي لمهلة الثماني والأربعين ساعة التي منحته إياها السلطات اللبنانية لإغلاقه، لكنه رفض الإفصاح عن المشتركين فيه. أما في باقي الدول العربية، فتصل درجة الرقابة إلى حد طلب أجهزة الأمن من أصحاب مقاهي الإنترنت تسجيل أسماء المستخدمين للأجهزة ووقت استخدامهم في بعض الدول، كما أن أجهزة الأمن السعودية تضع كاميرات مراقبة في المقاهي وتتسلّم الأشرطة كل ثلاثة أيام.
يلفت التقرير إلى قيام معظم الأنظمة العربية بحجب المواقع الإباحية والسياسية والحقوقية تحت أعذار مختلفة تلتقي في معظمها على عدم التعرض للحاكم ونظام حكمه وللأديان والمصالح العليا للدولة. ففي السعودية، تُحجب المواقع «التي تنافي الدين الحنيف والأنظمة الوطنية». أما في سوريا، فيجري إعداد قانون جديد يعطي الرقيب حق «تحديد ما هو مسموح أو غير مسموح». كما أن السلطات السورية منعت الوصول إلى مواقع خدمات البريد الإلكتروني المجانية الشهيرة مثل Yahoo أو Hotmail أو Maktoob وغيرها، حتى لا يفسح أمام المواطن سوى استخدام خدمات البريد الإلكتروني التي تقدمها شركات التزويد المحلية والتي تسهل مراقبتها. لكن عام 2004 شهد فك الحظر عن بعض هذه المواقع، الأمر الذي أرجعه أحد الخبراء إلى احتمال حصول السلطات على تجهيزات ومعدات أمنية جديدة تتيح لها رقابة البريد المتداول عبر هذه الخدمات. ورغم ذلك، أفادت بعض التقارير بعودة السلطات السورية لحجب موقع (Hotmail) عن المستخدمين في 17/7/2006 مرة أخرى.
وفي العراق، يشير التقرير إلى أنه: «بعد مرور سنوات على الاحتلال ما زال الوضع شديد الحساسية والغموض في ما يتعلق برقابة الإنترنت تحت رايات الحرية الأميركية. لكنّ التقارير الواردة من داخل العراق تكاد تجمع على وجود هذه الرقابة، وإن بشكل يختلف كثيراً عن الرقابة العنيفة المفروضة أيام صدام». وفي تونس، أغلق موقع «يزي» (www.yezzi.org)، وهي كلمة تونسية عامية تعني «يكفي». ويدعو الموقع كل من يرغب في التظاهر «إلكترونياً» إلى وضع صورة له وهو يحمل لافتة تدعو الرئيس التونسي «بن علي» إلى التنحّي. ويمكن للمتظاهر أن يخفي عينيه أو وجهه، أو أن يضع صورة واضحة له كما فعلت بعض رموز المعارضة التونسية. وحقق الموقع رقماً قياسياً، فحُجب داخل تونس بعد إطلاقه بـ 18 ساعة فقط، كما أكد القيمون عليه.
كما وصل عدد المواقع المحجوبة في السعودية إلى 400 ألف موقع، ما دفع منظمة «مراسلون بلا حدود» إلى منح المملكة أول جائزة عالمية للرقابة كنوع من الاحتجاج على ما تفعله السعودية. وفي قطر، اتّخذت شركة «كيوتل» إجراءً فريداً، إذ قامت الشركة بإلغاء خدمة الصوت تماماً عن خدمة الاتصال بشبكة الإنترنت.
سجناء الإنترنت
في العالم العربي سجناء رأي من نوع مختلف. ضُبطوا بالجرم المشهود... إلكترونياً. هنا أبرز حالات الاعتقال هذه.
سوريا:
عبد الرحمن الشاغوري: اعتقل إثر إرساله بريداً إلكترونياً يحوي معلومات من الموقع المحجوب في سوريا (thisissyria.net) وحكم عليه في 20 تموز 2004 بالسجن عامين ونصف عام بتهمة «نشر معلومات كاذبة» و«تشويه صورة وأمن سوريا».
مسعود حميد: اعتقل في 24 تموز 2004 على أيدي رجال الأمن العام بعد نشره صوراً التقطها لتظاهرة للسكان السوريين الأكراد في عدة مواقع على شبكة الإنترنت، بما في ذلك في الموقع الكردي داخل ألمانيا www.amude.com.
