المعابر الحدودية هدف جديد لروسيا: وقف الإمداد بالسلاح وبيع النفط
المشهد الميداني بعد إسقاط تركيا طائرة الـ «سوخوي» الروسية قبل أيام بات مختلفاً بشكل كبير، فالطيران بات يقترب من الشريط الحدودي مع تركيا، ومن المعابر التي جاهدت المجموعات المسلحة للسيطرة عليها، والتحكم من خلالها بالإمدادات، لتؤمن لها دخلاً مالياً إضافياً، لكن وصول الغارات الجوية إليها أخيراً بدأ يعطي إشارات عن تحول في الوضع الميداني.
وبدا لافتاً في الأيام الماضية وقوع غارات جوية قرب معبر باب الهوى وصولاً إلى سرمدا في إدلب، وكذلك عند باب السلامة قرب إعزاز في ريف حلب، حيث طالت بحسب مصادر ميدانية شحنات إمداد تتجه للمجموعات المسلحة، بالإضافة إلى استهداف قوافل نفطية تتبع لتنظيم «داعش» تتجه نحو جرابلس، وهي بدورها محطة حدودية مع تركيا التي تغلق جميع البوابات منذ آذار الماضي وتسمح بالمرور فقط باتجاه الأراضي السورية.
وفي موازاة التصعيد الجوي قرب الحدود بدا لافتاً حديث مصادر معارضة عن احتمال هجوم وحدات الحماية الكردية على نقطة باب السلامة في محاولة لإحداث ضغط إضافي على الفصائل.
ولكن ما الذي تخسره المجموعات المسلحة باستهداف المعابر أو خسارتها؟
بعيداً عن الرسائل السياسية بين أنقرة وموسكو يبدو الوضع الميداني اقرب لتحول مفاده استهداف ومنع أي تجمع أو خط إمداد للفصائل المسلحة، سواء في حلب حيث يتقاتل «داعش» والأكراد و«جبهة النصرة»، وتتحدث تركيا عن منطقة آمنة تمتد من جرابلس حيث تنظيم «الدولة الإسلامية» أو في إدلب التي ترتبط العمليات فيها بالتوسع إلى ريف حماه أو اللاذقية.
وبالنسبة للمجموعات المسلحة فإن الشريط الحدودي شكل بالفعل ما يشبه منطقة آمنة في الفترات الماضية، فالمعابر التي سقطت تباعاً في قبضة «الجيش الحر»، ثم تصارع عليها مع «النصرة» و«أحرار الشام»، التي نجحت في فرض سيطرتها عليها سمحت بفرض نفوذ واسع والتحكم بحجم الدعم المالي وشحنات المواد التجارية والعسكرية والطبية.
وابعد من ذلك فقد فتحت غالبية الفصائل مكاتب لها قرب البوابات الحدودية، لتسهيل استقطاب المقاتلين القادمين من الخارج أو لاستلام شحنات الأسلحة، هذا إن لم تكن قد خصصت أراضي بجانب المعابر لتخزين الأسلحة، وهو ما بدا واضحاً حين شنت «الجبهة الإسلامية»، وخاصة «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» معركة ضد «هيئة الأركان» ورئيسها آنذاك سليم إدريس، وسيطرت على عشرات المخازن المكدسة بالأسلحة، ما لفت الانتباه جلياً إلى أهمية هذه البوابات الحدودية، وهو ما يفسر أيضا سلسلة التفجيرات التي طالت هذه النقاط ومعها مخازن الأسلحة.
وإذا كانت البوابتان الأساسيتان في الشمال تحت قبضة «أحرار الشام»، وتستخدمهما للتجارة ونقل السلاح، فإن باقي النقاط تبدو مخصصة للنفط أو التهريب. وهنا لا بد من الإشارة إلى نقطة جرابلس، وبدرجة اقل تل ابيض التي أصبحت تحت سيطرة الوحدات الكردية، فالمنطقتان الخاضعتان لسيطرة «داعش» شكلتا، بحسب مصادر ميدانية، محطة أساسية لنقل النفط من ريف دير الزور والرقة إلى جرابلس بالدرجة الأولى، خاصة أن طريق الإمداد يمر بعد الرقة على مجرى نهر الفرات إلى ريف حلب الشرقي الخاضع بغالبيته لقبضة عناصر «داعش»، وهو ما يعني ممرات آمنة لم تطلها غارات التحالف الدولي مسبقاً.
يضاف إلى ذلك أن «الدولة الإسلامية» قد ركزت على البلدة الحلبية أكثر من غيرها بعد خسارتها لتل ابيض، وفشل محاولات السيطرة على عين العرب (كوباني)، وكذلك التمدد في محافظة الحسكة شمالاً. وعلى الرغم من إغلاق أنقرة للبوابة في جرابلس، إلا أن المعلومات تؤكد حدوث عمليات بيع وشراء الذهب الأسود عند هذه النقطة، تمهيداً لنقله إلى ميناء جيهان التركي. ولعل الغارات الأخيرة على هذه الطرق والممرات هي ما تفسر إعلان التنظيم حالة تقشف في المواد النفطية وقراره التوقف عن بيع النفط.
طارق العبد
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد