البطرك الذي بكاه المسلمون قبل المسيحيين
سميّ بطريرك المسلمين وبكاه المسلمون قبل المسيحيين ..إنّه البطريرك غريغوريوس الرابع ( 1910م ) . كتب عنه محمد كرد علي في مذكراته ما يلي:
بسبب المجاعة التي أصابت شعوب منطقة سوريا أثناء الحرب العالمية الأولى استنهض البطريرك الهمم لمساعدة الجائعين والبائسين وباع أملاك وأوقاف الطائفة الكثيرة في سورية ولبنان ليشتري بها طعاماً للمحتاجين.
في الحرب العامية الأولى 1914-1918 وقعت مجاعة سفر برلك ففتحت البطريركية الأرثوذكسية بدمشق أبوابها لإطعام الجياع بغض النظر عن الدين والمذهب وحتى منهم الوافدون من بيروت، ورهن البطريرك غريغوريوس حداد أوقاف البطريركية والأديرة كلها للاستدانة وباع مقتنيات وأواني الكنائس الذهبية والفضية التي تحكي تراث البطريركية الروحي
ويقال أنه فتح أبواب البطركية للجميع أيام الحرب، واستدان أموالاً طائلة لإطعام الجائعين، ومن أخباره في هذا الشأن أنه كان له صليب ماسي أهداه إيّاه قيصر روسيا “نقولا الثاني”، لما نفذت أموال البطريركية رهنه لدى صائغ يهودي دمشقي بألف ليرة عثمانية، فلاحظه أحد أغنياء المسلمين وفك رهنه وأعاده الى البطريرك، فأخذه وباعه من جديد دون أن يدري به أحد كما ذكر عن غبطته;أنه أثناء الحرب العالمية الأولى، في مساء أحد مرفع الجبن، التقى نساء مسلمات يشكين الجوع قائلات: "نريد خبزاً يا أبا المساكين. نريد خبزاً لأطفالنا الجائعين" فعاد أدراجه الى الدار البطريركية وأمر بأن توزّع عليهن المؤن من البطريركية
بعد دخول الفرنسيين كان الوحيد الذي ودع الملك فيصل في محطة القدم فبكى فيصل لما قال له البطريرك ان هذه اليد التي بايعتك ستبقى وفية لك الى الأبد فحاول فيصل تقبيلها لكن البطريرك سحب يده وقبله في جبينه.
مات في عام 1928 جرى تشييع جثمانه من بيروت إلى دمشق، فاستقبلت الحكومة السورية جثمانه على الحدود بإطلاق مئة طلقة من المدفعية تحية له، فيما كانت الجماهير تصرخ: “مات أبو الفقير، بطريرك النصارى وإمام المسلمين، نزلت بالعرب الكارثة العظمى” وأرسل الملك فيصل من بغداد إلى دمشق مئة فارس على الخيل ليشتركوا في التشييع، كما يُروى أن الجثمان عندما وصل إلى ساحة الشهداء في بيروت شرع أحد التجار المسلمين يرش الملبس على الطريق أمام الجثمان قائلاً : “إن هذا القديس قد أعالني أنا وعائلتي طيلة الحرب العالمية الأولى”.
كما شارك في الجنازة عدد كبير من شيوخ المسلمين ، وقد قيل إن المسلمين أرادوا الصلاة عليه في الجامع الأموي الكبير
كما شارك خمسون ألف مسلم دمشقي في جنازته وأسموه محمد غريغوريوس.
غريغوريوس الرابع لقبته الجماهيربـ أبو الفقراء. ..نقل جسده عبر بيروت الى دمشق، وقد ووري جسد البطريرك في مدافن البطاركة أمام الكاتدرائية المريمية.
إضافة تعليق جديد