مهند قطيش وهيثم قطيش ويحيي الآوس: أصدرت محكمة أمن الدولة العليا بدمشق في 25 حزيران 2004 الحكم عليهم بالسجن بتهم «الحصول على معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة لمنفعة دولة أجنبية» و«إذاعة أخبار كاذبة في الخارج» بواسطة شبكة الإنترنت.
حبيب صالح: اعتقلته سلطات الأمن في 29 أيار 2005 بسبب مقالات نشرها على مواقع (الحوار المتمدن) و(شفاف الشرق الأوسط) و(الرأي) التابع لحزب الشعب الديموقراطي السوري.
محمد غانم: محرر موقع سوريون www.surion.org اعتقله الأمن العسكري في 31 آذار 2006.
تونس:
محمد عبو: ألقت السلطات القبض عليه ووجهت إليه تهماً بسبب نشره عبر شبكة الانترنت مقالات انتقدت بشكل علني قرار الحكومة التونسية دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلى «آرييل شارون» لحضور قمة المعلومات العالمية، وللتنديد بعمليات التعذيب في تونس.
رمزي بلطيبي: ألقت سلطات الأمن القبض عليه في 15 آذار 2005 داخل أحد مقاهي الانترنت، وحكم عليه بالسجن لمدة أربعة أعوام بتهمة إعادة نشر مقال نشرته جماعة تطلق على نفسها «جند الإسلام الجهادي ــ لواء عقبة بن نافع» على موقع الكتروني.
السعودية:
نوال اليوسف: الإعلامية والكاتبة، التي استدعتها مباحث أمن الدولة في 12 آب 2004 للتحقيق معها حول مقالاتها المنشورة على الانترنت والتى تناولت فيها الملكية وحقوق الشيعة في السعودية، وتم إلزامها بتوقيع تعهد بعدم تكرار الكتابة في هذه الموضوعات.
محسن العواجي: تم القبض عليه في 10 مارس 2006 بعد قيامه بنشر مقالات تنتقد الحكومة السعودية.
العراق:
كمال سيد قادر: قبض عليه وحوكم في أيلول 2005 في أربيل، بتهمة التشهير بسبب نشره مقالتين على الانترنت، انتقد فيهما بشدة قيادة الحزب الديموقراطي الكردستاني.
ليبيا:
عبد الرازق المنصوري: تعدّ حالته من أشهر حالات الاعتقال على خلفية النشر عبر الإنترنت، حيث قامت السلطات باعتقاله بعد كتابته أكثر من خمسين مقالاً وتعليقاً، انتقد فيها الحكومة والمجتمع الليبيين عبر موقع «أخبار ليبيا» الالكتروني.
ضيف الغزال: استقال الصحافي ضيف الغزال من جريدة الزحف الأخضر ــ وهي جريدة رسمية تصدرها اللجان الثورية ــ في 26 آذار 2005 نتيجة لقلقه بشأن الفساد، ثم بدأ الكتابة لموقع Libyajeel.com متناولاً الفساد ومنادياً بالإصلاح. اختطف بعد أقل من شهرين وتحديداً في 21 أيار من العام نفسه. وهناك مزاعم بأن مختطفيه يتبعون الأمن الداخلي الليبي وإن لم يتم إثباتها، وبعد عشرة أيام عثر على جثته مقطّعة الأطراف وبخاصة أصابعه.
عاشور نصر الورفلي: اعتقلته السلطات في 11 تموز 2004 وأكد في رسالة بريد الكترونية أن اعتقاله تم بسبب قيامه بنشر مقالات على الانترنت انتقد فيها أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا، وتم اعتقال العديد من رواد هذه المقاهي للتحقيق معهم بتهمة زيارة «مواقع مشبوهة» تظاهرات بنغازي التي اندلعت في 17/2/2006
مصر:
عبد الكريم سليمان عامر (كريم عامر): في 6 تشرين الثاني 2006 أمرت المحكمة باحتجازه أربعة أيام على ذمة التحقيق بعد استجوابه عما ينشره من مقالات رأي على شبكة الإنترنت في عدة مواقع أهمها مدوّنته http//blogspot.com.karam903. وحتى كتابة هذا التقرير، كان كريم لا يزال معتقلاً في سجن الحضرة بالإسكندرية
إعداد: ثائر غندور
المصدر : الأخبار
إضافة تعليق جديد