معركة نحو الرقة بغطاء أميركي وعرض روسي للتعاون ورهان كردي على «الفدرالية»
أطلقت «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، المدعومة من الولايات المتحدة، حملتها باتجاه شمال الرقة، من ثلاثة اتجاهات، وذلك بعد يومين على بدء تحرك القوات العراقية لتحرير مدينة الفلوجة العراقية من قبضة تنظيم «داعش» قبل الانتقال الى معركة الموصل، في تزامن يفتح الباب أمام تأكيد سيناريو ترابط الجبهات في الغرب العراقي والشرق السوري.
وكان من اللافت ان موسكو التي شككت في انطلاق الهجوم باتجاه الرقة، اعلنت في الوقت ذاته احتمال حدوث تنسيق جوي بينها وبين الجيش الاميركي لتعزيز الهجوم على مواقع الارهاب في سوريا، بما في ذلك تلك التي يقوم بها الجيش السوري، في حين قال مسؤول في «قسد» ان معركة الرقة ستكون شاقة لان «داعش» سيتعامل معها على انها مصيرية، في حين ان الانتصار في الهجوم يعزز فكرة «الفدرالية» السورية.
وبدأ هجوم «قوات سوريا الديموقراطية» من ثلاثة اتجاهات، الأول من عين عيسى، التي تبعد 50 كيلومتراً عن عين العرب، والثاني من مقر «اللواء 93» في شرق جنوب عين عيسى. أما الاتجاه الثالث فهو من منطقة مطعم النخيل القريب من سد تشرين على نهر الفرات. وتقع هذه المناطق في شمال وشمال غرب الرقة.
وفي حين أعلن المتحدث باسم الجيش الأميركي ستيف وارن أن «قوات سوريا الديموقراطية» بدأت في تطهير مناطق تقع إلى الشمال من الرقة، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استعداد موسكو للتنسيق مع «سوريا الديموقراطية» والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لشن هجوم لطرد «داعش» من الرقة.
و «قوات سوريا الديموقراطية» عبارة عن تحالف فصائل كردية وعربية، لكن الغالبية العظمى من المقاتلين تعود إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية.
ويقول مصدر مطلع، إن الحملة انطلقت عند الساعة الثانية من ظهر يوم أمس، ضمن المخطط الذي تم وضعه للبدء بعملية الرقة، وهي تتم بالتنسيق وبغطاء جوي من قوات التحالف الدولي. ويبلغ تعداد المشاركين في الحملة 12 ألف مقاتل، على أن يتم في مرحلة مقبلة زيادة عددهم.
وأشارت وكالة «هاوار» الكردية إلى دخول 250 جندياً من الكومندوس الأميركي إلى شمال سوريا تحضيرا للحملة العسكرية. ويشير المصدر إلى إمكانية تواجد أعداد منهم في الحملة الحالية، وخاصة أن الأمر يرتبط بدعم جوي من طائرات التحالف.
ويوضح المصدر أن «قوات سوريا الديموقراطية» تعتمد بشكل رئيسي على السيطرة على الطرق الرئيسية خلال حملاتها العسكرية السابقة، بهدف فرض حصار كامل على المنطقة، وهو ما يمكن تنفيذه في الحملة الحالية، حيث ستؤمن القوات الجهة الشمالية والشمالية الغربية من المحافظة من جهة نهر الفرات، ومن الجهة الشرقية تتواجد القوات في جنوب الحسكة والشدادي، أما من جهة الجنوب فهي ضمن محورين، الأول الإبقاء على طريق لفرار مقاتلي «داعش» من الرقة، والثاني هو دير الزور التي تشكل وجهة أساسية لتنظيم «داعش» الذي يسعى لخرقها.
القيادي في العلاقات العامة في «قوات سوريا الديموقراطية» عبد العزيز يونس قال إن «الشعار الأساسي للقوات هو تخليص سوريا من الإرهاب، وبما أن القضاء على داعش بدأ من روج آفا (شمال سوريا) فإن الاستعدادات على قدم وساق للتوجه الى الجنوب والجنوب الغربي من روج آفا وشمال سوريا الفدرالي ومنطقة الجبهة الشرقية من حلب، حيث أن المناوشات موجودة والتحضيرات تامة لمعركة الرقة وربما مناطق أخرى».
ويعتبر عبد العزيز أن أهمية معركة الرقة تأتي من كونها تشكل المعقل الأساسي لـ «داعش» في سوريا والحصن الأساسي كعاصمة ومنطلق لـ «دولة داعش» هنا. ويضيف أن «المخزون الاستراتيجي لترسانة داعش العسكرية متواجد في الرقة بالإضافة إلى التحصينات، وانهيار الرقة يعني نهاية داعش كقوى عسكرية في سوريا وروج آفا. وهنا لن تكون المعركة نزهة بل ستكون صعبة، لأنها معركة وجود بالنسبة إلى داعش».
ويعتبر أنه «في حال سيطرة قوات سوريا الديموقراطية على مدينة الرقة فإن هذا سيكون فاتحة للانفتاح الدولي التام للاعتراف بالمنهج والحل الفدرالي لسوريا المستقبل». ويقول «ليس من المعقول تجاهل الدور والقوى العسكرية التي لعبت وستلعب الدور الأساس للقضاء على الإرهاب في سوريا، ومن المفروض الإقرار بأن الحل الوحيد لسوريا المستقبل هو الاعتماد على قوات سوريا الديموقراطية كنواة لجيش سوريا المستقبل، وفرض الوجهة السياسية التي تليق بتلك القوى في المحافل الدولية كممثلة لشعب سوريا الفدرالي».
ويشير عبد العزيز إلى أن «العلاقة بين الرقة والموصل كالعلاقة بين القلب والجسد. انتهاء الرقة يعني انتهاء الموصل، والعكس صحيح، فهما مركزان أساسيان لداعش». ويقول «أينما يتواجد داعش فهو هدف لقوات سوريا الديموقراطية، سواء في دير الزور أو الرقة، لكن حسب الأهمية والخطة العسكرية للقادة الميدانيين فإن القلب هو الهدف الأساسي، والرقة بمثابة القلب، كما أن المنطقة الشرقية من حلب لا تقل أهمية عن الرقة».
ويوضح أن دور أميركا والتحالف الدولي أساسي لتأمين التغطية الجوية لتحركات «قوات سوريا الديموقراطية»، وقد أعلنت واشنطن عن قيام قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوزيف فوتيل بزيارة قصيرة إلى مناطق خارجة عن سيطرة الدولة في شمال سوريا.
وقال المتحدث باسم الجيش الأميركي المقدم ستيف وارن، من مقره في بغداد، إن «قوات سوريا الديموقراطية بدأت عمليات لتطهير المناطق الريفية الشمالية، وهذا يضع ضغوطا على الرقة». وأكد أن الجيش الأميركي سيشن غارات جوية لدعم تلك القوات التي دربتها وجهزتها الولايات المتحدة. ولم يتضح متى سيبدأ الهجوم على مدينة الرقة نفسها.
وأعلن أن «قوات سوريا الديموقراطية» لم تلق مقاومة شديدة من «داعش» في المنطقة التي تكاد تخلو من السكان، موضحاً أنه يوجد في الرقة ما بين 3 و5 آلاف من مقاتلي التنظيم، مشيراً إلى انه من غير الواضح متى سيتم شن الهجوم على مدينة الرقة نفسها. وقال انه في حال سقوط الرقة «ستكون هذه بداية نهاية خلافتهم».
وقال مسؤول أميركي آخر إن «قوات سوريا الديموقراطية» تسيطر على أراض أثناء توجهها إلى الرقة «إلا أنها لا تهاجم الرقة» نفسها.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن طائرات التحالف شنت عشرات الضربات شمال مدينة الرقة.
وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى استعداد موسكو لتنسيق الجهود مع التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، ومع الأكراد من أجل تحرير الرقة، برغم تشكيكه بانطلاق العملية. وقال لافروف «لا أستطيع تأكيد ما إذا كانت الأنباء حول بدء مثل هذه العمليات تتناسب مع الواقع، إلا أنني أعلن بكامل المسؤولية أننا مستعدون لمثل هذا التنسيق».
وأكد لافروف أن الرقة هي أحد أهداف التحالف المضاد للإرهاب، شأنها في ذلك شأن الموصل العراقية. وقال «نحن مقتنعون انه كان من الممكن تحرير هذه المناطق المأهولة بشكل أكثر فاعلية وسرعة لو أن جيشينا (الروسي والأميركي) بدآ في تنسيق تحركاتهما قبل ذلك بكثير».
وأكد لافروف أن موسكو وواشنطن اتفقتا على تنسيق العمليات العسكرية في سوريا وتبادل المعلومات. وقال «توصلنا إلى هذا الاتفاق مع الشركاء الأميركيين، ولكن ليس على الفور بل بعد تجاوز شكوكهم وتأملاتهم، وحتى مقاومتهم لفكرة الانتقال من مجرد تبادل المعلومات إلى تنسيق عمليات محاربة الإرهاب»، موضحاً أن وزارتي الدفاع في البلدين تدرسان كيفية تنسيق التحركات بشكل محدد.
وأعلن أن هناك فرصة لتحقيق مثل هذا التنسيق، مشيراً إلى أن «الطيران الحربي الروسي يجب أن يعمل بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف لمساعدة من يحارب الإرهابيين على الأرض، وقبل كل شيء الجيش السوري، وكذلك مختلف وحدات القوات الكردية، بما في ذلك الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديموقراطي».
وسام عبد الله
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد