محفّزات الصداع النصفي... أغذية وهرمونات وطقس ونوم مضطرب
يصيب الصداع النصفي، (الذي يضرب نصف الرأس) حوالى 12 في المئة من البالغين، وحوالى خمسة الى عشرة في المئة من الأطفال والمراهقين، وما زال هذا النوع من الصداع يحير العلماء ويفسد حياة الكثيرين.
وأكدت بحوث وتجارب طاولت نمط الحياة لشريحة واسعة من الأشخاص، أن هناك عوامل خارجية تساهم في اندلاع نوبة الصداع النصفي لدى غالبية المصابين، وفي ما يأتي أبرزها:
- الأغذية. إن بعض الأغذية يمكن أن يثير نوبات الصداع النصفي في شكل غير مباشر، مثل الشوكولاتة، والمكسرات، واللحوم المعالجة، والأجبان المتعفنة، وبعض المخبوزات، والأفوكاتو، والأطعمة الحاوية الصويا، والموز الناضج جداً، والمشروبات الروحية، والمنبهات، والمحليات الصناعية، والخميرة. إن تأثير الأطعمة ليس واحداً لدى كل المصابين، فالطعام الذي يسبب نوبة الصداع عند شخص قد لا يسببها عند شخص آخر.
ما هو الحل؟ يجب تعقّب النظام الغذائي يومياً للتوصل الى الغذاء «المذنب»، ومن ثم حذفه من قائمة وجبات الطعام.
- الضغوط النفسية، وهي تعد من أكثر مسببات الصداع النصفي، وعلى ما يبدو أنها تتفاعل مع التكوين النفسي والبيولوجي للشخص، مطلقة العنان لنوبة الصداع النصفي أو أنها تطيل أمد النوبة إذا كانت الأخيرة موجودة أصلاً.
ما الحل؟ أول خطوة يجب القيام بها هي كسر حلقة الوصل التي تربط بين الضغط النفسي والصداع النصفي، من خلال قطع الطريق أمام الحدث الذي أفضى الى الضغط النفسي، فعندها تكون السيطرة على الحدث مفيدة في درء شر الصداع النصفي أو على الأقل التخفيف من وتيرته.
- المشروبات السكرية والكحولية، وهي الأخرى تصنف من العوامل المثيرة للصداع النصفي، وتفعل ذلك لسببين: أولهما أنها تحرّض على حدوث الجفاف في الجسم، وثانيهما أنها تضم مواد حافظة، مثل مركبات النيترات والسلفات التي يمكنها أن تسبب الصداع.
والحل هو بتفادي هذه المشروبات.
- النوم. الدماغ يحب الروتين، من هنا فإن أي تشويش طارئ على النوم يمكنه أن يخلق بلبلة على صعيد كهربائية خلايا المخ، ما يجعل الفرصة سانحة لظهور الصداع النصفي عند الأشخاص الذين يملكون استعداداً للإصابة به.
الحل بالنوم المنتظم لمدة كافية يومياً، ولا يجب إغفال نداء الدماغ عندما يدعوك للذهاب الى الفراش، فهي دعوة صادقة ليأخذ جسمك ما يستحقه من النوم الكافي والمريح.
- المثيرات الحسية، هناك كثيرون من المصابين بالصداع النصفي حساسون تجاه الأضواء الساطعة، والضوضاء القوية، والروائح الوخاذة، التي غالباً ما تكون الشرارة التي تطلق نوبات الصداع.
الحل هو بالابتعاد عن المؤثرات الحسية قدر المستطاع، أو على الأقل التخفيف من وطأتها.
- الطقس، أثبتت دراسات حديثة أن هناك علاقة قوية بين تغيرات الطقس ونوبات الصداع النصفي، كما لوحظ أن فترة الشتاء تشهد زيادة ملحوظة في عدد نوبات الصداع النصفي، وهذا يعني أن الجو البارد يحفز على إثارة النوبات مقارنة بالجو الدافئ. أيضاً إن اختلاف درجات الحرارة الذي يحصل في الشتاء بين البرودة الشديدة والتدفئة من شأنه أن يخلق خللاً في توازن المواد الكيماوية في الدماغ يمكن أن يكون مسؤولاً عن نوبات الصداع.
الحل بالتدفئة الجيدة لجميع مناطق الجسم، والتخفيف قدر الإمكان من حدة التقلبات في درجة الحرارة.
- القهوة، في الواقع هناك تناقضات مختلفة، فبعض الأشخاص قد يتأثر بمادة الكافيئين الموجودة في القهوة فيعاني من الصداع النصفي، خصوصاً الذي يرتشف فناجين كثيرة في اليوم. وهناك البعض الذي يشرب كميات كبيرة من القهوة يجد نفسه سريعاً أمام نوبة الصداع النصفي بمجرد أن يتوقف عن شرب القهوة. وهناك البعض الثالث الذي يجد في القهوة علاجاً لنوبة الشقيقة، لذا نجد مادة الكافيئين في الأدوية التي توصف لعلاج الصداع النصفي.
الحل هو بالعزوف عن القهوة إذا كانت تثير النوبة. وعدم التوقف فجأة عن شربها، في حال كان الشخص مدمناً عليها.
- التقلبات الهرمونية لدى المرأة، فالنساء هن الأكثر تعرضاً لنوبات الصداع النصفي، وتلعب التغيرات الهرمونية التي يشهدها جسم المرأة، خصوصاً هرمون الاستروجين، دوراً في اندلاعها، ولهذا نرى أن الصداع النصفي يرتبط حدوثه كثيراً بفترة البلوغ وفترات الدورة الشهرية والفترات التي يتم فيها تناول حبوب منع الحمل، التي تتخللها اضطرابات شتى على صعيد الهرمونات.
الحل باستشارة الطبيب لوضع الحلول المناسبة.
- الأطعمة الباردة، فقد كشفت التحريات الحديثة أن هذه الأطعمة يمكن أن تؤدي الى زيادة المعاناة من الصداع النصفي لدى البعض. وفسّر الخبراء ذلك بأن هذه الأطعمة، خصوصاً المثلجة منها، تولّد تغييرات على صعيد التدفق الدموي الى المخ تحرّض على حدوث نوبة الصداع.
ما الحل؟ يجب تناول الأطعمة الباردة ببطء، وإذا لم تنفع هذه الوسيلة فإن تجنب تناول الأطعمة الباردة يعتبر الطريقة الوحيدة لتفادي المشكلة.
إن العوامل المثيرة للصداع النصفي طويلة، ولا تقتصر فقط على العوامل التي أتينا على ذكرها، ورحلة البحث عن العامل المسبب ليست سهلة، بل هي طويلة وتتطلب الكثير من الوقت والجهد، وربما قد تنتهي الرحلة بعدم إمكانية رصد أي سبب واضح.
ولا بد من الإشارة الى دور الوراثة التي قد تكون لدى البعض الشرارة لاندلاع نوبة الصداع النصفي. وفي هذا الإطار، كشفت دراسة حديثة موسعة شاركت فيها مراكز عالمية من الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا قادها 80 باحثاً قارنوا فيها عينات الحمض النووي لأكثر من مئة ألف شخص، منهم من يعاني من الصداع النصفي والباقي لا يعرف طعمه، وبعد مقارنة المعطيات لدى المجموعتين تبين أن عدداً من الجينات قد يكون متورطاً في إثارة نوبات الصداع النصفي عند البعض، من خلال إحداثها تغيرات كيماوية تؤثر على خلايا المخ. ولا يستبعد الباحثون وجود جينات أخرى يعملون جاهدين للتعرف إليها، ومن يدري فقد تكون هذه الجينات هي المدخل الى ايجاد العلاج الجذري للصداع النصفي.
د. أنور نعمة
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد