توتر مصري ـ إسرائيلي يخـرج إلـى العلـن
خرج التوتر في العلاقات بين إسرائيل والحكومة المصرية من السر إلى العلن بعد عرض فيلم «روح شاكيد» الذي يتناول سيرة وحدة خاصة إسرائيلية شاركت في قتل أسرى مصريين في حرب حزيران .1967
وقد ألغى مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان لقاء كان مقرراً مع رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد. وجاء هذا الإلغاء بعد وقت قصير أيضا من إلغاء زيارة كانت مقررة لوزير البنى التحتية الإسرائيلية بنيامين بن أليعزر الذي كان قائدا لوحدة «شاكيد» أثناء حرب حزيران.
ويبدو أن ردود الفعل من جانب وسائل الإعلام المصرية على ما عرضه الفيلم دفع بالعديد من النواب والسياسيين المصريين إلى إطلاق مواقف متشددة ضد إسرائيل، حيث طالب بعضهم بطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة بل قطع العلاقات مع الدولة العبرية.
فقد دعت اللجنة المشتركة من لجان الشؤون العربية والعلاقات الخارجية وحقوق الانسان في مجلس الشعب المصري إلى مراجعة «كل العلاقات الاقتصادية والاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، اذا لم تحاسب الاخيرة وتعاقب مرتكبي جرائم قتل الاسرى المصريين إبان حرب عام 1967».
وبخلاف حالات مشابهة في الماضي، عمدت أوساط رسمية مصرية إلى التفاعل مع هذا الحدث، حيث قامت وزارة الخارجية المصرية باستدعاء السفير الإسرائيلي لدى القاهرة طالبة منه إيضاحات حول الموضوع، كما دعت سفارتها في تل أبيب الى إعداد ملف عن الفيلم يتضمن جميع المعلومات المتوافرة بقصد تكوين موقف، فيما لم يستبعد مصدر رسمي مصري احتمال اللجوء إلى المحافل الدولية.
وتحدثت بعض المصادر عن أن هناك أجواء مصرية تطالب بعرض القضية على المحكمة الدولية، خصوصاً أن جرائم قتل الأسرى لا يسري عليها مبدأ التقادم.
وكان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قد طلب، على هامش لقاء أوروبي في بروكسل، من وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني فتح تحقيق بشأن قتل الأسرى المصريين وإبلاغ مصر بالنتائج. وقال أبو الغيط إن «مصر ستدرس موقف إسرائيل خلال الأيام القريبة، وفي ضوء هذا الموقف ستواجه الأمر في منظوره الإقليمي والدولي والقانوني إذا لم تتصرف إسرائيل».
من جهتها، أبلغت ليفني الوزير المصري بأن «إسرائيل مستاءة من قيام جهات مصرية باستخدام الفيلم بشكل خاطئ وتضليلي، من دون أية دراسة أو صلة بالواقع، من أجل تخريب العلاقات بين الدولتين»، وطلبت من نظرائها الغربيين المساهمة في تهدئة خواطر القيادة المصرية بعد نشر الفيلم.
ورغم أن الفيلم يتحدث بوضوح عن قتل جنود مصريين غير مسلحين وقعوا تحت رحمة القوات الإسرائيلية ومن دون أن يشكلوا خطراً عليها، شددت ليفني على أنه «لا يتحدث عن قتل أسرى حرب، وإنما عن قتلى أثناء المعارك»، معلنة موافقتها على إرسال نسخة منه لوزير الخارجية المصري.
ومن الواضح أن إلغاء اللقاءات بين مسؤولين إسرائيليين ومصريين يعرقل سير العديد من القضايا بين الطرفين، بينها المداولات لتبادل الأسرى مع حماس. ومعروف أن هناك علاقات تنسيقية أمنية بين الطرفين تتعلق أساسا بالحدود يجري التباحث بشأنها في أوقات منتظمة.
وتبدي إسرائيل نوعاً من الحساسية لأي توتر في العلاقات الأمنية مع المصريين بسبب الضرر الذي قد ينتج عن ذلك، خاصة أن الموقف المصري يدخل في باب «المناخ الاستراتيجي» بالنسبة لإسرائيل.
ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن رئيس الوفد الأمني المصري إلى غزة اللواء برهان حماد، ولواء آخر في المخابرات العامة المصرية خرجا في بداية الأسبوع الحالي في إجازة لسبعة أيام في مصر. وبتقدير مصادر ذات صلة بقضية الجندي جلعاد شاليت، فإن خروج اللواء برهان في إجازة، يدل على المهلة التي يتخذها المصريون في الاتصالات التي يجرونها لتحرير الجندي المخطوف.
ويبدو أن التوتر بين إسرائيل ومصر لم يقف عند حدود مسألة تاريخية كقتل مئات الأسرى في حربي 1956 و1967 وإنما صار قضية حاضرة أيضا. إذ علاوة على عمليات التجسس التي تكتشفها المخابرات المصرية، هناك قضية تتعلق بمواد مشبوهة وصلت إلى السفارة الإسرائيلية في القاهرة.
وقد نشر موقع صحيفة «معاريف» على شبكة الإنترنت أن السلطات المصرية تتهم إسرائيل بمحاولة إدخال مواد نووية مشعة إلى مصر تحت ستار إدخال مواد بناء. وقالت «معاريف» إن المصريين يزعمون أنهم أحبطوا النوايا الإسرائيلية لإدخال شاحنة تحمل هذه المواد وهم يتهمون إسرائيل بأعمال تمس العلاقات بين الدولتين.
ونقل الموقع عن مصدر سياسي اسرائيلي قوله إن «سفارتنا في القاهرة تقوم بأعمال الترميم. وجهاز الأمن يحظر على وزارة الخارجية شراء مواد البناء من مصر لأسباب أمنية، ويلزم بجلب مواد البناء من إسرائيل فقط. ولكن المصريين قرروا بأن الشاحنات محملة بسلاح غير تقليدي».
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل زودت مصر في الأسابيع الأخيرة بوثائق عديدة، بينها تقرير للجنة الطاقة الذرية أكدت فيه أن الشاحنة التي أوقفت على الحدود لم تحمل موادّ مشعة أو أسلحة، موضحة أنّ المصريين رفضوا الاقتناع، فيما يخشى الجانب الإسرائيلي من أن قضية كهذه من شأنها أنّ تتسبب بأزمة دبلوماسية مع المصريين.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد